مِثلما وصف رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعوة جنوب إفريقيا ضدَّ كيانه بارتكاب إبادة جماعيَّة للشَّعب الفلسطيني بأنَّها صرخة نفاق يصل إلى السَّماء من غير أن يدركَ أنَّ الجرائم، الَّتي ارتكبتها «إسرائيل» ضدَّ الشَّعب الفلسطيني، حان الوقت لرفع الستارة عَنْها لكشفِها وإطلاع الرأي العامِّ على تفاصيل مذهلة طاولت فلسطين شَعبًا وأرضًا ومستقبلًا ومقدَّسات.جنوب إفريقيا اتَّهمت «إسرائيل» أمام محكمة العدل الدوليَّة بانتهاك اتفاقيَّة منع جريمة الإبادة الجماعيَّة والمعاقبة عَلَيْها، معتبرةً أنَّ الهجوم الَّذي شنَّته حركة حماس في السَّابع من أكتوبر لا يُمكِن أن يبررَ ما ترتكبه في قِطاع غزَّة.والمفارقة المضحكة أن (النتن ياهو) في معرض ردِّه على مبادرة جنوب إفريقيا قال: لا حرب عادلة وأخلاقيَّة مِثل حربنا على غزَّة، في محاولة للتنصُّل من مسؤوليَّة الجرائم الَّتي ترتكبها قوَّاته والإفلات من العقاب بدعمٍ من أميركا الَّتي وفَّرت لكيانه الحماية والدَّعم إلى حدِّ وصف الرئيس الأميركي جو بايدن الاتِّهامات الَّتي وردت في لائحة الاتِّهام ضدَّ «إسرائيل» بأنَّها لا أساس لها من الصحَّة.
ومهما حاولت «إسرائيل» أن توهمَ المُجتمع الدولي أنَّها ضحيَّة حملة معادية، إلَّا أنَّ المعطيات تُشير إلى أنَّ أعمال الإبادة الجماعيَّة الَّتي ترتكبها «إسرائيل»، والتركيز على قتل المَدنيِّين الفلسطينيِّين، وإلحاق الأذى الجسدي الخطير بهم، وفرض ظروف لا يُمكِنها الحفاظ على الحياة، والهجمات العسكريَّة على نظام الرعاية الصحيَّة في غزَّة.وتكمن أهمِّية خطوة (جنوب إفريقيا) في محاسبة كيان الاحتلال في كون القضايا الَّتي ترفعها الدوَل ضدَّ الدوَل المُتَّهمة بانتهاك التزامات معاهدات الأُمم المُتَّحدة، تكُونُ عادةً (أحكام محكمة العدل الدوليَّة) فيها استشاريَّة؛ إلَّا في حالة (اتفاقيَّة منْع جريمة الإبادة الجماعيَّة والمعاقبة عَلَيْها) لسنة (1948م)، الَّتي تمنح المحكمة صلاحيَّة الفصل في النزاعات حَوْلَ المعاهدة، ويكُونُ الحُكم الصَّادر عَنْها نهائيًّا وغير قابل للطَّعن» انتهى الاقتباس.
وجريمة الإبادة الجماعيَّة ممتدَّة مكتملة المعطيات وواضحة المعالِم للعالَم أجمع في انتهاك واضح لاتفاقيَّة الإبادة الجماعيَّة، ودأب الكيان الصهيوني وما زال على التحريض على الإبادة الجماعيَّة.إنَّ مبادرة دَولة جنوب إفريقيا صحوة انطلقت من هذه الدَّولة الَّتي اكتوَتْ وعانَتْ من الإبادة الجماعيَّة والفصْل العنصري من كيان حاول ـ كما في الحالة الفلسطينيَّة ـ إنكار حقوق شَعب اغتُصبت أرضه واستُبيحت أرضه من دَولتَيْنِ؛ الأولى انتهت بانتصار تاريخي قاده نيلسون مانديلا، والثانية هي الأقرب لتحقيق حلم الدَّولة الفلسطينيَّة بإرادة مقاومة باسلة تُناضل منذ ثمانين عامًا لاقتلاع الاستيطان وإنهاء الاحتلال كما يجري في غزَّة من ملاحم بطوليَّة قلَّ نظيرها في عالَمنا الحالي. فالحرب العدوانية الَّتي تشنُّها «إسرائيل» على الشَّعب الفلسطيني في غزَّة هي حرب لا أخلاقيَّة ولا عادلة كما يحاول قلْبَ معانيها ودلالاتها رئيس حكومة الاحتلال (النتن ياهو) لأنَّ ما يجري في غزَّة من قتلٍ وتدميرٍ وتجريفٍ ومجازر يَندَى لها الجبين من فرط ما يحصل يوميًّا على أديم هذه المدينة الباسلة الَّتي ستبقى عصيَّة على آلة الحرب العدوانيَّة.