ما يتسرب من النقاشات والحوارات التي تجري بين قادة التحالفات الانتخابية ان نتائج الانتخابات اعادت العملية السياسية الى المربع الاول وليس هناك قدرة لديها للخروج من الازمة وتراجعت في مفاوضاتها عن الوعود بالاصلاح والتغيير الجذريين وتكوين الكتلة “العابرة للطائفية ” التي تنبذ المحاصصة وتتجه نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية تخلف ورائها التدهور المريع الذي اصاب المجتمع والدولة ووضع البلاد على حافة التقسيم ، فالانتخابات فشلت في افراز كتلة حاسمة ومقررة بينها وبين الكتل الفرق الكافي في المقاعد النيابية الذي يؤهلها لذلك ، كما ان القوى المدنية الحقيقة هي الاخرى لم تحقق الطموحات المنشودة لتكون رقما يحسب حسابه ..
لم يعد الحديث سرا عن اعادة التحالف الوطني الشيعي ، بل اصبح امرا ملموسا سواء كان بقوائمه الخمسة او الاربعة لا يغيير من الامر شيئا ان اجتمعت كلها او تخلفت احداها او اثنتين منها لانه الاعتراضات شخصية وليس على البرامج ولا تناحرية ويمكن ان تذوب في ظرف معين .
الكتلة العابرة للطائفية حقيقة اصبحت في خبر كان ، فالائتلافات هي غير موحدة الرؤيا بشانها وتتمحور في نظرتين رئيسيتين كلاهما لايخرجان البلاد من ازمتها ، رغم انهما يحوزان الاغلبية العددية ، ولا يحققان الوحدة المجتمعية والوطنية ويبقيانها هشة ومعرضة لمخاطر التفتت .
من الواضح انه لا عبور للطائفية مع من يعمل على تشكيل كتل او ائتلافات منسجمة مذهبيا ” شيعية ” ومن ثم تاتلف مع كتل مقابلة لها “سنية ” ، هذا هو ما يتم بناؤه والتحاور بشانه عند الحديث عن تكوين الكتلة الاكبر التي تضم “سائرون – النصر – الحكمة – الفتح – دولة القانون ” او من دون الائتلافين الاخيرين ، وممكن ان تكون الاولى خارج الكتلة الاكبر تعتمد على التنازلات الاضافية التي ستقدمها .
من انعكاسات هذه الحوارات دفعت القوى السنية الى الاتجاه ذاته تحت ضغط الشريك المحتمل والقوى الطائفية في داخلها والخشية من هضم اكبر لتطلعات جمهورها ،فقد بدأت بحوارات قطعت شوطا لتشكيل الكتلة الاكبر للمكون السني ، بعد ان تيقنت ان كتلة شيعية ستظهر على المسرح السياسي مثلما حدث سابقا بعد اعلان النتائج والمصادقة عليها..
وسيؤدي هذا الى تفكك كتلة النصر التي تضم اكبر مجموعة سنية من محافظة نينوى
وهي بمعنى ستفقد التنوع الشكلي لان هذه المجموعة ستكون مع التحالف السني ، وللدلالة على ذلك ايضا انها تتحرك الان بشكل مستقل في نشاطاتها عن التحالف الذي تنتمي اليه وليس تحت عنوانه .
هذا المسعى الجاري لتكوين الكتلة الاكبر بالطريقة والالية الراهنة والخضوع للضغوط الاقليمية والدولية وتوافقاتها وغياب الارادة السياسية هو الذي دفع بعودة المحاصصة وبقوة وعلى اساس اغلبية مكونات وليست اغلبية وطنية .على الارجح يتم جمع فريق واحد من كل طائفة وقومية ليكون حاكما والاخر ياخذ مقاعد المعارضة وهذا جمع ميكانيكي ليس الا ، لا يختلف اطلاقا عما كان عليه الامر في النتيجة عن السنوات السابقة ..والاحتمال الاخر اشرا ك الجميع لطبخ ذات الطبخة الفاسدة .وفي كلا الحالين يتم تقاسم المكاسب والمناصب على هذا الاساس والخاسر الاكبر بذلك موضوعة الاصلاح ومحاربة الفساد ومزيد من التدهور للخدمات .
ليس هناك ميزان قوى وارجحية لتشكيل ائتلافات عابرة للطائفية بالتصورات التي تحملها بعض الكتل الفائزة للانتخابات وهي ما تزال بعيدة عن النهج السليم الذي يتمثل ببناء احزاب وتيارات غير طائفية لا يقتصر الانتساب اليها على مذهب معين او اثنية بذاتها تنظيمات منفتحة وتبنى على اساس المواطنة ،اي ان بنيتها الداخلية غير طائفية.
لا يمكن للمتخندقين في كتلة طاثفية ان ينزعو جلودهم لانه دمجت المصلحة العامة بالخاصة والفرز بينهما ليس هينا وما عدا ذلك ديكور وتزويق للتحالفات الطائفبة وبالتالي هناك حاجة الى تفعيل حركة جماهيرية قادرة على انتزاع مكاسب وطنية وترغم الحكومة المقبلة على تشريع وتنفيذ مشاريع تراعي مصلحة شعبناوتحد من الطائفية باي صورة ستكون .