بغداد/شبكة أخبار العراق- سعد الكناني…افرد البرنامج الحكومي مساحة واسعة لعملية تطوير القوات المسلحة، والأخذ بيدها في مواجهة التحديات والاستحقاقات المترتبة على دور القوات المسلحة الوطنية في مكافحة الارهاب التكفيري، ودفع الاخطار عن البلاد، من خلال مجموعة من الخطوات التي كان الهدف منها تطوير عمل القوات الامنية المسلحة، لتكون مؤهلة بشكل حقيقي للقيام بواجباتها الرئيسة. البرنامج ركز على مسألة تعزيز صفوف القوات الامنية، من خلال زيادة عددها وتجهيزها بالاسلحة والمعدات القتالية المتطورة، على وفق جدول زمني يأخذ بالحسبان حجم ومخاطر التهديدات التي تتعرض لها البلاد، وحاجتها الى اسلحة ساندة كالمدفعية والدروع والطائرات المروحية لتشكل بمجملها نوعا من انواع التنسيق المشترك بين مختلف الاسلحة الجوية والبرية لاسناد القوات على الارض، وإلحاق الدمار بالقوات الارهابية المجابهة، حيث اشر البرنامج الحكومي وجود ثغرات في هذا الجانب سابقا نتيجة لغياب عملية التنسيق بين مختلف الاسلحة في عمليات التصدي والهجوم على القوات الارهابية الاجرامية التي تعتمد مبدأ الهجوم بموجات بشرية متتابعة لاقتحام الاهداف التي تهاجمها بعد تفجيرها بسيارات مفخخة. البرنامج راعى الظرف الزمني والتوقعات بإطالة امد المعركة مع الارهاب، نتيجة لاحتفاظه بقواعد خلفية في عمق الاراضي السورية بعد سيطرته عليها من قبل، اضافة الى وجود امداد بالمعدات والرجال من دول مختلفة متورطة بدعم هذه العصابات، برغم الحديث عن وجود تحالف دولي واسع لمحاربة الارهاب. لقد حدد البرنامج الحكومي وبشكل دقيق، الهدف من دعم القوات المسلحة وتطويرها خلال الاعوام الاربعة المقبلة من عمر الحكومة، بتوفير بيئة آمنة ومستقرة، وهو امر اساسي لتحقيق اولويات الحكومة الستراتيجية التي تتطلب بناء جيش قوي قادر على القيام بمسؤولياته بعيدا عن السياسة، ويسانده جهد استخباري وامني يعزز امن وسلامة المواطن وحماية موارد البلاد.الوصول الى هذا الهدف يتطلب بذل جهد حكومي اكبر يقوم على اختيار اجهزة وشخصيات كفوءة تتولى ادارة وتنفيذ مفردات هذا البرنامج وتوجيهه بالشكل الصحيح، عبر بناء جيش مهني ومقتدر يقوم على اسس حديثة يضمن الحيادية والولاء للوطن وقادر على حماية العراق ارضا وشعبا. تحقيق مفردات هذا الهدف يتم من خلال بناء شبكة متكاملة من منظومات القيادة وهيئة الاركان التي تعمل على السيطرة على تحرك القطعات والجيوش، وتنسيق العمليات المشتركة، ووضع الاسبقيات للعمليات، وتحديد مسرح العمليات، ووضع الخطط الميدانية لقطعات الجيش لمهاجمة المناطق المحتلة وتحريرها على وفق خطط غير تقليدية تتجنب التعرض الجبهوي المباشر وتعتمد مبدأ التطويق والالتفاف لتقليل الخسائر قدر الامكان، فضلا عن تقديم النصح والمشورة للسيد القائد العام للقوات المسلحة بشأنها. ان حرب العصابات التي تتبناها منظمة «داعش» الارهابية في عدوانها على الاراضي العراقية وعملها على توسيع انتشارها بالاعتماد على قوات خفيفة الحركة وسريعة، بهدف انهاك قوات الجيش والمتطوعين يفرض اتباع تكتيك مناسب، يقوم على ضرب التجمعات الكبيرة مع نقل القوات المهاجمة في عمق معاقل «داعش»، وشن غارات سريعة عليها بالقوات الخاصة لضربها وتدمير مراكز قوتها الرئيسة، اضافة الى خطف واغتيال زعمائها المهمين، وهذا يحتاج الى قوات كوماندوس مدربة بشكل عالٍ، يفترض على رئاسة الاركان العامة للجيش ان تعمل عليه من خلال تشكيل قوات خاصة مدربة من قبل خبراء اكفاء في هذا المجال، والايعاز لها بشن العمليات في العمق، والتنسيق مع القوات المهاجمة في حال التعرضات القتالية الكبيرة لغرض الاتصال بها وحسم المعارك في مناطق الهجوم تلك.