عن السياسي العراقي المهزوم

عن السياسي العراقي المهزوم
آخر تحديث:

بقلم:سمير داود حنش

يتهافت السياسيون صغيرهم وكبيرهم للقاء أي مسؤول يزور بغداد، بل يحاولون أن يُكدّسوا أجسادهم في صور للذكرى تجمعهم بذلك المسؤول. عبودية غريبة اعتاد عليها السياسي الذي يكون في سَرديات السلطة.يتسابق المسؤولون بطوابير للقاء الضيف وكأنها فرصة مُميّزة تُتاح لهم لإثبات السلطة أو الزعامة لذاتهم.ابتسامات متبادلة أو حتى مُزيّفة وتشابك أيادٍ يوحي للمشاهد أن عُقدة المؤامرة التي كانوا يُوهمون بها جماهيرهم والدسائس التي كانت تُحاك إلى وقت قريب من قبل الدول التي تحتضن بغداد زعاماتها هي مجرد أوهام وخُدع بصرية. كانت السلطة تصنع عدواً مزيفاً لتحشيد الجماهير ضده.زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى بغداد ولقاؤه حشدا من المسؤولين لم يخلوا من استغراب العراقيين من ضم هذا الجمع عددا من السياسيين الذين أثار حضورهم أكثر من علامة استفهام من مغزى ذلك التواجد.

خميس الخنجر رئيس تحالف السيادة وابنه سرمد كانا من ضمن الحاضرين للقاء الشيخ تميم، إضافة إلى مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان ومحمد شياع السوداني رئيس الوزراء.يمكننا تبرير استقبال رئيس الوزراء والبرلمان لرئيس دولة أو حتى زعيم كردي يحضر الاستقبال، لكن ما هو تبرير شخصية سياسية وابنه لحضور ذلك اللقاء؟ وليكن السؤال بالوجه الآخر وهو هل اُختُزِل المكون السني بهؤلاء السياسيين في هذا اللقاء، أو ربما كان إيحاءً قطرياً أنها داعمة لهؤلاء في قيادة المكون؟ ثم بِربِّكم ما هو وجه التوازن السياسي بين سرمد ابن خميس الخنجر ورئيس وزراء العراق في صورة تجمعهما جنباً إلى جنب مع أمير قطر؟

عُقدة الدونية التي تنتاب أغلب الشخصيات السياسية تجعلهم يفقدون بوصلة التوازن بين متطلبات الزعامة وشروط البروتوكولات الدبلوماسية في استقبال الضيوف.إلى وقت قريب كانوا يُذكّروننا بأن تلك الدول راعية للإرهاب وأنها مصدر الخراب فسبحان الذي جعلهم يتبادلون الابتسامات والصور ويتشابكون الأيادي.هؤلاء يطلبون منا أن ننظر إلى الأمام والمستقبل وكأننا كنا نسير إلى الخلف.. فعلاً كانت حياتنا تعود بها الخطوات إلى الخلف في ظل سطوتهم. قبلها اتهموا السعودية والإمارات بتدبير انقلاب لنظامهم السياسي والتلاعب بنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021، غرائب السلطة في العراق أنك لا تعرف مع أو ضد من.

الذات المأزومة التي تستقر في قعور أغلب الشخصيات السياسية وهي تتسابق للقاء أي ضيف يزور بغداد والتقاط الصور معه لا زالت بدرجة الإدمان حيث لم تُغير حياة السلطة تلك النفوس.يذكر البعض أن ذلك يعود إلى غالبية السياسيين الذين لا يملكون سلطة قرارهم، فهو دائماً ما يكون من خارج الحدود.محاولات السياسيين للتسابق في استقبال ضيوف العراق والصور التذكارية التي تكتظ بأعدادهم توحي بهشاشة السلطة واستصغار السياسي أمام ضيفه.لقّنوا جماهيرهم درساً بليغاً أو حكمة لا تُنسى وهي ألا يرموا حجراً في بئر فربما يأتي يوم يحتاجون أن يشربوا من ذلك البئر.زيارة أمير قطر إلى العراق لا تحمل اتفاقيات اقتصادية فقط، بل تتعداها إلى تسويات قد تتخلل المشهد السياسي القادم من خلال إرجاع بعض الوجوه التي غادرت العراق مثل طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الأسبق وعدد من القيادات التي استقرت في دولة قطر ممن صدرت بحقهم مذكرات قبض كما تشير بعض المصادر.في كل الأحوال هو العراق الحاضر بغرائبه وعجائبه ومهما قيل عنه ويقال تبقى الكثير من الأسئلة دون إجابة في ذلك الوطن الغائب عن وعيه.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *