بغداد / شبكة اخبار العراق : في سياق الفساد المالي والاداري المستشري في العراق منذ ابتلائه بالاحتلال السافر والحكومات الفاشلة التي نشأت وترعرعت في ظله تنتشر في أسواق هذا البلد الجريح مختلف ألادوية ,والاغذية المغشوشة ومنتهية الصلاحية، ما جعل المرضى العراقيين غير قادرين على التمييز بين دواء يشفيهم وآخر يقتلهم، لان كلاهما يباع في الصيدليات وعلى الأرصفة. وإذا وجدت العوائل الميسورة حلولا لهذه المعضلة الكبيرة، بشرائها الأدوية الأجنبية من صيدليات محددة، فإن الفقراء والقاطنين في القرى والأرياف النائية لا يستطيعون الوصول إلى تلك الصيدليات بسبب عدم قدرتهم على دفع اثمان الادوية الغالية جدا. ان المخاوف من الأدوية المغشوشة ليست وليدة الساعة بل تعود إلى مطلع عام 2003، بعد تدمير قوات الاحتلال الغازية للمؤسسات العراقية، واختفاء الرقابة على الأدوية، لتبرز ظواهر غش الدواء والعملة والأغذية، وانتشار ظاهرة ما أطلق عليه اسم (صيدليات الأرصفة)، إذ يجد المريض احتياجاته على هذه الأرصفة ولا يجدها في الصيدليات. لقد تفاقمت هذه المشكلة الخطيرة بعد ان وجدت الكثير من تلك الأدوية الفاسد والمغشوشة طريقها إلى باعة الأرصفة بدلاً من الصيدليات، نتيجة الفساد الإداري الذي وصل الى نسب كبيرة جدا، ما جعل المريض لا يفرق بين دواء صالح للاستعمال تم تهريبه من مخازن وزارة الصحة الحالية، وأدوية فاسدة وقاتلة لا يعرف مصادرها. وأشارت المصادر الصحفية الى ان المشكلة تكمن في صعوبة تعرف المريض على حقيقة هذه البضاعة القاتلة، بسبب قيام العصابات باستيراد علب أدوية من الخارج وتغليف أدويتها المغشوشة، وهو ما يجعل المريض يعتقد أنها أدوية أجنبية .. مؤكدة وجود مختلف أنواع الأدوية الفاسدة والمنتهية الصلاحية التي تباع في الصيدليات وعلى أرصفة الشوارع والتي تسببت بوفاة العديد من المرضى نتيجة تعرضهم لمضاعفات خطيرة. إلا أن ما يؤسف له إن الحكومات المتعاقبة على العراق لا تأبه لهذه الناحية بشكل جاد ودقيق فهي ” تغمض عين وتفتح عين ” وبهذا تسهل أو تتغاضى أو لا تأبه لعمليات الفساد الضارب اطنابه في مرافق الدولة والتهريب والرشاوى لتسهيل عمليات تسريب الأدوية المنتهية صلاحياتها أو غشها ونشرها في البعض من الصيدليات والمذاخر أو حتى على الأرصفة، وكذلك المواد الغذائية الفاسدة التي تتحول إلى سموم قاتلة في أجساد المواطنين الذين يُخدعون بها أو بسبب عدم وعيهم أو تدقيقهم للمدد الزمنية، ومع ذلك فأصحاب الضمائر الخربة يعالجون قضية المدة الزمنية بإيجاد طرق للمسح ووضع أزمنة جديدة عليها وبخاصة المعلبات الغذائية المختلفة. لقد تناقلت باستمرار العديد من المصادر رسمية وغير الرسمية ووسائل الإعلام قضية الأدوية والأطعمة الفاسدة غير الصالحة للاستعمال وتواجدها في السوق العراقية وكان آخرها وليس أخيرها ما توصلت إليه عمليات الرقابة الصحية التابعة لوزارة الصحة خلال رصدها للكثير من المواد الغذائية الفاسدة المضرة للاستهلاك البشري ولم تنأى سوق من أسواق