عمر الجميلي
لاتزال تفاصيل المبادرة التي كشف عنها رئيس الوزراء نوري المالكي بشأن حسم الازمة في محافظة الانبار يكتنفها الغموض .وتتحاشى الادارة المحلية في الانبار البوح بتفاصيلها خشية فشلها.وكشف المالكي يوم الاربعاء الماضي عن مبادرة قال فيها ان الادارة المحلية في الانبار تبنتها لانهاء الازمة الامنية في المحافظة، واعلن عن دعمه المطلق لها، من دون التطرق الى تفاصيل المبادرة. وتخشى الادارة المحلية في الانبار الاعلان عن تفاصيل المبادرة او خطوطها العامة بحجة عدم اكتمالها لغاية الان والخشية من فشلها فيما لو اعلنت تفاصيلها الجزئية، لكن الدكتور صالح المطلك بشجاعته وصراحته المعروفة كشف ان حل ازمة الانبار لاتحتاج الى لقاءات سرية ومحاضر اجتماعات مغلقة . حلها يكمن في تحقيق مطالب المعتصمين ورفع الحيف والظلم وعمليات التهميش والاقصاء ووقف الاعتقالات العشوائية واطلاق سراح الابرياء . جاء كلام المطلك هذا في لقائه الاخير مع الزميل نجم الربيعي ضمن برنامج “حوار عراقي” يوم السبت الماضي . واكد المطلك اسبقية الحل الان هو وقف العمليات العسكرية لان زج الجيش لاقتحام المدن تحت عنوان “محاربة الإرهاب” هو”خطيئة كبرى”، فيما دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعشائر الفلوجة التي خرجت عن سلطة الحكومة إلى طرد ‘الإرهابيين’ لتجنيب المدينة عملية عسكرية مرتقبة، ومطالبة المطلك بالحل السياسي هو ضرورة وطنية ملحة تؤمن لغة الحوار وتقلل من سعة الخلاف،واضاف المطلك ان رئيس الوزراء قد ورط من قبل كتلة متحدون في الانبار لان متحدون لديها مشروع هو “الاقليم السني” الذي نرفضه وهو احد اسباب الخلاف بيننا ، ودعوة المطلك هذه هي لحقن دماء الابرياء وتحقيق الامن والاستقرار في المناطق الغربية ، بالمقابل صُنفت العمليات العسكرية في الانبار من قبل خبراء بانها نوع من انواع «حرب الاستنزاف»، تسير حسب تصريح القيادي في حزب الدعوة حسن السّنيد في اتجاه «الضرب بيد من حديد» على أوكار «القاعديون».وبلغة أكثر حدة، يقول النائب المقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي، انه «لا حل لازمة الانبار غير التدخل العسكري»، مشددا على ان «أي مُبادرة تُطلق في هذا الشان بمثابة فك الحصار عن القاعدة». ويضيف: «القاعدة لا يمكن الاتفاق معها سياسيا أبدا»، مؤكدا انه «لا توجد أزمة سياسية في الانبار، ولم نختلف مع المكون السُني والحكومة المحلية هناك، وانما مختلفون مع القاعدة وسنطرق رأسها بمطارق جديدة من حديد وبارود ونار».تصريحات السنيد ليست وحدها التي تدل على استمرارية العمليات العسكرية وفق نهج «حسم المعركة» ضد أتباع «الفكر التكفيري» ومن يؤويهم في مدن الانبار، كما هو مأمول من قبل المالكي وغيره من القيادات العسكرية والسياسية .هذه “الحماسة ” والاندفاع العسكري، ستسبب الكثير من الخسائر البشرية وهدر المال العام واتساع فجوة الخلاف .ومما تقدم، يتضح ان هذه الأزمة تسير في خطين متعاكسين، احدهما يدعو الى مواصلة القتال وتحقيق «النصر على التكفيريين ومن والاهم »، والآخر يدعو الى التهدئة وايجاد حلول سياسية لحل الازمة .من هنا جاء كلام الدكتور صالح المطلك متزامنا مع مبادرات تقدمت بها عدة جهات عراقية يمكن لها ان توصل الى خيار مقبول يُنهي «التأزم» الأمني والسياسي الذي نشب في البلاد جراء تداعيات أحداث الانبار، وفي حال كُتب النجاح لهذه المبادرة الأخيرة، فان التحليلات التي صدحت بها حناجر بعض المعلقين السياسيين والاعلاميين وتوقعوا فيها بان يؤدي استمرار المواجهات المسلحة الى «عدم اجراء الانتخابات التشريعية في الانبار المزمع اجرائها في نيسان المقبل»، قد تذهب أدراج الرياح في ظل اصرار محلي ودولي على عدم استثناء الانبار من العملية الانتخابية المُنتظرة…تحرك المطلك واصراره على حل ازمة الانبار هو لانهاء الأزمة المستعصية وعلى وجّه الخصوص القتال الدائر هناك.واخيرا نقول ليست الانبار منكوبة لوحدها بل هناك محافظات اخرى ان لم نقل كل محافظات العراق لانها منكوبة بالظلم والباطل .فعندما يقول المطلك الحوار اساس الحل هو لابعاد شبح الاقتتال الداخلي وتقسيم العراق وفتح شهية الفاسدين لاعلان الفدراليات و تدمير العراق.اذن لابد بان نشد ايادينا جميعا ونوحد جهودنا من اجل حل ازمة الانبار وبناء مجتمع يسوده الامن والاستقرار.