عدنان حسين
لم يكن اكتشافاً عبقرياً القول بان وجود السلاح خارج الدولة، بأية صيغة كانت وفي أي وقت ولأي غرض، إنما يؤدي حكماً الى إضعاف الدولة وانتشار الفوضى وزعزعة السلم الأهلي والإخلال بالأمن الاجتماعي والأمن الوطني والنظام العام، فالتاريخ مشحون بالأمثلة والشواهد.
في البصرة الآن وضع أمني مقلق للغاية بسبب وجود السلاح، بما فيه الثقيل، في أيدي العشائر، فأحدث تقرير يفيد بان عشائر في شمال البصرة يفوق تسليحها ما تملكه الشرطة والجيش في المحافظة كلها (المدى – الأحد). ويُلفت التقرير الى ان الحكومة المحلية تجد صعوبة بالغة في جمع تلك الأسلحة لنقص في قوات الجيش المنشغلة بالحرب ضد داعش.
وتستخدم هذه العشائر الهاونات وسواها من الأسلحة المتوسطة والثقيلة لفضّ نزاعاتها “التي تعود أحياناً لأسباب بسيطة، كخلاف على عائدية سيارة أو تحويل مجاري البزول أو حتى على قضايا الزواج والطلاق”!
الوضع المتفاقم في البصرة دفع بالحكومة الى الإعلان على لسان وزير الدفاع خالد العبيدي عن انها يُمكن أن تجد نفسها مضطرة لإخلاء محافظة البصرة من السلاح. وهي بالطبع تفعل خيراً إن أقدمت على خطوة كهذه في البصرة وسائر المحافظات، فلا ينبغي في هذه الحقبة المصيرية بالذات التي تتواجه فيها الدولة في حرب ضروس مع الإرهاب أن يُسمَح بإطلاق إطلاقة واحدة في اتجاه آخر. القوات المقاتلة في صلاح الدين والانبار وكركوك ونينوى تعاني من نقص في المعدات والذخيرة، والأولى أن يجري إمداد هذه القوات بالأسلحة والذخيرة التي تتقاتل بها العشائر.
وفي هذا الإطار تنشأ الحاجة أيضاً الى ربط قوات الحشد الشعبي ربطاً محكماً بالدولة لضمان السيطرة عليها والتزامها بقواعد القتال، وبينها مراعاة حياة المدنيين وحقوق الإنسان، وعدم تفشي الظواهر السلبية في صفوفها، وهو ما انتقدته علناً غير مرة جهات عدة، أولها الحكومة والمرجعية الدينية في النجف.
آخر ما سمعناه على هذا الصعيد ما صرح به أمس القيادي في الحشد الشعبي كاظم الخزرجي عن وجود “مئات الفضائيين” في الحشد الشعبي في قضاء الدجيل، جنوبي تكريت، مطالباً القائد العام للقوات المسلحة وهيئة الحشد الشعبي بالتحقيق في هذه القضية (السومرية نيوز).
السيد الخزرجي عزا الأمر الى “وجود بعض الفاسدين المسؤولين عن ملف الحشد”.
وبالطبع فان ما موجود في الدجيل لابدّ أن يكون موجوداً في غيرها، ولكن لم يتوفر حتى الآن من هو بشجاعة السيد الخزرجي ليكشف عن هذه الممارسة التي تُسيء للحشد الشعبي وللحرب الوطنية ضد الإرهاب.
المعلومات المنشورة في الأيام الأخيرة تُفيد بان القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، يتجه لجعل قوات الحشد الشعبي تحت إشرافه وبإمرته، وهو يعمل خيراً إن فعل ذلك، فلا ينبغي أبداً أن يظل أي سلاح بعيداً عن أيدي الدولة وأعينها.