فصل البنات عن الذكور قرار سياسي أم تربوي ؟
بغداد/ شبكة أخبار العراق – تقرير.. أثارت خطط وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتأسيس “جامعة بغداد للبنات”، ردود أفعال متباينة، ففيما اعتبرها نشطاء مدنيون تمهيداً للفصل بين الجنسين في الكليات، يرى آخرون أنها تصب في صالح الطالبات اللاتي ترفض عائلاتهن التحاقهن بكليات مختلطة.وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، تحدث مطلع الأسبوع الماضي ، عن خطة لتأسيس جامعة مستقلة للبنات، عازيا أسباب ذلك، إلى اكتظاظ جامعة بغداد الأم بالكليات، وأن الجامعة المزمع تأسيسها ستكون لها إدارة نسائية وستفتح باب التعليم للبنات التي لا تسمح لهن عوائلهن بالدراسة بسبب الاختلاط مع الذكور.الإعلامية والأكاديمية في كلية الإعلام بجامعة بغداد الدكتورة سهام الشجيري، أشادت بتوجه الوزارة لتأسيس جامعة خاصة بالبنات. وقالت ، إنها “فكرة متفردة وجميلة وتستوعب أكبر عدد ممكن من الإناث وحبذا لو كانت اختصاصات إنسانية تعد جيلا من النساء القيادات”.وأضافت الشجيري “أنا اعتبره نصرا للمرأة، إذ بحسب التعداد العام السكاني فإن أعداد النساء أكثر من الرجال، ولا سيما من هن بالعمر الجامعي، فضلاً عن أن الطالبات عادة ما يعانين من غبن في القبول المركزي”.ونوهت الشجيري إلى أن “البنية التحتية للتعليم العالي يفترض أن تكون تشاركيه بين المرأة والرجل، خاصة إذا كانت هذه الاختصاصات إنسانية لأن العالم الآن يتجه نحو التركيز على هذه الاختصاصات”.وتستبعد الشجيري أن تكون هذه الجامعة محاولة للفصل بين الجنسين، موضحة أن “هناك كليات خاصة بالبنات في أميركا والدول المتقدمة، فلماذا نسحب الأمر إلى جانب الفصل بدلاً من جانب العلم”.إلا أن الناشطة المدنية شروق العبايجي، ترى أن “هذه التوجهات تعمل على تكريس تقاليد عفا عليها الزمن حتى في المجتمعات المحافظة والتقليدية الشرقية، ومن الواضح أن المجتمع العراقي لا يتقبل هذه التوجهات”.وأضافت العبايجي أن نأن”هناك كلية خاصة بالبنات في جامعة بغداد، ومن حجم المشاركة المحدودة في هذه الكلية نعرف أن المجتمع العراقي غير معني بفصل الذكور عن الإناث في الدراسة، وإلا لكانت هذه الكلية قبلة الطالبات”، مضيفة أنه “حتى في المجتمع الريفي والقصبات البعيدة العوائل ترسل بناتها للدراسة في مدارس مختلطة”.وتشير العبايجي إلى أن “هذا التوجه مبني على عدم فهم واقع المجتمع العراقي، فضلاً عن إغفال أساليب التعليم الحديثة التي أكدت أن الاختلاط يشجع المنافسة بين الجنسين ويحفز على التقدم التطور العلمي”.وبشأن من يرى أن وجود كليات خاصة بالإناث أمر واقع في العديد من الدول المتقدمة، تقول العبايجي إن “هذه الجامعات متخصصة بالعلوم والدراسات المتعلقة بالقضايا النسائية، كمراجعة القوانين من وجهة نظر نسوية، أو علم الاجتماع وغيره من الاختصاصات”.وتنبه العبايجي إلى أنه “المرأة والرجل يعملون جنبا إلى جنب في مختلف الحقول، فإذا قمنا بفصلهم في الدراسة هل سنقوم بفصلهم في الدوائر أيضاً، وبالتالي بدلا من إنشاء أقاليم حسب القومية سنؤسس إقليما للنساء وآخر للرجال”، على حد قولها.وتتفق معها في ذلك الناشطة المدنية هناء إدوارد، إذ تقول إن “هذا جزء من التوجهات للعزل والتهميش والإقصاء ليس للنساء فقط بل العزل بين الجنسين، وهذا أمر يهدد المجتمع ككل، وسيؤدي إلى الكبت والعزل والحرمان، فيما تزداد العقد الاجتماعيةً كثيرا”.وأكدت إدوارد “ليس هناك من يرفض الاختلاط بين الجنسين في الدراسة، فلدينا كلية بنات علوم وكلية بنات تربية وللناس خياراتهم بهذا الشأن وليس هناك من احتج على الاختلاط وقاطع كلية الطب أو الهندسة بسبب الاختلاط”.ولفتت إلى أن “العوائل العراقية منذ عقود من الزمن ترسل بناتها للدراسة خارج البلاد دون تحفظ”، معتبرة تأسيس جامعة للبنات “محاولة للسيطرة والهيمنة تحت مسمى العادات والتقاليد المرفوضة في مجتمعنا الذي تأسس على أيدي أفضل الكفاءات من النسوية”.الإعلامية والأكاديمية الدكتورة نزهت الدليمي، أشارت ، إلى أن “هناك الكثير من العوائل تحبذ إرسال بناتها إلى كليات غير مختلطة، كما أن هناك بنات يفضلن هذه الكليات لأسباب شخصية، لكنهن قلة”.تضيف الدليمي أن “الدول المتقدمة رصدت الكثير من السلبيات في الاختلاط، وبعض منظمات المجتمع المدني شخصت حالات للتحرش والاغتصاب والتعدي الجنسي على فتيات صغيرات، لذلك ظهرت دعوات للفصل بين الجنسين منذ سني الدراسة الأولى”، مستدركة “لكنها دعوات قليلة والغالب هو التعليم المختلط”.وأوردت الدليمي إيجابيات وسلبيات التعليم المختلط وغير المختلط، بالقول إن “الاختلاط يسمح بالانفتاح ويمنح للطالب والطالبة فرصة التعارف على بعضهم وهو ما يسهم بزيادة الإنتاج”، مضيفة “لكن هناك دراسات ترى عكس ذلك، مثلا في فرنسا ظهرت دراسة تؤكد أن التعليم المختلط يشهد حالات اعتداء جنسي وتدني في المستوى العلمي لانشغال الطالبة بمظهرها أكثر من دراستها”.أما الناشط المدني شمخي جبر، فيستغرب إعلان وزير التعليم لهذا المسعى وكأن الوزارة تقدم منجزا جديدا للنساء العراقيات وهي تمارس التمييز ضدهن”، على حد وصفه.وأكد جبر أن “المجتمع العراقي الآن بحاجة إلى الاختلاط، خاصة في ظل عالم المعلومات والتواصل الاجتماعي”، وتساءلت”هل نستطيع أن نضع المرأة في قارورة لمنع اختلاطها بالرجل”.ويشيد جبر بموقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بهذا الخصوص، إذ يقول “خيرا فعل مقتدى الصدر وهو يدعو إلى تثقيف المختلطين من طلاب وطالبات الجامعات بالدين والأخلاق الحسنة بدلا من فصلهم، فيما عد أن أي قرار بفصل الذكور عن الإناث في الجامعات لن يستقبل برحابة صدر من المجتمع”.