صواريخ إيران الباليستية لدى ميليشيا الحشد والحوثيين وعواقبها المزعزعة لأمن المنطقة
آخر تحديث:
بغداد/شبكة أخبار العراق- خلص تقرير أصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) البريطاني إلى أن إيران تعمل بشكل مستمر على تطوير صواريخها، للدخول في معارك سواء من قبلها أو شركائها الإقليميين. وقال المعهد في تقريره إن الصواريخ الباليستية الإيرانية وصواريخ كروز والطائرات بدون طيار لا تعمل فقط من أجل الردع. وفصّل التقرير ما يقرب من 20 صاروخا باليستيا مختلفا، وقال إن إيران حاليا يبدو أنها تلتزم بالمدى الذي فرضته على نفسها وهو ألفي كيلومتر، فأولويتها حاليا ليست المدى ولكن تحسين دقة هذه الصواريخ. ومن بين هذه الصواريخ “قيام -1” وهو نوع من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى (800 كيلو متر) مع رأس حربي قابل للفصل بوزن 500 كيلوغرام.
وتم تهريب مجموعة من هذه الصواريخ إلى الحوثيين الذين أطلقوا عليها اسم “بركان أتش 2” واستخدموها ضد المواقع السعودية. وجاء في دراسة أجراها مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، عام 2018، أن أوضح مثال على المساعدة الإيرانية المباشرة في أسلحة الحوثيين المتطورة هو الصاروخ الباليستي بركان 2-اتش متوسط المدى. وقال إن حطام 10 من صواريخ “بركان” يشير إلى أنه تم تهريبها إلى اليمن في صور أجزاء وتجميعها على أيدي فريق هندسي واحد تم العثور على “بصمة أسلوبه في اللحام خارج المصانع على كل الصواريخ”.
ويقول المعهد البريطاني في تقريره إنه تم استخدام نسخة معدلة من صواريخ “قيام” التي يبدو أنها تحتوي على مركبة عودة قابلة للمناورة (MaRV)، وهي نوع من الصواريخ الباليستية التي يكون رأسها الحربي قادرا على تتبع الأهداف الأرضية بشكل مستقل. وهذا النوع المعدل استخدمته إيران لتحسين دقة “قيام” في هجوم، يناير 2020، على قاعدة عين الأسد الجوية في العراق. وصاروخ “عماد” الذي قال مسؤولون إيرانيون إنه تم تجهيزه بصاروخ “MaRV” منفصل، يعكس بحسب التقرير جهود إيران في “تحسين دقة وقوة صواريخها متوسطة المدى”.
يشير التقرير أيضا إلى صواريخ “فاتح” قصيرة المدى التي أدخلت تحسينات على مداها ودقتها، ما يعكس أيضا “الخطوات المهمة التي حققتها إيران في مجال الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب والتي تحتاج إلى وقت أقصر بكثير لتحضيرها ويمكنها أن تتغلب على القيود التشغيلية والأداء لأنظمة الوقود السائل”. ويقول التقرير إن الصواريخ الإيرانية على المدى الطويل تركز على الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب، وقد نقلت إيران التكنولوجيا لصنع بعض أنظمة “فتح” إلى سوريا وجهات غير حكومية. من بين الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب أيضا “ذو الفقار” و”دزفول” و”الحاج قاسم” والتي تم تطويرها فقط خلال السنوات الأربع الماضية، ما يشير إلى “تركيز كبير على التطوير”.
وفي المستقبل المنظور، من المرجح أيضا أن تواصل إيران إعطاء الأولوية لتحسين الدقة على حساب زيادة قوتها الصاروخية إلى ما بعد 2000 كيلومتر. يقول التقرير إن لدى إيران ما لا يقل عن ثمانية من أنظمة الصواريخ الباليستية الحالية تتجاوز العتبة التي تشير إلى إمكانية استخدام الصاروخ في هجمات نووية. وهذه العتبة حددها “نظام تحكم تكنولوجيا القذائف (MTCR) وهو أن الصاروخ القادر على حمل شحنة متفجرة بوزن 500 كيلوغرام إلى مدى ما لا يقل عن 300 كيلومتر، يكون بطبيعته قادرا على إيصال رأس حربي له قدرة نووية”. وصواريخ “شهاب 1″ و”شهاب 2” قصيرة المدى تتجاوزان حدود نظام “MTCR”. فهما صمما على صواريخ “سكود بي”، القادرة على حمل أسلحة نووية. ويقول التقرير إن صاروخ “خرمشهر” متوسط المدى الإيراني من المحتمل أن يكون مصمما كذلك لإيصال أسلحة نووية، لأنه مشتق من تصميم كوري شمالي مخصص لحمل سلاح نووي.
