هادي جلو مرعي
أنا لست السندباد المغترب، أعيش بطريقة عادية في العراق أمر بالمناطق الموجوعة، وأعمل، وأكتب، وأحكي، وأشاكس، وأتناول الطعام، وأبحث عن الحب والحياة، وأقفز من فوق جدران الموت .لارغبة لي بمغادرة العراق بالرغم من إني حزنت كثيرا أمس. فعندما أوصلت صديقي الذي كان يعمل مدرسا في الجزائر قبل عقود من الزمن، من الكرادة الى بغداد الجديدة قال لي، إنه يتمنى لو إن لديه عشرة آلاف دولار ليهرب من العراق الى الجزائر… حزنت لحاله وتمنيت لو أني أتمكن من مساعدته.. ضحكت ورفعت صوت الراديو كان برنامج من إذاعة مونت كارلو مع مقدمة البرامج (نعمات),, مررت بالمشتل.. مررت بمكوى الحاج دفعت ثمن المكوى وإستلمت بذلاتي الأنيقة سمعت صوت إنفجار مدو؟ قالوا، إنه في مدينة الصدر وقتل فيه أبرياء .. مررت بضاحية شرق بغداد إشتريت بطيخة وبعض الخيار وفواكه.. إستوقفني رجل يحمل كيسا فيه بعض الخبز الحار.. أوصلته لمسافة. قال، إنه ذاهب الى بيت أخته التي تعيل يتامى قتل أبوهم في إنفجار.. توسلته أن أعطيه مبلغا ليشتري لهم الكباب. كانت رائحة الكباب تزكم الأنوف . وصلت البيت في قريتي تابعت مباراة الريال وتسجيل رونالدو أربعة أهداف في مرمى أليتشي، ثم مباراة الليفر، ومباراة أخرى لميلان لدقائق.. وكلمة أوباما عن حرب سوريا، وأخرى للسيد نصرالله، وتابعت محاكمة أبي قتادة، وكلمة لعبد الملك الحوثي، وسمعت أغنية وطنية بمناسبة عيد المملكة السعودية الوطني.. خرجت في الليل والنسيم عليل وجلست في حديقة مع بعض الختيارية وشربنا الشاي وسولفنا وضحكنا وإنقهرنا ، وتحدثت لبعض الفضائيات عن العراق ومشاكله وآفاق المستقبل اللا مستقبل، ووووووووووووووووووووووووووتمضي حياة العراقيين في الداخل بينما يبحث عدد كبير منهم عن منفذ للهرب! أهربوا أيها العراقيون فأنا باق..
العذابات التي يتحملها العراقيون تكاد لاتطاق، لكن لاسبيل الى العيش من غير صمود مر وصادم ومؤذ، وربما مفجع للغاية في ظل تعقيدا الأمن والسياسة والحروب والعنف والإرهاب المتصاعد. نحن في مواجهة أخطار حقيقية لانجد الكثير من الفرص لمساعدتنا في التخلص منها ولابد من مقاومة، نحن إذن مقاومون حقيقيون جاهزون للموت، أو للعيش في ظل الأذى والقهر فليس من أحد يجترح المعاجز في زمن الفوضى، والذين يبحثون عن حلول ويضحون قلة في الواقع، والمطلوب منا نحن العاديين جدا أن نجترح الصبر والصمود بإنتظار الحل.. متى يأتي الحل؟ لاأحد يعرف بالضبط في بلد تتنازعه المصالح والمشاكل والتدخلات. كثير من الدول تعاني من الإرهاب والمصاعب الإقتصادية، لكن كل إنسان، وفي كل بلاد معذبة يعيش الألم بطريقته الخاصة مثل ثقافته المختلفة عن ثقافة غيره..
إستمروا في تحمل العذابات.. الله كريم.