بغداد/شبكة أخبار العراق- يشدد مراقبون على ضرورة إنهاء حالة عسكرة المجتمع العراقي، ووقف التوظيف السياسي للأحزاب والكتل في المؤسستين الأمنية والعسكرية، ضمن صراع الحصول على نفوذ داخلها، والعمل على إيجاد الحكومة فرص عمل في القطاعات المختلفة للشباب الخريجين والعاطلين من العمل.وكشفت أرقام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، خلال عرضها لسجلات التصويت الخاص بقوات الأمن، أن عدد منتسبي القوات الأمنية الذين يسمح لهم بالتصويت بلغ مليوناً و239 ألف منتسب موزعين على وزارات الدفاع والداخلية وأجهزة وتشكيلات أمنية ومسلحة أخرى، بينما سجلت المفوضية ذاتها في انتخابات عام 2018 وجود مليون و70 ألف منتسب أمني وعسكري.والأحد الماضي، أعلن جهاز مكافحة الإرهاب فتح باب التطوع في صفوفه، وسط تدخلات لأطراف سياسية في ترشيح أفراد منهم لهذا العمل، سبقتها وزارات الدفاع والداخلية في فتح باب التطوع أيضا، مع استمرار الكليات العسكرية في تخريج الضباط بشكل سنوي منها.
وكشف مسؤول عراقي عسكري بارز في بغداد، طلب عدم ذكر اسمه، عن أن عدد عناصر وزارة الداخلية وصل إلى أكثر من 825 ألف عنصر في منتصف العام الحالي، بينما بلغت أعداد منتسبي وزارة الدفاع نحو 370 ألفاً، فيما يبلغ عدد أفراد جهاز مكافحة الإرهاب أكثر من 16 ألفاً، وجهاز الاستخبارات نحو 8 آلاف، وجهاز الأمن الوطني ما يقارب 10 آلاف منتسب. وأضاف أن “هيئة الحشد الشعبي تجاوز عدد عناصرها عتبة الـ285 ألف عنصر، وهي ثالث أكبر المؤسسات المحسوبة على المؤسسة الأمنية والعسكرية العراقية بعد الداخلية والدفاع”.
وأكد المصدر أن “عدد القوات العراقية بمختلف صنوفها سوف يرتفع خلال السنة المقبلة، بسبب فتح باب التطوع في صفوف الداخلية والدفاع وكذلك جهاز مكافحة الإرهاب، إضافة إلى عودة الآلاف من المفسوخة عقودهم في أجهزة مختلفة، منها الحشد الشعبي”. واعتبر أن ارتفاع العدد باستمرار “أمر طبيعي بالنسبة لوضع مثل العراق، لما شهده من أوضاع أمنية غير مستقرة وخطرة طيلة السنوات الماضية، كما أن التهديدات الأمنية ما زالت موجودة، ولهذا العراق يحتاج إلى قوات كافية من أجل مسك كل الأراضي وسد كل الثغرات، خصوصاً بسبب وجود مساحات صحراوية كبيرة تحتاج إلى قوات إضافية مع وجود حدوده الكبيرة مع كل دول الجوار المختلفة”.
إن “ارتفاع عدد القوات الأمنية والعسكرية المتواصل يعود جزء منه إلى أن كل الحكومات المتعاقبة تحاول احتواء الشباب من خلال إدخالهم ضمن المؤسسة العسكرية والأمنية، وهذا بسبب عدم وجود صناعة وزراعة حقيقية في العراق أو النهوض بواقع إعمار حقيقي، من خلال تشغيل المصانع، ولهذا يجب أن تكون هناك وقفة جدية لوضع حد لعسكرة المجتمع العراقي، خصوصاً شريحة الشباب”.وأن “القوات العراقية تحتاج إلى تطوير الإمكانيات القتالية والتدريبية وكذلك التجهيز العسكري، وليس زيادة الأعداد، كما يجب أن تكون هناك التفاتة حقيقية من أجل إخراج بعض الكبار في السن أو المصابين من المؤسسة العسكرية والأمنية، فهؤلاء يشكلون نسبة كبيرة من التضخم بعدد القوات العراقية المختلفة”.
من جهته، قال الخبير في الشأن الأمني فاضل أبو رغيف، إن “هذا العدد المعلن من قبل المفوضية العليا للانتخابات هو للقوات المسلحة فقط التي تشارك في كل موسم انتخابي، وهي كل من وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، جهاز مكافحة الإرهاب، أما الأجهزة الأمنية الأخرى فهي أجهزة شبه مدنية، أي أنها معنية بالمشاركة بالاقتراع العام، ما يعني أن العدد المعلن أقل من الواقع”.وبيّن أبو رغيف أن “وزارة الداخلية تتصدر المرتبة الأولى بأعداد القوات المسلحة تليها وزارة الدفاع”، مضيفاً أن “أعداد القوات العراقية كبيرة فعلاً، وهناك تضخم واضح، وهذا بسبب الظروف الأمنية التي عصفت بالبلاد”، وأوضح أنه “وفق المعايير الأساسية يفترض أن يكون هناك شرطي واحد لكل 21 مواطناً، لكن في العراق الآن هناك شرطي لكل 7 مواطنين، وهذا يعتبر تضخماً”.ورأى أبو رغيف أن “التضخم بأعداد القوات العراقية هو لكون العراق يمر باستنفار أمني كبير منذ عام 2004 إلى ما قبل عامين، لكن خلال الفترة الماضية شهد استقراراً أمنياً واضحاً، وحتى يوم الاقتراع الخاص بالأجهزة الأمنية تبينت حالة الاستقرار الأمني وحالة التدفق بنسق منتظم ما بين كل القطعات العسكرية من دون أي تأثير على الواجبات الأمنية والعسكرية ومسك الأرض”.
في المقابل، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ياسر وتوت، إن “الحكومات العراقية المتعاقبة عملت على عسكرة المجتمع العراقي من خلال فتح فرص التعيين حصراً بالتطوع بالجيش والشرطة، وبسبب البطالة وزيادة حالة الفقر اضطر الكثير من الشباب للتطوع في صفوف القوات العراقية حتى الشباب من حملة الشهادات، وهذا خطأ استمرت عليه كل الحكومات وحتى هذه الحكومة أيضاً”.وشدّد على أن “العراق بحاجة إلى قوات نوعية وليس قوات بالأعداد وهي بلا تدريب متطور وبلا تجهيز حديث، فالعدد الكبير يؤثر على التدريب والتسليح، ولهذا على الجهات المختصة الحكومية متابعة هذا الأمر، كونه يتعلق بقوة القوات المسلحة وقدرتها على تحمل كل المصاعب ومواجهة كل التحديات”.