أن تنجز معاملاتك بأقل وقت ممكن في هذا الصيف القائض وخاصة في شهر آب “اللهّاب”، لهو مطلب غالبية العراقيين. أن تجتاز نقطة تفتيش عسكرية خلال فترة لا تتجاوز ربع ساعة، فاعلم أن الحظ قد ابتسم لك في ذلك اليوم. أن ترجع إلى بيتك سالماً من غير شظايا المفخخات، تيقّن إنه الطموح بحد ذاته وخاصة في بغداد عاصمة العراق. أن تكون في دولة لا يعرف الشعب مصير رئيسها وأن يستولي موظف بدرجة “مدير عام” في رئاسة الجمهورية على سلطة الرئيس فتلك هي الكارثة وإن كنا لا نشعر بها أو نستشعر خطرها!
منذ شهور عدة والجميع يعرف أن الرئيس جلال طالباني قد تعرض إلى جلطة دماغية بُعيد ساعات من لقاء رئيس الوزراء نوري المالكي، والذي جاء على إثر فجوة بين الطرفين بخصوص قضايا سياسية منها تشكيل قيادة عمليات دجلة العسكرية في كركوك.
الجلطة الدماغية التي أصابت الرئيس طالباني، يبدو أنها أصابت شعب العراق في الوقت نفسه، وبات كل من الرئيس والشعب لا يسأل عن الآخر ولا يعرف أحواله؟!!
القفز على مستحقات الشعب العراقي ومطالبه في الحرية والديمقراطية والتوزيع العادل للثروة وتكافؤ فرص العمل، أغوى الجهات النافذة في الحكومتين الفيدرالية وحكومة إقليم كردستان، وكذلك في حزب الإتحاد الوطني الكردستاني وديوان رئاسة الجمهورية، أن يديروا الوجه عن مشكلة شغور كرسي رئيس الجمهورية أو بالأحرى استغلاله وتناهب سلطته من قبل رئيس ديوان ومدير عام ونائب، لكن من دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير في لعبة المحاصصة والمشاركة، لتقاسم السلطة والمال والنفوذ!
القوانين التي تطبق بصرامة وحزم ضد بعض أفراد الشعب العراقي، إضافة إلى تفشي التهم المستندة إلى أحقاد سياسية والتي غالباً ما تكون ممضية من قبل مخبر سري، هي نفسها تلك المنصوص عليها في الدستور العراقي بخصوص عدم قدرة الرئيس على أداء مهام عمله، ولكن الإنتقائية السياسية هي وحدها من تلاحق هذا وهي نفسها من تتغاضى عن ذلك!
فالفقرة “ج” من المادة 72 من الدستور العراقي تنص على انه في حال خلو منصب رئيس الجمهورية لاي سبب من الاسباب يتم انتخاب رئيس جديد لاكمال المدة المتبقية لولاية رئاسة الجمهورية .
وبحسب مواد الدستور العراقي المتعلقة بخلو منصب رئيس الجمهورية فأن الفقرة الثالثة من المادة 75 منه تنص على ” يحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية عند خلو منصبه لأي سبب كان، وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد، خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من تاريخ الخلو”.
“غيبوبة” الرئيس طالباني أمر طبيعي و الموت محتم على الكائنات الحية، ولكن في العراق كل شيء قابل للصفقات والتوافقات والمشاركة بحملات التضليل الممنهج ضد الشعب، وهذا ما توافق عليه ساسة العراق المحاصصيون بأن يبقى العراق بدون رئيس حتى فترة الإنتخابات التشريعية المقبلة عام 2014!!
فلكل غائب حجة، وحجة الرئيس مرضه أو موته السريري، وحجة الساسة العراقيين عدم تأزيم الوضع العراقي المتأزم أصلاً، وحجة القادة الكرد تكمن بعدم فسح المجال لصراعات سياسية داخل حزب الإتحاد الوطني الكردستاني الذي يرأسه الرئيس طالباني، وكذلك داخل التحالف الوطني الكردستاني، مع استمرار الإمتيازات المالية الممنوحة للرئيس وتقاسم سلطته من قبل بعض الساسة المغمورين المقربين من جسد الرئيس المسجى، وأوامر هؤلاء وحدها النافذة في المؤسسة الرئاسية المترهلة والتي باتت رياح الطائفية تعصف بديوانها بشكل لافت!
العراقيون ضاقوا ذرعاً بأساليب السياسيين في التعاطي مع الأزمات وبسياسة تسويف القضايا والمطالب الجماهيرية، وصار الصبر بالسنبة إليهم ليس بلسماً، بل هو السم الزؤام الذي لا يطيقونه بعد الآن، وراحوا يعدون العدة هذه المرة من أجل التحشيد لتظاهرات يقولون إنها ترمي إلى حفظ ماء وجه العراق والعراقيين، من خلال ضغطهم لاختيار رئيس جديد للبلاد والإعلان عن الحقيقة المغيبة عنهم بشأن حالة الرئيس طالباني “رحمه الله” !!
* حسين الحسيني
رئيس تحالف شباب العراق
[email protected]