لم يشهدِ العالَم كيانًا اسمُه «إسرائيل» لم يتورَّعْ باستخدام الاغتيال منهجًا ووسيلةً في استهداف أصحاب الأرض، لتأجيج الخوف واليأس لدَى شَعب فلسطين الَّذي يقاوم الاحتلال والتَّمسُّك بحقوقِه المشروعة بإقامة دَولته المُستقلَّة وعاصمتها القدس الشَّريف.وعلى الرّغم من أنَّ سياسة الاغتيالات استهدفتْ خلال العقود الثَّلاثة الماضية أبرزَ الشخصيَّات السِّياسيَّة والعسكريَّة بحركةِ حماس منذُ تأسيسها عام 1987 لمقاوَمةِ الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين، إلَّا أنَّ لهيبَ المقاوَمة يستعرُ ويشتدُّ في مواجهة «إسرائيل» وسياسة التَّهويد وإنكار الحقوق التَّاريخيَّة. وما جرَى في غزَّة بالسَّابع من أكتوبر العام الماضي الدَّليل على أنَّ المقاوَمة الفلسطينيَّة وقادتها حاضرة في الميدان، متمسِّكة بحقِّها الشَّرعي وهي تُقاوم وتُقدِّم أغلى التَّضحيات على طريق تحرير فلسطين، تتقدَّمهم كوكبةٌ من الشُّهداء أبرزهم صالح العاروري وأيمن نوفل وجميلة الشنطي ورائد العطار وأحمد الجعبري ونزار ريان وعبد العزيز الرنتيسي وأحمد ياسين وصلاح شحادة وإسماعيل هنيَّة ويحيى السنوار.والسُّؤال: هل سينعَم الكيان الصهيوني بالأمْن بعد إيغاله في سياسة القتل الممنهج ضدَّ رموز المقاوَمة وسياسة التَّجويع بحقِّ شَعب فلسطين؟والجواب يكمن في اشتداد عضد المقاوَمة والتَّمسُّك بالحقوقِ عِند استشهاد أيٍّ من رموزه، في مشهدٍ يحكي قصَّة شَعبٍ أصيل لن يفرطَ أو يتنازلَ عن حقِّه في دَولةٍ قابلةٍ للحياة.
وعبثًا يحاولُ قادة الكيان الصهيوني أن يوحيَ للرَّأي العامِّ الخارجي والدَّاخلي بأنَّ سياسة القتل المستهدف والممنهج الَّتي حوَّلها إلى سلاحٍ لم تجلبْ له الأمْن ولا الاستقرار رغم الدَّعم الأميركي بالسِّلاح والمال الَّتي لم تنَلْ من إرادة الشَّعب الفلسطيني وحقِّه الشَّرعي في تحرير الأرض هي الَّتي وضعتْ قادة هذا الكيان أمام امتحانٍ كبير وهي تواجِه مشهدًا تاريخيًّا جسَّد فشَلَ مشروعه الاحتلالي الاستيطاني. وما جرَى في غزَّة والضفَّة الغربيَّة خلال عامٍ مَجيد من البسالةِ والشّجاعة يُظهر تخبُّط قادة الكيان الصهيوني، وفشَلَ آلتِه الحربيَّة التَّدميريَّة في تعاطيها مع وهجِ مقاوَمةٍ لم ترعبْها وتحدَّ من عضدها رغم اتِّساع دائرة الحرب العدوانيَّة، وإيغالها في منهج القتل والتَّجويع والتَّهجير.
من هُنَا يكمن مسار العمل المقاوِم الَّذي لم يتنازلْ عن الحقوق في مواجهة عدوٍّ كان وما زال يرفضُ وينكرُ حقَّ الشَّعب الفلسطيني في دَولته وعاصمتها القدس الشَّريف، في مقاربةٍ بَيْنَ إرادتَيْنِ في مسار معركةٍ متواليةٍ فصولها منذُ إنشاء هذا الكيان عام 1948 وحتَّى الآن. ورغم جسامة التَّضحيات على طريق المواجهة مع الكيان الصهيوني، إلَّا أنَّ الَّذي يجري في غزَّة والضفَّة الغربيَّة يؤكِّد أنَّ الكيان الصهيوني لن ينعمَ بالأمْن ولا الاستقرار ما دامتْ مقاوَمته لم تتراجعْ، والدَّليل أنَّها تستمدُّ قوَّتها من شرعيَّة قضيَّتها والدَّعم الشَّعبي العربي والإسلامي لهَا، وبطلان رواية العدوِّ في تعاطيه مع القضيَّة الفلسطينيَّة الَّتي تنكرُ الحقوق التَّاريخيَّة لشَعبِ فلسطين. وعِندما يتحدَّث رئيس وزراء دَولة الاحتلال (النتن ياهو) عن اليوم التَّالي بعد استشهاد يحيى السنوار، فإنَّ هذا اليوم سيكُونُ مِثل تلك الأيَّام المَجيدة الَّتي سطَّرها أبناء غزَّة وهُمْ يُسطرون الملاحم والصُّمود الأسطوري، فيما سيشهد اليوم التَّالي أيضًا مزيدًا من الخَيبات والفشَل، وليس كما يُروِّج له قادة الكيان الصهيوني. وما جرَى من منعطفات وتحوُّلات تاريخيَّة في القضيَّة الفلسطينيَّة منذُ العام 1948 وحتَّى الآن تُشير إلى أنَّ قضيَّة فلسطين حيَّة وعادلة لم تستطعِ العربدةَ الصهيونيَّة بالقتلِ والتَّجويع والتَّهجير أن تنالَ من عزيمة أبنائها وفي مقدِّمتها المقاوَمة وقادتها الأبطال.