عندما تسير في مدينتي وفي أطراف المدينة، سترى بيوت بنائها من طين وبعضها من الصفيح، هُناك رجل وأمرأة يفترشون أمام باب بيتهم المتهالك والآيل للسقوط، يمسكون (مهفة) تقليدية كان أجدادنا يستخدموها قبل خمسين عام وآكثر، لتقيهم من حرارة الصيف، يسكنون بيوت غير مسجلة في سجلات الدولة لكونها تجاوز، مشاهد مألوفة في كل شوارع مدينتي بين الطرق وبين حاويات النفايات تجد فقراء مدينتي بمشهد مؤلم، مدينتي يوجد بها آلاف من رجال الدين والحوزة يرتدون عمامة سوداء وبيضاء يسيرون في الأرض مطأطئين الرأس ويمسكون مسبحة سوداء مع تختمهم بخواتم يمانية المنشأ، تراهم كأنهم ملائكة ظاهرياً ويسكنهم الشيطان داخلياً، أصحاب كروش مملوءة من أموال زكاة الفقراء، يسيرون وكأن مخافة الله تفوح منهم ويعبرون عن شكرهم للرب على ما يملكون من بيوت فارهة ويلبسون الحرير الذي حَرموها على غيرهم.
كبير هؤلاء المعممين القاطنين مدينتي يملك نصف المدينة من قصور وفنادق وبساتين النخيل، ويلبسون نسائهم من صياغة الذهب الخالص، وأبنائهم يركبون سيارات أمريكية آخر موديل من صناعة أمريكا، هذه أمريكا الذي يلعنوها في خطبهم الهزيلة في كل صلاة جمعة، أمريكا الأستكبار العالمي والشيطان الأكبر كما يدعون، لكنهم لا يركبون سيارات السايبا الإيرانية المعادة إنتاجياً الذي يركبها الفقراء والمستضعفين لسعرها الزهيد، ومما يثير السخرية والأستغراب مع كل خطبة جمعة يوصون الفقراء الصبر على ما أبتلاهم الله، وصدى صوتهم يصل الى كل أركان المدينة القديمة، لكنه لم يرى الأطفال والنساء من فقراء مدينتي يتسولون داخل حصن الحصين لخطبة كبير المعممين وعند أشارات المرور، مع كل خطبة جمعة ومع قرب الإنتخابات تجد أعضاء الحكومة من سكنة مدينتي يحضرون خطبة كبير المعممين وفي الصف الأول للمصلين ويلبسون لباس الواعظ المتدين فهو أقرب شيء لصناديق الإقتراع، لكن لا يسمعون صوت الجياع من مدينتي فهم صم بكم، ينشرون أمجادهم المزيفة بمساعدة الفقراء وتوزيع القطع الأراضي وتسجيل أسمائهم لرواتب وهمية لكي يصعدون على أكتافهم لولاية جديدة من حكم العراق ، وتتكرر المسرحية بسرقة الفقراء، السياسي يسرق خزينة الشعب ورجل الدين يسرق صناديق الزكاة وأموال الفقراء ليبنوا لهم بيوت في الجنة، هذا حال فقراء مدن بلدي بين السياسي ورجل الدين وصراخ الجائعين لا يسمعهُ الجميع .
أي دولة يحكمها الإسلاميون تتخللها السرقات والفساد. العراق، لبنان، ايران، افغانستان، حتى في البانيا احد دول اقليم البلقان رغم نظام الحكم علماني لكن نسبة المسلمين تقريباً 60 بالمئة أيضاً يتخللها الفقر ودول أخرى لم تحقق اي رفاهية لشعبها وتحافظ على كرامتها، جميع هذة الدول يقطنها رجال الدين وعلماء دين، ولكن شعوبها تعيش في فقر مدقع مع إنتهاك حقوق الإنسان، وهذا يدل على أن الإسلاميون فشلوا فشل كبير بقيادة دولة بل العكس هُم أفسد المخلوقات على الأرض، سيأتي محرم وهذا يفرح الفقراء ليس حباً في الحسين، بل ليجدوا هذا الشهر كل ما يقدم من غذاء وعشاء مجاني خلال فترة أربعين يوماً، يذبحون الخرفان ويبذخون ريائاً لنصرة قضية الحسين وهيهات منا الذلة كما ينادون، الغريب في الأمر أصحاب الموكب يضع صندوق خاص لمدة عام، ليجمع مبلغ يكفي لسد الموكب في ذكرى مقتل الحسين وبعض المبالغ تجمع من المرشحين للأنتخابات لكسب ود وأصوات أصحاب المواكب وجميعها مجموعة من قوت الفقراء، لذا تجد الفقراء يحملون (قدورهم) ليصطفوا خلف بعضهم لملأ هذا القدر بالآكلة المشهورة (تمن وقيمة) لسد رمق الجوع الذي يعيشة خلال عام، أي لم يسمع صراخ الجياع الأحياء فسمعها الأموات فكان لهم رحمة في هذا الشهر من كل عام، ألم يكن أجدر من الشعب أن يجعل ذكرى مقتل الحسين صادقة ويتفقون على بناء بيوت للفقراء؟ الم يكن أجدر لهم بجعل هذه الذكرى بإكساء الفقراء؟ الم يكن الأفضل معالجة الفقراء في هذة الذكرى السنوية؟
لم أرى وأسمع مسؤول حكومي أو رجل الدين قد سار في الطرق الوعرة في أطراف مدينتي ليطلع على أحوال الفقراء، ولم أرى أو أسمع كبير المعممين قد سار وأطلع على أحوال الرعية كما يصفون الناس بهذة التسمية، خوفاً ان لا تتسخ ملابسهم الحرير وسياراتهم المظللة، وهذا يبين لنا إنَ الدين مجرد رياء وخالي أو معدوم القيمة الإنسانية، الدين الذي لا يعز ويكرم الإنسان والقائمين عليه عندما لا يجعلون الإنسان له قيمة تذكر فانا أعتبره دين خالي من روحانيتة ومجرد حبر مكتوب على ورق، والأفضل أقرأ كتب عن الإنسانية وعن الفلاسفة الذينً ناضلوا بأفكارهم لنصرة الفقراء، وليس أبحث عن كتب دين رجالها دجالين يتاجرون بقيمة الإنسان وهدر كرامتة ويجعلوه يبحث في حاوية النفايات على لقمة خبز تسد رمق أفواههم وأفواه اطفالهم.