كما يجب اتباع تكتيكات عسكرية اخرى تقوم على انهاك «داعش»، وعدم الانجرار وراء خططها، باعتماد قوات خفيفة الحركة وسريعة المناورة، وعدم الاكتفاء بعمليات الدفاع الساكن والثابت التي تشكل لعصابات «داعش» فرصة كبيرة لكي تديم من خلالها زخم هجماتها.خطة البرنامج الحكومي افترضت الاهتمام بسلاح الطيران العراقي بنوعيه المقاتل والمروحي، وهو ما يجب ان يشكل اهمية قصوى في الاسراع بتجهيز الجيش العراقي بطائرات مقاتلة ومروحية متطورة ومن مناشئ متعددة، وزيادة عددها، وفتح قواعد جوية في مختلف المناطق وخصوصا القريبة من مسرح العمليات، اذ ان سلاح الجو يعدّ العصب المهم في المعركة من خلال قيامه بشن عمليات حاسمة ضد عصابات «داعش»، من خلال تدمير خطوط امداداتها الخلفية ومقراتها حتى في العمق السوري، فضلا عن تقديم الاسناد الارضي القريب لتدمير موجات «داعش» المهاجمة من جهة، ولإسناد القطعات المدافعة ورفع معنوياتها من جهة اخرى، ويتم ذلك من خلال طائرات قاصفة خفيفة وثقيلة، فضلا عن القيام بالنقل السمتي للقطعات وانزالها في الخطوط الخلفية لمواقع عصابات «داعش» وتطويقها بسهولة والحاق الهزيمة بها. ونظرا لتعدد واتساع مسارح العمليات، ولضمان عدم تشتيت جهد الطيران العراقي، يفترض فتح قواعد طيران خاصة بكل مسرح للعمليات، واجنحــة لطائـــرات الهـيلوكوبتر تتخصص بالعمل في مسارح عمليات خاصة، وتكون تحت امرة قائد العمليات والقوات المنتشرة عن طريق منسق جوي للعمليات وبالتعاون مع الاستخبارات العسكرية واجهزة الرصد الميدانية وفرق الاستطلاع السري العميق.توقعات الخبراء الستراتيجيين باستمرار المعركة مع «داعش» لسنوات بناء على حسابات ومعطيات الميدان ووقائع السياسة والمصالح والعلاقات الدولية والاقليمية المتشابكة والمعقدة التي جعلت من اهداف الحرب على «داعش» غير واضحة المعالم حتى هذه اللحظة، اقول ان توقعات الخبراء هذه تفرض على هيئة الاركان العراقية ان تعد خططا مقابلة لتوسيع الجيش العراقي، وفتح معسكرات تدريب خاصة بناء على اصول فنون حرب الشوارع وقتال المدن ومواجهة تكتيكات عصابات «داعش»، ووضع ضوابط خاصة وصارمة بالتطوع والضبط العسكري والعقوبات من اجل تجنب ما حصل اثناء عملية احتلال الموصل، واعادة هيكلة فرق الجيش المنحلة خلال تلك الاحداث بأسرع وقت، وإعادة ترميم نواقصها واضرارها والاهتمام بمسألة البناء المعنوي للمقاتلين في الحرب ضد الارهاب،وضم قوات الحشد الشعبي الى الجيش العراقي لغرض القضاء على هذا الذيل الاداري المرهق لميزانية الدولة والقيادة والسيطرة ومنع الاجتهادات وتوسعها وتداخلها، وعدّ هذه المعركة مقدسة للدفاع عن الوطن وصيانة الحرمات والأعراض والأموال، ولا بأس بالاستعانة بمرشدين روحيين دينيين يقومون بجولات على الفرق لشحذ همم منتسبيها من الناحية المعنوية.البرنامج الحكومي أشار إلى الارتقاء بالمستوى الأمني والاستخباري بعدّه العين التي تبصر بها القوات الميدانية على الأرض، والمفتاح الذي يغلق كل الأبواب والمنافذ التي يمكن ان تتسلل منها عصابات الارهاب لتنفيذ جرائمها ضد ابناء الشعب العراقي، ولا شك ان هذا الجانب الاستخباري بحاجة الى ضباط كفوئين يديرون خطط واعمال اجهزة الاستخبارات السرية، ويتولون مكافحة اعمالها، فضلا عن نشر فرق استخبارات ميدانية متسللة او مع القطعات لتنسيق تبادل المعلومات ورفع المواقف الى القيادات العليا.البرنامج الحكومــي وإن حدد الخطوط العامة العريضة لمسألة تطوير وبناء القوات المسلحة، إلا انه لكي يعطي ثماره على المدى البعيد لا بد ان يهتم بوجود هيئة تخطيط واركان تتولى العمل بمفردات هذا البرنامج ووضعها في حيز التنفيذ، اذ لا تكفي الامنيات الجميلة وحدها للنهوض بمهمة ثقيلة وصعبة، وفي ظل ظروف يواجه فيها البلد عدوا إرهابيا شرسا يحتاج إلى أساليب غير تقليدية في الحرب.