عدنان حسين
كأننا أحرزنا النصر المبين في تكريت وسائر مناطق محافظة صلاح الدين، بل كأننا حرّرنا أيضاً الرمادي والموصل وكل شبر من أراضينا التي يحتلها داعش منذ عشرة أشهر، وهي تزيد في مساحتها عن ربع مساحة البلاد.
كأننا أيضاً قد أمّنّا الحدود كلها، واستعدنا الأسرى والسبايا من التنظيم الإرهابي، وعمّرنا القرى والبلدات والمدن والمنشآت المدمرة وأعدنا النازحين الى ديارهم.
نقاشنا العام ومجادلاتنا ومناكفاتنا، في الأوساط السياسية والإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تكاد أن تفقد البوصلة وتأخذ اتجاهاً معاكساً.. اليمن صار موضوعنا الأول أو يراد له أن يكون كذلك .. الشعار المطروح الآن في بعض هذه الأوساط: كل شيء من أجل المعركة في اليمن!
اليمن بلد شقيق .. نعم، ونريد له أن يكون سعيداً، لكن لدينا من الهمّ والغمّ ما يكفينا وأكثر وما يُمكن أن يغمر قارة كاملة.. الحرب في اليمن ليست حربنا والمعارك الدائرة في اليمن ليست معاركنا، وبعضنا يريد للوضع هناك أن يتقدم في الأهمية والاهتمام على الأوضاع في بلادنا.. أوضاع الاحتلال الداعشي وأوضاع الطبقة السياسية الفاشلة التي تدير بلاداً عظيمة كالعراق فيما هي لا طاقة لها ولا قدرة على إدارة قطيع صغير من الغنم أو البقر، والإثنتا عشرة سنة المنصرمة تشهد شهادة واضحة وصريحة وقاطعة بهذا.
دولتنا، أو أطراف فيها، كان يمكنها أن تلعب دوراً ايجابياً في ما يتعلق بالأزمة اليمنية منذ البداية.. كان يمكنها التحرك باتجاه الحوثيين لإفهامهم بان تحركهم العسكري ضد دولتهم خاطئ ويجب العودة عنه. القبول بما قام به الحوثيون من انقلاب عسكري على السلطة المنتخبة في بلادهم والدفاع عنه يبرّر لداعش وسواها من المنظمات الإرهابية احتلالها لمدننا وأراضينا وللجرائم السافرة التي ارتكبتها.
كون الحوثيين فرقة شيعية لا يبرر وقوف دولتنا أو أي طرف شيعي معهم، مثلما كون داعش سنياً لا يبرر لأي سني الوقوف معه والدفاع عنه، خصوصاً وان الحوثيين متحالفون مع “صدام الصغير”، وهو الدكتاتور اليمني السابق علي عبد الله صالح حليف صدام وتلميذه، والذي ثار ضده الشعب اليمني وأزاحه عن السلطة عنوة.
فضلاً عن هذا فإن حربنا الصعبة مع داعش تتطلب حشد كل القوى الداخلية والإقليمية والدولية كيما تقف معنا وتساندنا وتدعمنا.. سنوات طويلة سعينا الى إقناع الدول العربية بخطر التهاون حيال الوضع في بلادنا، وقد نجحنا أخيراً في تشكيل تحالف دولي لمحاربة داعش، فلماذا يتعيّن علينا التفريط به من أجل اليمن؟
في النهاية اليمنيون سيتوصلون الى حلّ لمشكلتهم الداخلية، والتدخل العسكري الخليجي يمكن له أن يساعد في هذا، لكن دخولنا على خط اليمن لا يساعدنا في الخلاص من داعش.