لم يختلف العام الذي نستقبله بعد أيام عن العام الذي سنودعه، فالسنون تمضي مسرعة من دون أن تترك مساحة من الأمل لدى ملايين البشر المكتوين بنيران الأزمات والحروب والكوارث.وعندما نتوقف عند ما شهده عام 2022 من أحداث وتطورات ما زالت ماثلة للعيان نستطيع القول إن تداعيات وأزمات هذا العام الذي سيرحل بعد أيام مستمرة، والذي يأبى أن يطوي صفحاته المريرة إيذانا بفتح صفحات جديدة تحمل في طياتها آمالا وربما أحلاما لعالم تسوده العدالة والسلام وخالٍ من العنف والأزمات والكوارث.إذًا الأعوام مثل أعمار البشر تتوالى مثل فصول السنة من دون أن تفتح طريقا للخروج والنجاة من نيران تلك الأعوام ودرء أخطارها على المجتمعات، وتحصينها من الانخراط بتبعات وارتدادات ما شهدته السنوات الماضية وربما الآتية أيضا.ولم يختلف مطلع العام 2022 عن آخره؛ ففي بدايته شهد العالم بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، ومخاطر نشوب حرب نووية التي خيَّمت على العام، في مشهد يذكرنا بتداعيات الحرب الباردة على السلام والاستقرار، في حين كانت نهاية العام الذي نتوقف عنده مخيِّبة للآمال ومصدر قلق العالم من تطورات الأوضاع على الساحة الأوكرانية التي يلوح بأفقها السلاح النووي كخيار ستكون تكلفته أضعاف ما شهدته الحرب العالمية الثانية.إن تطورات النزاع في أوكرانيا وما ستتركه في قادم الأيام من تحالفات جديدة قد تعيد رسم خريطة العالم باصطفاف بات يقلق الإدارة الأميركية وحلفاءها بين روسيا والصين وكوريا الشمالية، وهذا سيقلب معادلة الصراع بين القوى المؤثرة في العالم.وليس بعيدا عن مسار المواجهة على الأرض الأوكرانية فإن عالمنا العربي وجواره هو الآخر مكتوٍ بنيران أزماته وحروبه؛ جرَّاء اختلال موازين القوى بالمنطقة لغير صالح استقرارها. فالكيان الصهيوني ما زال يمضي بتكريسه سياسة الاستيطان في فلسطين كمنهج ثابت مستخدما سلاح القتل والترهيب والتهويد في مواجهة مقاومة الفلسطينيين وسط غياب موقف عربي داعم لحقهم ورافض لتهويد فلسطين.وشكلت محنة النازحين والمغيبين والمغدورين جرَّاء الحروب والأزمات التي شهدها العراق ودول أخرى التحدي الأكبر والمعضلة لهذه القضية وسط صمت عربي ودولي للبحث الحقيقي لمخارج لهذه المحنة من خلال البحث الجدي عن مصير هؤلاء، وعودتهم إلى ديارهم بكرامة واحترام. وما يعقِّد ويعرقل حلَّ محنة المغيبين هو أن أعدادهم بالآلاف، وأن البحث عن مصيرهم معقَّد ويخضع للمساومات والخلافات بين أركان الطبقة السياسية في العراق وعندما نتوقع أن ترحل أزمات وتحديات العام 2022 إلى العام الجديد فإن ترحيل الأزمات وتسكينها هو المشهد الذي نراه ونتابعه، وأن ما يحدث في العراق وسوريا واليمن ولبنان وتونس والسودان وحتى في إيران وتركيا نقول هو أزمات من شدة تعقيداتها وتداخلاتها واستعصاء حلِّها ترحَّل من عام إلى عام؛ عسى أن يأتي الفرج حتى وإن كان بعيدا، إلا أنه يعطي بارقة أمل للمكتوين بنيران الحروب والأزمات والكوارث والمتطلعين إلى عالم خالٍ من الحروب والأزمات، عام لا تدور أزماته مثل الفصول، وإنما عام يبحث عن حلول تعيد الأمل للمتطلعين نحو السلام العادل والاستقرار وإطفاء نيران الحروب.