بغداد/ شبكة أخبار العراق- اعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “FAO” عن موافقة الحكومات ،اليوم ،على جملة مبادئ تشكل علامة مميزة على الطريق، لتوجيه الاستثمار في نظم الزراعة والغذاء بجميع أنحاء العالم، وضمان أن تدفق الأموال المؤسسي عبر الحدود واستثمارات الشركات ستقود إلى تحسين الأمن الغذائي، وتخدم الاستدامة وتراعي حقوق العمال الزراعيين والعاملين في مجالات الغذاء.وتأتي مبادئ الاستثمار المسؤول في نظم الزراعة والغذاء التي أقِّرت مساء الأربعاء في الجلسة العامة للجنة الأمن الغذائي العالمي كثمرة لعامين من المشاورات والمفاوضات العسيرة التي تخص مجموعة واسعة من أصحاب الشأن.وبُنيت المبادئ الجديدة على صرح الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني، التي سبق أن اعتمدتها لجنة الأمن الغذائي العالمي في مايو|أيار 2012، وسط تصاعد القلق العالمي آنئذ بشأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاقتناء الواسع النطاق للأراضي والعمليات الزراعية الأجنبية المتزايدة في البلدان النامية، وفيما نعت في حينها بتسمية “الاستيلاء على الأراضي” من قبل النقّاد.وحتى إن ظلّت تلك المبادئ طوعية وغير ملزمة، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يلتئم فيها شمل الحكومات، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ووكالات الأمم المتحدة، والبنوك، والهيئات الإنمائية، والمؤسسات البحثية والأكاديمية للاتفاق على ماهية الاستثمار المسؤول في نظم الزراعة والغذاء.وقال رئيس لجنة الأمن الغذائي العالمي السيدة غيردا فيربورغ، “يأتي هذا الاتفاق ثمرة لعمل شاق من جانب جميع أصحاب الشأن، لطرح رؤية مشتركة بشأن كيفيات ضمان أن الاستثمارات التي تمس الحاجة إليها في مجالات الغذاء والزراعة ستفيد أكثر من تُعوزهم”، مضيفة ” والآن فنحن بحاجة إلى ترجمة الالتزام السياسي وروح التعاون والشراكة التي كشفت عنها المفاوضات، لوضع هذه المبادئ موضع التنفيذ على أرضية الواقع”.وتقدِّر “الفاو” أن صافي استثمار مقداره 83 مليار دولار سنوياً في المتوسط سيكون ضرورياً لرفع الانتاج الزراعي بنسبة 60 بالمائة، من أجل إشباع سكان العالم الذين يُتوقع أن تتجاوز أعدادهم 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050.ويكمن حجر الزاوية في الاتفاق، فيما يخص المبدأ “1”، في أن الاستثمار المسؤول في الزراعة والنظم الغذائية يساهم في الأمن الغذائي وينهض بالتغذية، ولا سيما بالنسبة للمناطق الأشد ضعفاً التي يقطنها السكان المحليون، مثلما “يدعم التزامات الدول فيما يتعلق بالإعمال التدريجي للحق في غذاء كاف”. وينطوي هذا السياق على زيادة الإنتاج المستدام ورفع إنتاجية الأغذية المأمونة والمغذية والمقبولة ثقافياً، والحد من خسائر المواد الغذائية وإهدارها، وتحسين الدخل وتحجيم الفقر، وتعزيز كفاءة السوق وإنصافها – وخصوصاً من خلال وضع مصالح أصحاب الحيازات الصغرى في الاعتبار.وتوضِّح المبادئ الأخرى كيف أن الاستثمارات المسؤولة ينبغي أن تسهم في تحقيق المساواة بين الجنسين، وخدمة الصحة العامة، وتمكين الشباب، واحترام حقوق الحيازة المشروعة للأراضي ومصايد الأسماك والغابات وكذلك مراعاة استخدامات المياه القائمة والمحتملة، وضمان الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، والتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، وتبنّي آليات لتقييم ومعالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية الممكنة. كما تتطرق هذه المبادئ مجدداً إلى قضايا هامة وخلافية أحياناً كالموارد الوراثية، وحقوق السكان الأصليين، وتغيّر المناخ. وتتناول المبادئ معالجة جميع أشكال الاستثمار في نظم الزراعة وإنتاج الغذاء – سواء العامة أم الخاصة، والكبيرة أم الصغيرة وفي كلا مجالي الإنتاج والتجهيز – مع توفير اطار يمكن أن يلجأ إليه جميع أصحاب الشأن عند صياغة السياسات والبرامج، ووضع الهياكل التنظيمية الوطنية، وبلورة السياسات الاجتماعية وبرامج المسؤولية المشتركة، وأيضاً في غضون تصميم الاتفاقيات أو العقود الفردية. ويوضح الاتفاق أدوار جميع فئات المستثمرين من دول إلى مؤسسات الأعمال، إلى صغار المزارعين أنفسهم، والذين يشكلون في مجموعهم ورغم تشتتهم أكبر المستثمرين قاطبة في العالم بالنسبة للإنتاج الزراعي الأولي.وأشاد جوزيه غرازيانو دا سيلفا، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “FAO” بالاتفاق، معتبراً أن “المبادئ المعتمدة حديثاً تثبت قدرة لجنة الأمن الغذائي العالمي على إدارة المفاوضات المعقدة وتوفير منبر لسماع مختلف الأصوات، وإرساء مردود ملموس للمضي قدماً”.ويتمثل أحد الملامح البارزة للاتفاق في بند المبدأ السادس الذي يربط بين الاستثمار المسؤول في الزراعة، وبين “اتخاذ تدابير، عند الاقتضاء، لخفض و/أو إزالة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري”. ومع أن المبادئ الطوعية والصياغة المستخدمة للنصوس تظل بمنأى عن الإلزام، يُعدّ ذلك أول اتفاق دولي لم يعترض فيه أي طرف على اللغة التحريرية الصريحة بشأن خفض الانبعاثات الكربونية.ويتعلق أحد التفاصيل الأخرى الجدير بالملاحظة في تمديد حقوق الحيازة المشروعة للأراضي ومصايد الأسماك والغابات، على نحو ما اتفق عليه في المبادئ التوجيهية عام 2012، كي تشمل “استخدامات المياه القائمة والمحتملة”، علماً بأن إدارة الموارد المائية ستشكل موضوعاً رئيسياً للنقاش على طاولة لجنة الأمن الغذائي العالمي في العام المقبل.وتمثل لجنة الأمن الغذائي العالمي إحدى لجان لأمم المتحدة ذا المقر لدى منظمة “فاو” في روما، وتضم أمانتها وكالات الغذاء الثلاث التي تتخذ من روما مقراً لها وهي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO)، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP) وجميعها على استعداد إلى تقديم الدعم والمساعدة للبلدان الأعضاء في تطبيق هذه المبادئ.
فاو:الاستثمار في نظم الزراعة والغذاء
آخر تحديث: