قراءة في زيارة المالكي إلى اربيل
بغداد/ شبكة أخبار العراق – تقرير سعد الكناني … اتفق معظم المراقبين ان زيارة المالكي وحكومته إلى اربيل هي حالة “ضعف” وليست قوة بعدما أدرك المالكي انه أصبح “وحيدا” وخسر الكثير على المستوى السياسي بل حتى على مستوى علاقاته مع المقربين له بسبب تفرده بالقرار ، وهناك من يؤكد ان مشكلة المالكي هي عدم قدرته على التخلص من ظاهرة الكذب والإيفاء بوعوده ويلاحظ هناك تناقض كبير بين تصريحاته ،وكلما ضاقت عليه الفرصة ذهب إلى “عمار الحكيم لإبرام مناورة سياسية جديدة ” لان “مهمة عمار الحكيم هي ليست تهدئة الأمور من واعز وطني كما يقرأه البعض بل لأنه مكلف رسميا بهذا الواجب من إيران ان يقوم بتهدئة الأمور لصالح المشروع الإيراني الكبير في العراق ومن هنا جاء لقاء النجيفي مع المالكي وذهاب الحكيم إلى اربيل وبقى فيها أكثر من ثلاثة أيام لتهيئة زيارة المالكي وحكومته إلى اربيل والطلب من رئيس الإقليم مسعود البرزاني ان يستقبل المالكي وطاقمه السياسي في مطار اربيل ” ،وعلى السياق نفسه أكد النائب المستقل حسن العلوي، الاثنين 10 حزيران 2013 بأن زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى اربيل– هي “إضعافا” لمركز العراق ،وقال العلوي في تصريح صحفي له : إن “حركة المالكي حركة رجل دولة، وأنا لم احتفل بمبادرة الحكيم التي جمعت السياسيين، فالمفروض بالقائد السياسي ان يبادر، فلماذا لايذهب رئيس مجلس النواب إلى رئيس الحكومة ولماذا لايحصل العكس، فعلاقاتهما ليست شخصية بل محكومة بإرادة الناخب؟”،وأضاف العلوي أن “زيارة المالكي إلى اربيل تأتي من باب ان الإقليم هو جزء من العراق، ولأبأس ان يقوم بها وإن كنت فضلت ان تبدأ المبادرة من بارزاني باعتباره رئيس إقليم، ولكي لا يضعف المركز المتمثل بالعاصمة بغداد، وأن يعقد الاجتماع الأول في بغداد والثاني في اربيل”.وأوضح أن “الاتفاقات يجب ان تكون في بغداد، وذهاب المالكي إلى اربيل خلل يؤذي موقع بغداد في التأريخ، لكن بالمقابل هو جاء إلى موقع الخلل لكي يصحح، ويمكن للقاءات ان توقظ وترا من أوتار الثقة المقطوعة بينهما (المالكي وبارزاني)”.وكشف العلوي عن السبب الذي دفع المالكي إلى زيارة إقليم كوردستان في الوقت الحالي، مؤكدا أن التحالف الشيعي الجديد دفعه لذلك، وتحالفت كتلتا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم الفائزتان في الانتخابات المحلية التي جرت في شهر أيار الماضي على تشكيل الحكومات المحلية ومجالسها في العديد من المحافظات ذات الأغلبية الشيعية ولازالت هناك محافظات لم تحسم بعد وتقول تقارير صحفية ان الكتلتين اقتربتا من حسمها وبهذا يكون ائتلاف المالكي خارج المعادلة الجديدة للتحالفات بحسب مراقبين.وبيّن العلوي أن “المالكي طالب علنا بإنهاء التحالف الشيعي الكوردي، ولكن الإطراف الشيعية رفضوا هذا الشيء، ولابد من ان إيران ألاّ تضحي بالتحالف الشيعي الكوردي، لذا المالكي “فكر جديا بأنه إذا ذهب بعيدا في إسقاط التحالف الشيعي الكوردي ربما هو سيخرج من التحالف وهناك بديل عنه”.