البلاد عن هذه الظاهرة الإجرامية التي لا تقل عن العمليات الإرهابية والفساد في أذية المواطنين والتجاوز على صحتهم من اجل الربح الحرام، ولقد قامت مثلاً شعبة الرقابة الصحية في دائرة كربلاء بإتلاف كميات غير قليلة من المواد الغذائية الفاسدة بما فيها علب مياه الشرب التي ثبت تلوثها وبخاصة المعلبة في الأسواق المحلية، كما أن الرقابة الصحية في كركوك قامت بإتلاف حوالي ( 5 , 2 ) طن من المواد الغذائية غير الصالحة للاستعمال البشري وأكثر (31700 ) عبوة عصائر ومشروبات فضلاً عن كميات كبيرة من الألبان ومشتقاته ، كما جرت معاقبة (45) من معامل أغذية وإغلاق (9) محلات لمخالفتها شروط تصنيع الأغذية ، وأشارت وزارة الصحة أنها صادرت حوالي ( 5 , 22 ) طناً من ” الأدوية الفاسدة والمنتهية صلاحياتها من الصيدليات والمذاخر” غير المرخصة والوهمية وأشارت انه تم غلق (80) مؤسسة أهلية و (40 ) صيدلية و (15) مذخراً أهلياً و (5) مكاتب علمية و (16) محل للمستلزمات الطبية و (4) محلات طب الأعشاب ووجهت إنذارات إلى ( 43) مؤسسة صحية لعدم التزامها بالشروط ومخالفتها لتعليمات الوزارة.، كما أن هناك مئات القضايا والمستمسكات المادية التي تتناولها المؤسسات ودوائر الرقابة الصحية ووسائل الأعلام بخصوص الأدوية الفاسدة والأغذية غير الصالحة للاستهلاك البشري و قناني مياه الشرب المحلية الملوثة في أكثر المحافظات في الجنوب والوسط وغرب البلاد وحتى في بعض المناطق من الإقليم وقد نشرت وسائل الإعلام عن إتلاف مئات الأطنان من الأغذية والأدوية الفاسدة والحبوب والشاي واللحوم المستوردة وقناني العصائر والمياه المحلية أو من دول الجوار ومشتقات الحليب، ولا ندري عن مصير مئات لا بل آلاف الأطنان من الأغذية الفاسدة والأدوية المنتهية صلاحيات استعمالها التي استعملها المواطنون ودفعوا من رواتبهم وأجورهم التي لا تكفي أمام ظاهرة غلاء الأسعار غير الطبيعي. تبقى مشكلة الدواء والغذاء الفاسد في العراق من أكبر المشكلات تعقيدا، فحتى الآن لم تتمكن الأجهزة الأمنية من ضبط حركة تهريب الأدوية او الاغذية عبر الحدود أو منع دخولها بشكل طبيعي عبر المنافذ أو كشف معامل غير رسمية لإنتاج علاجات مغشوشة بماركات عالمية، ولا حتى السيطرة على سرقة أدوية المؤسسات الحكومية، وبيعها على الأرصفة، تحت ما يسمى بـ«صيدليات الأرصفة»، أما مهنة الصيادلة فأصبحت تجارة مربحة، فهناك عمليات تأجير لشهادات ممارسة المهنة وعمليات متاجرة بأدوية مهربة، وليس مستغربا أن تجد من يعطيك دواءك في الصيدلية إنسانا لا يحمل الشهادة الابتدائية، وهنا إمكانية الخطأ واردة بنسبة 90 في المائة. وكانت وزارة الصحة في الحكومة الحالية قد اعترفت بوجود أدوية وعقاقير فاسدة يتم تصنيعها داخل المنازل ولا سيما في العاصمة بغداد، ووجود عصابات تقوم بتصنيع الأدوية في العديد من مناطق العراق، وبيعها للمرضى بأسعار رخيصة..
في سياق آفة الفساد .. تداول أدوية واغذية قاتلة في أسواق العراق .بقلم د. بشرى الحمداني
آخر تحديث: