كثر الحديث عن الوزير الذي يرشح للثقافة ، والغريب ان يتهافت البعض من المثقفين والاعلاميين لنيل هذا المنصب ، او بطرح اسماء مرشحيهم ، على قاعدة ( رشحني وأرشحك ) ويفترض وعلى اقل تقدير ، ان تكون هناك دعوة ورغبة واضحة من رئيس الوزراء ، لشغل هذا المنصب ، ويتم الاتفاق فيما بعد على تقديم مرشح واحد ، لكي تحفظ كرامة المثقف ، وهو الأسمى من بين كل المسميات ، في وزارات ، محشوة بمدراء عامين و موظفين فاسدين ، و في بلد اصبحت فيه الثقافة والمعرفة ، محط تندر واستهزاء ، من قبل الذين يحتقرون الثقافة والفنون ، ويشجعون على العربدة والمجون .
ان تكون وزيرا .. يعني ان تكون متمكنا من ادارة الوزارة ، ولك القدرة الفعلية ، والمهارات العلمية ، من القيام بواجباتك ، وان تكون صاحب قرار وموقف ، تغير وتبدل ، وتنقل هذا ، وتطرد ذاك ، ولا تستسلم لمغريات السلطة ، في وزارة بائسة كان لها وزراء ينسجمون مع متطلبات المرحلة ، التي غاب فيها العقل ، وانتصر فيها الشر ، وفي وزارة اصبحت( فضلة ) لمن يتنافسون ، على الدفاع والداخلية ، والنفط والمالية .
عليك ان تلجأ وتستعين بأسلحتهم ، ان تمتلك المال والقوة لمواجهتهم ، و تكون سيد الساحة والمساحة ، اما عن الثقافة والمثقفين ، فشارع المتنبي كفيل بأمرهم وجمعهم .
تذكروا من كان وزيرا ، وباستثناء ( مفيد الجزائري ) … كان إمام جامع خالع ، وعسكري ضايع ، ومتعال غير نافع ، والان بصدد ترشيح وزير فاقع .. فلا مكان من هو بمقام أندريه مالرو ، ولا جاك لانغ ، ولا نية اساسا ، بتوزير ، من هو ببلاغة الجواهري ، وثبات علي الوردي ، وثقافة عزيز السيد جاسم ، وفكر هادي العلوي .
العراق .. وبعد تفشي الجهل ، وخراب المنظومة المعرفية ، وسيطرة الرعاع على مفاصل الحياة ، في الدوائر والوزارات ،التي تعشعش فيها احزاب السلطة والمافيات ، و سطوة العشائر ، وأبناء المسؤول من حديثي لقب الذوات ، الى اخر نتاجات المشهد
السياسي المشحون بالويلات ،
والذي لم يكن يوما قادرًا على انتاج ثقافة عضوية فاعلة ، يشترك فيها العقل الجمعي ، وتنتهي الى رؤية واضحة تليق بتاريخ وحضارة العراق .
اظن ان على المثقف / .. ان يعي مقدار هذا الخراب في النفوس ، قبل خرابها في السياسة والجامعات والوزارات ، واذا كنا ننتقد ونستهزيء باستمرار من هرولة السياسيين وراء السلطة وهم يتدافعون عنها ومن اجلها بالمناكب ، فلماذا هذه الحماسة الفائضة ، ولماذا يحاول البعض من المثقفين ، امتهان هذه اللعبة ، وهو يعرف جيدا مقادير أوزارها وقذارتها ونتائجها .
هنا ،، انا لا ادعوكم الوقوف على التل ، انما علينا ان نقول كلمتنا كي تسمع ، وبأسلوب راق وفعال ،، و ان لا نكون لاهثين وراء الغنائم و ( حصة ) المثقفين ، وهي حصة لا تغني من جوع .
اقول علينا البحث عن أساليب راقية ، لتجنب الوقوع و الانخراط في وسط سياسي ملوث ومريض ، فاقد الشرعية يحاول اشراك الوطنيين والمخلصين ، وفق رؤية تتماشى والمضي بنهب خيرات البلاد ، واذلال العباد .
هنا .. استذكر صديقنا الراحل ، ،، كامل شياع وكيل وزارة الثقافة الأسبق ، الذي اغتيل ، بعد ملاحقته على الخط السريع ..لا لشيء سوى انه كان مثقفا وطنيا صادقا ، رفض ان يكون في قافلة المدعين واللصوص ، والمزورين وجهلة القرن الواحد والعشرين .. &