وتابع أن “المالكي أراد ان يقطع الطريق أمام تشكيل تحالف شيعي –كوردي جديد يكون هو الوحيد الخارج عنه، لذا “العامل الخاص حرك المالكي مستخدما الأسباب العامة”.وتأتي خطوة المالكي الأولى منذ 2010 بعد قيام وفد برئاسة رئيس وزراء إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني بزيارة إلى بغداد توصل خلالها إلى اتفاق مبدئي مع بغداد لحل الخلافات العالقة وكذلك أنهت قطيعة للوزراء والنواب الكورد في الحكومة الاتحادية ومجلس النواب العراقي.وجاءت المقاطعة على خلفية تمرير موازنة العام الحالي في آذار دون رغبة الكورد الذين طالبوا بتضمينها مبالغ تتجاوز 4 مليارات دولار كمستحقات لشركات أجنبية تعمل في كوردستان. وهناك مشاكل قديمة بين بغداد وأربيل بشأن مناطق متنازع عليها وإدارة الثروة النفطية وكذلك ميزانية حرس الإقليم “البيشمركة” وغيرها.وحشد الجانبان قواتهما قرب كركوك بعد تشكيل بغداد قيادة عمليات جديدة باسم “عمليات دجلة” واجه معارضة شديدة من الكورد الذين قالوا إن إدارة ملف الأمن في مناطق النزاع يجب أن يكون بالتنسيق بين الطرفين، وتميزت علاقة كوردستان بالتوتر الشديد مع الحكومة الاتحادية خلال الولاية الثانية لنوري المالكي، وتقول كوردستان إن المالكي ينفرد بالقرارات ويتجه بالبلاد نحو الدكتاتورية، إلا أن المالكي يقول إنه يطبق الدستور!.وهددت العلاقات المتوترة التحالف الستراتيجي القديم بين الكورد والتحالف الوطني الذي يعود إلى فترة معارضتهما للنظام العراقي السابق،في حين اياد علاوي في أخر تصريح صحفي له يوم 9حزيران 2013 ردا على سؤال وجه إليه، هل المالكي قوي قال ” ليس قويا، وان مظاهر القوة هي بهدوء واطمئنان الشارع أمنيا، وباحترام القوى السياسية الأخرى بتطبيق القوانين وبناء مؤسسات الدولة المدنية، وبوجود مجلس وزراء متماسك ويعمل بروح الفريق الواحد، مظاهر القوة بالاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة. مظاهر القوة ليست بالذبح والقتل والاعتقالات والتهديد، ولا بالانفلات الأمني الحاصل بالعراق، أي مظاهر قوة هذه والعراقي لا يؤمن على نفسه بالشارع، إذا لم تقتله عبوة ناسفة أو سيارة مفخخة فسوف يقتله القناص، وإذا أفلت من القناص فسيقتل بواسطة كاتم الصوت” ،وبما ان المالكي طموحه هو التجديد لولاية ثالثة رغم خسارته الشعبية والتي تجلت بالانتخابات المحلية الأخيرة إلا ان هذا لايمنع من تقديم تنازلات كثيرة لخصومه السياسيين على حساب وحدة وامن العراق ، ونحن نؤيد ما ذهب إليه البعض لو كانت زيارة رئيس الإقليم هي التي تسبق لكانت أفضل تاريخيا من وجهة النظر السياسية والإدارية ، ولكن إصرار البرزاني على شروطه واعتبار اللقاء بـ”الفرصة الأخيرة” هي من حفزت رئيس الوزراء على اللقاء به وتهدئة الأمور أو على الأقل ترحيل ما يمكن ترحليه لغاية الدورة البرلمانية الجديدة في 2014 وهذا ما يفكر به المالكي من الاستفادة من عنصر الوقت لصالح أجندته السياسية .