يتتبع التقرير أيضا تطور “العقيدة” الصاروخية الإيرانية، والتي قال إنها تغيرت على مدار العقد الماضي، وذلك من الاعتماد فقط على معاقبة المهاجمين المحتملين من خلال ضرب المدن وغيرها من الأهداف عالية القيمة، إلى إعطاء الأولوية أيضا لتحسين الدقة للتمكن من منع أعدائها من تحقيق أغراضهم العسكرية. وعملت إيران على توسيع قدرتها على الهجوم في المنطقة من خلال التطوير المستمر وإدخال الطائرات بدون طيار المسلحة وصواريخ كروز.
وعلى سبيل المثال، استخدم صاروخ “قدس” الذي يبلغ مداه 700 كيلومتر لضرب حقل نفطي تابع لشركة أرامكو السعودية، في سبتمبر 2019. وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم ولكن من المحتمل أن تكون إيران قد خططت له ونفذته، وفقا للتقرير. تطور إيران أيضا مجموعة من الصواريخ القصيرة والمتوسطة وطويلة المدى المضادة للسفن، وقد زودت حزب الله منها بصاروخ “نصر” الذي يبلغ 35 كيلومتراً و”نور”، ومؤخرا زودت الحوثيين بهذه الصواريخ.
ويقول المعهد إنه رغم أن دعم إيران لبعض الجهات الإقليمية يعود إلى أوائل الثمانينيات، إلا أنه في العقدين الماضيين فقط بدأت في تزويدهم بمزيد من أنظمة الأسلحة الاستراتيجية، بما في ذلك صواريخ المدفعية الثقيلة والصواريخ الباليستية، وكذلك تكنولوجيا الإنتاج . ويفيد هذا الانتشار إيران بعدة طرق، هي مضاعفة قوتها، وزيادة قدرات الردع، واختبار الأنظمة والتكتيكات الميدانية، وتنفيذ الهجمات بدرجة من الإنكار. وتستخدم إيران أربع استراتيجيات تكميلية لتزويد حلفائها بالطائرات بدون طيار، وصواريخ المدفعية والصواريخ الباليستية، وهي: النقل المباشر، وتحديثات الصواريخ، ونقل قدرات الإنتاج، والتزويد عبر أطراف ثالثة.
ويقول التقرير إن “جهود انتشار الصواريخ الإيرانية لها عواقب مزعزعة للاستقرار في المنطقة”، ويشير إلى أنها مستعدة لنقل أنظمتها العسكرية واستخدامها في القتال من قبل الحلفاء، وتظهر طهران استعدادا أكبر لتحمل المخاطر، وهو ما يشير أيضا إلى أن برنامجها الصاروخي بشكل عام له طبيعة هجومية. ورغم أن القضايا النووية هي محور التركيز الحصري للمفاوضات بشأن استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، التي جرت في فيينا، لكن القوى الغربية حريصة على الانخراط في محادثات متابعة للتصدي للصواريخ الإيرانية وأنشطتها في المنطقة.
كان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد دعا في مقابلة سابقة إلى أهمية أن يكون هناك اتفاق “أطول وأقوى من الاتفاق الأصلي”، وكذلك “الانخراط في قضايا أخرى لم تكن جزءا من المفاوضات الأصلية وهي: برنامج الصواريخ الباليستية لإيران، وأعمالها المزعزعة للاستقرار في دولة تلو الأخرى”. وقال بلينكن، الثلاثاء13/4/2021، إن “المحادثات مستمرة في فيينا وأنه تم تحديد هدف مشترك لإيران وأميركا وهو العودة إلى الاتفاق النووي”، مضيفا أن “الالتزام المتبادل بالاتفاق النووي يكون منطلقا لتوسيع الاتفاق ليتناول البرنامج الصاروخي ونشاطات إيران الخبيثة في المنطقة وانتهاكها لحقوق الإنسان”.