نشر الكاتب رايدر فيشر تحليلا عن الوضع الراهن في العراق وافاقه المستقبلية وما سوف تؤول اليه العملية السياسية في ظل التداعيات الرهنة التي تغلب عليها التخدنقات الطائفية وفي مايلي نص التحليل الذي وضع له فيشر عنوان “شاك هاغل: العراق وسياسة اوباما الخارجية”:
لم يكن هناك افتقاد لاصوات منتقدة فيما يتعلق بتسمية شاك هاغل كوزير للدفاع الاميركي. والاعتراضات ضد التسمية ترواحت من اتهامات بالخوف الى عرض بانه “مرن” حيال ايران ويفتقد “الالتزام” حيال اسرائيل .
واحدى الحجج ضد هاغل والتي لن تستعمل في جلسة الاستماع في الكونغرس ولكنها بالرغم من ذلك جديرة بالاشارة بالاهتمام هي وجهات نظره حول العراق وبصورة خاصة كما تم التعبير عنها اثناء النقاش حول سياسة بوش في “زيادة” القوات الاميركية في بداية 2007. ولعل البعض سيستخدم هذه الاشارة للتحجج بان هاغل كان ضد هذه الزيادة الناجحة للقوات الاميركية. ومثل وجهة النظر هذه تبالغ باهمية زيادة القوات باعتبارها عاملا مستقلا وراء المناخ السياسي المعقول الذي ساد باختصار في العراق بين نيسان 2008 ونيسان 2009 وليس حقيقة حجة ذات معنى ضد ترشيحه. ولكن هناك حجة عميقة اخرى تتعلق لموقف هاغل حول السياسات العراقية والتي برزت الى المقدمة في تلك النقاشات المكروهة في بداية سنة 2007. ففي اجتماع للجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الاميركي في 12 كانون الثاني 2007 جادل هاغل قائلا “نحن في حرب اهلية وهذا عنف طائفي خارج السيطرة عراقي ضد عراقي والاسوأهو انه عنف طائفي داخلي الشيعي يقتل الشيعي”. وربما قال او قصد هاغل القول بانه “طائفي متداخل”. وعلى كل حال فقد كانت وجهة نظره واضحة جدا هناك يفترض وجود حالة طبيعية للامور في السياسات العراقية تتضمن نزاعا طائفيا لانهاية له. السنة يقتلون الشيعة كان امرا “طبيعيا” بالنسبة لـ هاغل. وحينما بدأ الشيعة بقتل الشيعة فان ذلك كان يعني بان الوضع اصبح “اسوأ ” غير طبيعي وخارج عن السيطرة. وهذا المقطع الصغير عن وجهة النظر العراقية المبسطة قد ربما تاتي الى المقاطعة باعتبارها غير مضرة باغلبية القادة الاميركيين حيال شؤون الشرق الاوسط . وفي الحقيقة، ليس هناك امر فيه اشكالية بصورة خاصة في ما قاله هاغل حتى مع انه يصيغ الرسالة في اسلوب قطعي الوضوح اكثر من الاخرين . ويفضل العديد من المحللين الاميركيين لرؤية العراق بكونه ساحة اقتتال داخلي بين الشيعة والسنة، ويفترضون العودة بقرون الى الوراء من الزمن .واليوم وبالطبع، سوف يزعم البعض بان الوضع الحالي في العراق والمنطقة يثبت ان هاغل كان على حق في سنة 2007. الا يقاتل الشيعة السنة اكثر من قبل، الا يطالب السنة باقليمهم الفدرالي في العراق واليس حتى ان ذلك بعد اقليمي قاطع مع تركيا خليفة الدولة العثمانية وترعى سنة العراق وسورية وتفعل ايران الصفوية الشيء نفسه فيما يتعلق بالشيعة العراقيين والعلويين السوريين ؟
وهذه النقطة هي بالرغم بان هذا الوضع اليوم لايعكس تدهورا متصلا باستمرار للامور في العراق منذ الوقت الذي ابدى فيه هاغل تصريحه في 2007 والى اليوم . وما اعقب تلك الحقبة، فالثناء هو لزيادة القوات الاميركية وزيادة رفض العديد من السياسيين العراقيين للدستور الذي وضع بصورة متلهفة في سنة 2005، وساد مناخ سياسي اكثر اعتدالا في سنة 2008 واثناء الانتخابات المحلية في سنة 2009. وبشكل حاسم وبعد ان ساد المناخ الطائفي اثناء الحرب الاهلية في مثل ظروف سنتي 2006 و2007 فان اجواء السياسات العراقية تحسنت تماما اثناء سنة 2008 لكي تشجع رئيس الوزراء نوري المالكي لخوض الانتخابات في قائمة انتخابية منفصلة في الانتخابات المحلية في كانون الثاني 2009، تماما بالرغم من الرغبة الايرانية المعلنة برؤية وحدة طائفية شيعية كبرى . وقبل الانتخابات البرلمانية في 2010، حاول المالكي القيام بالشيء نفسه . ولكن حينما بادرت ادارة اوباما للبدء بمبادرات مع ايران في ربيع 2009 بادلتها ايران بالتأكيد بانها حتى اقوى في السياسات العراقية،دافعة بأجتثاث البعث الى قمة الاجندة وبالعودة تدريجيا الى الوحدة الطائفية . وبصورة عرضية في الانتخابات المحلية العراقية المقبلة في 20 نيسان 2013، وبخلاف سنة 2009 سوف يخوض المالكي بأئتلاف شيعي كبير في معظم المحافظات ومع جميع الائتلافات الشيعية في مناطق يكون الشيعة فيها اقلية وتماما بتطابق مع الافضليات الايرانية حول جبهات شيعية موحدة.
ادارة اوباما مع العديد من الاشخاص الذين يشاطرون وجهة نظر هاغل ربما حتى لم يروا ذلك التحول الطائفي كشذوذ حقيقي . وهذا بالطبع ليس للقول بان النفوذ الاميركي في العراق قبل 2009 كان متواضعا بصورة خاصة او ان الادارة الدقيقة لادارة بوش رقدت على اسس معرفية بمستوى رفيع . ولكنها تعني محيطا محوريا للشيعة العراقيين والذي اختفى حقيقة اثناء ادارة اوباما . وتبدو ايران اليوم اللعبة الوحيدة في المدينة – ويبدو اوباما يفكر بان ذلك حالة طبيعية للامور. وربما يرى اوباما ايضا بعض بض مخارج الاحتمالات في هيمنة ايران على العراق ؟ من الصعب جدا تجنب تأمل فيما اذا كان الاذعان بوجه زيادة الطائفية يكون حقيقة شيئا مثل الجزرة المتدلية في جبهة العراق،ليس بخلاف نظرية المؤامرة في الصحافة العربية في التنازل عن العراق لايران مقابل ملف ايران النووي. وفي هذه الايام فان النفط الاميركي في العراق ومنها شيفرون التي عمل فيها هاغل تصادف ان عمل في مجال المديرين، تبدو انها تهاجر نحو الشمال الى المناطق الكردية والتي هي تحت النفوذ التركي القريبة بوضوح مع ايران التي انضم لها هاغل كجزء من مجهود كبير لتحرر الولايات المتحدة من الشرق الاوسط، هي في حد ذاتها ليست امرا سيئا . ولكن قد يبقى من الممكن بانتقاد الطبيعة المحدة لمثل هذه الخطوات. ولأستخدام العراق كقطعة مساومة مع ايران هو ببساطة شيء اكثر قليلا من تاريخي عما يدركه اوباما، وكنتيجة لذلك، ربما اقل قابلية للاستمرار عبر الوقت. وتاريخيا وبالرغم من التعاون بين ايران والاحزاب الاسلامية العراقية منذ الثمانينات فالشيعة العراقيون قد اتجهوا لمقاومة الهيمنة الايرانية. والاختلاف يقبع حيث يضع هاغل واصدقاءه الطائفية كدعامة مهيمنة بصورة دائمة في السياسات العراقية ويظهر التاريخ العراقي نموذجا سريع الاهتياج الى حد بعيد في تراجع اهمية الطائفية في غياب التدخل الخارجي او عدم الاستقرار الاقليمي. ولم يكن هناك الكثير في طريق العنف الطائفي اثناء القرون العديدة من الحكم العثماني او اثناء حقبة الحكم الملكي العراقي .
هل من المستحسن اغراء التوجهات الشيعية في العراق فقط من اجل التبسيط ؟ الى حد بعيد، وبدون المضي بشأن الموضوع النووي فان ايران اخذت فقط الفرصة لتقوية قبضتها على العراق وسورية. وبالتقرب الى الازمة السورية بحسب وجهة نظر هاغل فبدورها يتضح كيف ان فعل تلوين المنطقة برمتها وحتى دول بالطائفية يعني بصورة حتمية الرضوخ في كنف اكثر القوى الطائفية تطرفا في المنطقة .وسورية في نظر هاغل هي يفترض انها “سنية” كما العراق “شيعي” وفي وجهة النظر المبسطة هذه، فان جميع سنة سورية يعارضون بأخلاص الاسد والعلويون فقط (وربما المسيحيون) يدعمونه. وبالطبع وتماما كما في العراق، فان التاريخ اكثر تعقيدا. واي انسان يعرف التاريخ السوري يعرف بان “سنة” حلب يملكون حركية مختلفة تماما عن “سنة” دمشق. وفي الحقيقة اذا امكن ان تتقلص السياسات السورية الى معركة طائفية فان دمشق ربما كانت ستسقط منذ مدة طويلة.
انها مقاربات مبسطة كتلك التي يملكها شاك هاغل والتي تساعد في ايرادها حول الوضع حيث يقاتل الغرب القاعدة في مالي ويساعدها ضمنيا في سورية. وسوف ينضم هاغل الى عدد متزايد من الاشخاص من مثل هذه المقاربات المبسطة في الشرق الاوسط في ادارة اوباما . ووفقا لـ هاغل “من الطبيعي بالنسبة للسنة قتل الشيعة ” وهاغل في وزارة الدفاع، ولدينا جون كيري كوزير للخارجية يقول “انهم يحاربون بعضهم البعض منذ قرون، وجو بيدن نائب الرئيس يقول “تخميني انه سيكون هناك ثلاثة دول” ومع صناع سياسة مثل هؤلاء، قد يكون هناك الكثير من حالات بنغازي مقبلة .