قدر العراق أن يكون قربانا

قدر العراق أن يكون قربانا
آخر تحديث:

بقلم: سمير داود حنوش

لا يُعرف إن كان ثرثرة كلام أم سيناريو يجري ترتيبه خلف الكواليس، في كل الأحوال فقد توزعت ردود أفعال العراقيين حول تغريدة نشرها المدون الإسرائيلي إيدي كوهين على منصة إكس يحذر فيها الميليشيات العراقية من أن ميناء البصرة سيلاقي نفس مصير ميناء الحديدة إذا أطلقت صواريخها نحو إسرائيل، ورغم أن التغريدة لاقت سخرية واستهزاء من بعض العراقيين، إلا أن البعض الآخر وجدها فرصة للتمعّن ودراسة ما خلف هذه التغريدة.

مفاجآت سياسية من النوع الثقيل بدأ يسجلها المشهد الدولي الذي سيجعل العراق مُرغما على الدخول في دوامته، كانت أولاها انتخاب الرئيس الإصلاحي الإيراني الجديد مسعود بزشكيان في وقت أربك حسابات القوى الفصائلية التي تهيمن على المشهد السياسي في العراق. ويدعو مسعود بزشكيان إلى سياسة أكثر تسامحا وانفتاحا على الغرب وضرورة عدم البقاء في القفص إلى الأبد. وهو ما يشير إلى توجه يحمل في عمقه تغيرا في الإستراتيجية الإيرانية التي قد تمتد إلى منطقة الشرق الأوسط، لكن ذلك لا يمنع إيران من استخدام أذرعها الموجودة في المنطقة لتنفيذ غاياتها ومآربها وتحقيق منافع حتى ولو على حساب شعوب المنطقة، فقد صرّح القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي في ملتقى قادة القوات البرية للحرس الثوري بأن “نشاطات المقاومة التي يقوم بها حزب الله في العراق وحزب الله اللبناني وعملية الوعد الصادق، هي أحداث كبرى ستغير تدريجيا الخارطة السياسية للعالم الإسلامي وغرب آسيا”.ماذا لو عاد ترامب إلى الرئاسة في البيت الأبيض ومكتبه يحتفظ بمذكرة القبض التي أصدرها بحقه القضاء العراقي بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبومهدي المهندس، وكيف سيتعامل الرئيس الجديد للولايات المتحدة مع ذلك الموقف العراقي الذي صدر ضده؟ وهل من المعقول ألّا يرد الصفعة لتشمل النظام السياسي برمته؟

بعد تغريدة السفيرة الأميركية في بغداد إلينا رومانوسكي بشأن الحوار الجاري بين العراق والولايات المتحدة وعدم تطرقها إلى ملف الانسحاب، فيما أشارت إلى الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الأمني الثنائي والعلاقات العسكرية، التي تعكس التزام الولايات المتحدة الدائم بدعم سيادة العراق وأمنه واستقراره وبقراءة أولية للبيان، تظهر سذاجة من يقول إن القوات الأميركية ستخرج من العراق، كما يظهر تراجع الأصوات الداعية إلى انسحاب القوات الأميركية من العراق خصوصا إذا جلس في البيت الأبيض رئيس مثل ترامب.

معادلة “ميناء الحديدة مقابل تل أبيب” قد تستدرج دولا أخرى إلى الصراع، فقد أكد الأمين العام لحركة النجباء العراقية أكرم الكعبي أنّ الهجوم الإسرائيلي على الميناء اليمني “لن يُترك من دون رد وعقاب”، ما عزز انتهاء مهلة الأربعة أشهر التي أُعطيت لوقف عملياتها ضد الأميركان، من أجل إعطاء المبادرة للحكومة العراقية للتفاوض مع الأميركان لغرض خروجهم من العراق. والدليل على انتهاء الهدنة هو الصواريخ التي انهالت على قاعدة عين الأسد معلنة البدء بفصل جديد من الاشتباك.

انقلاب الفصائل المسلحة على الحكومة العراقية وتعهداتها بالالتزام بوقف الهجمات سيدفع الإدارة الأميركية إلى أخذ زمام المبادرة والتعامل مع الموقف بإرادة أميركية بحتة ودون اللجوء إلى الحكومة العراقية، ما قد يعيد إلى الأذهان محاولات الاستهداف الأميركي للفصائل وقادتها بشكل أو آخر وعلى الأراضي العراقية.

اللوبي الأميركي الذي تبنّى اتهام نتنياهو بأن إيران تموّل الاحتجاجات داخل أميركا، يجعلنا نستعيد الذاكرة للأحداث التي سبقت إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، عندما تم التحشيد الإعلامي ومن ورائه العسكري لضرب العراق. نتنياهو يريد من عنوان اتهام إيران بالاضطرابات أن يجعل كرة الثلج تكبر، ليصنع رأيا عاما ضد إيران عندما يحين موعد الحرب بين حزب الله اللبناني وإسرائيل.

الشرق الأوسط يعيش على صفيح ساخن، ينتظر شرارة صغيرة لاندلاع حريق قد يأكل الأخضر واليابس، يكون وقوده العراق ودولا في المنطقة لا ناقة لها سوى حركات بهلوانية يُراد لها التأثير في السياسة لصالح إيران التي تلعب بالبيضة والحجر، وهي على استعداد لحرق العراق بأكمله من أجل عيون نظامها. فهل سيكون مصير العراق مثل مصير الحديدة؟ نتمنى ونرجو غير ذلك.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *