في الظروف الإستثنائية التي تمر بها البلاد غالبا ما يخرج رجال الدين عن صمتهم ويكونوا صدى للشعب المقهور والمظلوم سواء في المحافل الوطنية والددولية، وبعدها يرجعوا الى صومعاتهم متفرغين للعبادة والأمور الدينية، اي إنهم لا يمارسون عملا سياسيا وإنما يمكن إعتباره واجبا شرعيا يستلزم التدخل من أجل حماية الشعب ومصالحهم، وهذا ما جرى في تصريح سماحة البطريرك الماروني (مار بشارة بطرس الراعي)، ففي الوقت الذي إستقال فيه ثلاثة نواب من حزب الكتائب والنائبة المستقلة (بولا يعقوبيان) ونائب آخر، علاوة على وزير الخارجية ( نصيف حتي) ووزير الأعلام ( منال عبد الصمد) وسيليهما (دميانوس قطار) وزير البيئة الذي صرح بذلك أثر تفجير مرفأ بيروت الذي يخضع الى سيطرة حزب الله، والذي راح ضحيته (158) شهيدا و(6000) جريحا و عشرات المفقودين علاوة على تشريد (300000) لبناني بلا مأوى. وربما ستزداد عدد الإستقالات حسب توقعات المراقبين بإستثناء أعضاء حزب الله الأمونويومي وحليفه نبيه بري النترات رئيس البرلمان والرئيس الكارتوني (ميشال عون) لا أعانه الله، وصهره الرقيع باسيل جبران، فقد تبين ان هذا (العون) خلال المؤتمر الصحفي الأخير قد إستفحل عنده الزهايمر، وعلى قول الفنان عادل إمام (مش قادر يجمع)، ومن لا يصدق ليرجع الى المؤتمر المذكور، ويرى مهزلة هذا المرتجف المذعور كأنه فأر يواجه قط وليس اعلاميين. فهؤلاء الأمعات لا يمكنهم التنازل عند رغبة الشعب اللبناني الجريح بالإستقالة، لأن الإمتيازات هو همهم الأول والأخير. على الرغم من أهمية هذه الإستقالات لكن سماحة الراعي كان واضحا في رؤيته الثاقبة وتعبر عن رأي صائب بقوله (لا تكفي استقالة نائب من هنا ووزير من هناك، بل يجب استقالة الحكومة برمتها، إذ باتت عاجزةً عن النهوض بالبلاد، كذلك إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بدلا من مجلس بات عاطلا عن عمله). وبعد أن أفتى الرئيس اللبناني العاجز والكسيح عن عدم الحاجة الى تحقيق دولي لتتم التغطية على الجهة التي تقف وراء التفجير أي حزب الله، وعاضده وزير الداخلية، في معارضة مقصودة لرغبة الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) ومعظم الشعب اللبناني. صرح سماحة الراعي (بضرورة استقالة الحكومة اللبنانية وإجراء تحقيق دولي على خلفية الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة)، مؤكدا (أن هذا الانفجار يعد جريمة ضد الإنسانية، و ضرورة الاستعانة بفريق تحقيق دولي لكشف الحقيقة الكاملة). فالراعي على ثقة تامة بأن لجنة تحقيق الحكومة ستجري وراء صيد الأسماك الصغيرة وتترك الحيتان الكبيرة حرة طليقة، في ضوء تسييس القضاء. كما أن الرئيس الكسيح ومن يقف خلفه من ذيول ايران يخشوا فعلا التحقيق الدولي لأنه سيكشف الحقيقة كاملة الى اللبنانيين، ويبين المتورطين في التفجير، وهم يرغبون بتحويل اللائمة على الغير. وأثنى سماحة الراعي (عمل المؤسسات والجمعيات الأهلية والشباب اللبناني من مختلف المناطق في التطوع لمساعدة العائلات المنكوبة والجرحى) كان موقفا رائعا يعبر عن الشعور بالمسؤولية والتكاتف مع الشعب اللبناني المفجوع بما آلت اليه الأحوال تحت حكم حزب الله ورعاية الولي السفيه الخامنئي. إن نصب المشانق من قبل الثوار وهي تشنق المتهمين بالتفجير والإهمال في مجسمات لـ (حسن نصر الله) و(ميشال عون) و( نبيه بري) وربما ينضم اليهم (جبران باسيل) إنما هو أقل بكثير مما يستحقونه هؤلاء المجرمين عن جرائمهم الكثيرة ضد الشعب اللبناني المنكوب بقيادة حقيرة، ومجلس نواب أحقر منها. عندما خرج نصر الله مبتسما وهو ينتقد الرئيس الأمريكي ترامب عندما اعتبر ان التفجير مقصود وليس نتيجة الإهمال، قلنا جميعا عن أي شيء يبتسم هذا الذيل المعمم السافل؟ هل هذا موقف يستدعي الإبتسام أم البكاء؟ لقد ذرفت دموعا سخية يا وقح على المقبور سليماني، والآن تبتسم وأنت ترى الفاجعة التي حلت باللبنانيين بسببك!! لكن لا عجب فهذا حال العملاء والخونة الذين يبيعون شرفهم وضميرهم للأجنبي. ولكن أين موقف الخامنئي من لبنان أو منك يا نصر الله؟ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي إنتقدته يا حسن الشاطر يا أكبر عاهر، أعلن أنه سيشارك في مؤامر المانحين لمساعدة لبنان برعاية الرئيس الفرنسي، وقال ان “الجميع يريدون تقديم المساعدة”، وأوضحت الاليزيه أن اسرائيل ” لن تحضر” المناقشات في هذا المؤتمر، لك”الأمم المتحدة تجري معها اتصالا” اما المفاجأة فهي ” أن إيران لم تبدِ رغبة في المشاركة، لكن تم توجيه دعوة إلى دول الخليج وهي ستتمثل في الاجتماع”. هذا هو موقف إلهك الشيطان الأصغر يا نصر الله من لبنان! ما يلفت النظر في موقف سماحة الراعي عندما نقارنه بموقف المرجع الشيعي علي السيستاني سيتبين البون الشاسع بينهما. ان خسائر ثورة إكتوبر السلمية في العراق تمخضت عن أربعة أضعاف شهداء لبنان، والجرحى خمسة اضعاف جرحى لبنان، ولكن المرجع لم يصدر فتوى تمنع الفتك بالمتظاهرين ولا طالب بإستقالة رئيس الحكومة وحكومته الفاسدة، ولا حمل ميليشيات الحشد الشعبي مسؤولية قنص وإغتيال واختطاف الناشطين، ولا حلٌ مجلس النواب واجراء إنتخابات مبكرة، علما ان تدخل السيستاني في سياسة العراق رغم انه أجنبي لا تكاد تقارن بسماحة الراعي، فهو بحق يتزعم ولايه الفقيه في العراق، وفتواه تمضخت عن ولادة الحرس الثوري العراقي (الحشد الشعبي).