لـك الله يـــاعراق من قيادات لاتقرأ ولاتسمع ولاتفقه
آخر تحديث:
بقلم:محمود فرج اللامي
يواجه العراق ومنذ وقت طويل تحديات خطيرة ومصاعب جمة في مقدمتها الفساد المستشري على نطاق واسع ومختلف صنوف التآمر والعدوان في سعيه للنهوض وإعادة بناء أقتصاده وخدمة مواطنية وتعزيز مكانته بين بلدان العالم ممايتطلب بالتأكيد حشد كافة الجهود والأمكانيات وتسخير كافة الطاقات الفاعلة لتحقيق ذلك، الاأن مايؤسف له أن مرور السنين وتعاقب الحكومات
لم يجلب للناس غير خيبة الأمل بمايرجوه وينتظروه، كما وضع الجميع أمام حقيقة فشل العملية السياسية بأمتياز على جيمع الأصعدة والميادين. وبالطبع فأنه ليس بوسع المواطن المخلص الأهتمام بكل شيئ والتدخل بكل الأمور التي تعرقل إعادة بناء العراق وتطويره فلدينا من المختصين والكفاءات العلمية مايغطي كل الميادين والتخصصات فلا نتحدث مثلاً عن خطورة حرمان العراق من محكمته الأتحادية العليا على الرغم من أهمية ذلك وحاجته الماسة إليها والتي جعلت منها الصراعات والمصالح اللاوطنية في خبر كان. وهكذا فأن جل اهتمامي منصب على قضية واحدة متعلقة بأختصاصي وخبرتي الطويلة ورسالتي الوطنية، تلك هي القضية التعاونية التي لم أتردد يوماً عن تبيان أهميتها وتشخيص مشاكلها وسبل أصلاحها والكشف عن الفساد والمفسدين فيها.
أستبشر التعاونيون كغيرهم من المواطنين بسقوط النظام الدكتاتوري الذي ورثوا عنه تنظيمات تعاونية تعاني من مختلف أشكال القصور والتخلف والأهمال سخرها النظام بصورة أساسية لخدمة مصالحه وتنفيذ سياسته، وجعل منها مرتعاً خصباً لازلامه ومرتزقته الذين تسللوا إلى الوسط التعاوني في غفلة من الزمن همهم الوحيد التسابق وراء الكسب الحرام والأثراء اللامشروع على حساب المجتمع والقيم التعاونية النبيلة. لهذا لم يتردد التعاونيون المخلصون عن الأعلان عن قٌضيتهم وإيصال تفاصيلها وملابساتها وسبل أصلاحها إلى مختلف المعنيين من سياسينين ورجال دولة أبتداءاً بأعضاء مجلس الحكم وقيادات الأحزاب السياسية ومجلس النواب ومروراً بالحكومات المتعاقبة وصولاً إلى الحكومة الحالية. وتكللت الجهود التعاونية بعقد مؤتمر طارئ للتعاونيين العراقيين أواخر عام 2003 بدعوة من (حركة أصلاح وإعادة بناء الحركة التعاونية) الذي شارك فيه المئات من التعاونيين من كافة المحافظات بما فيها محافظات كردستان العراق وأتحادها التعاوني وبحضور ممثلي العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وأقر خطة لأصلاح الحركة التعاونية وأنقاذها من الأنهيار، وأختار بأشراف قاضي منتدب من مجلس القضاء الأعلى لجنة مؤقتة لمتابعة توصيات المؤتمر وتنظيم أنتخابات جديدة شاملة للتنظيمات التعاونية أبتداءاً بالجمعيات التعاونية مروراً بأتحادت المحافظات وصولاً لأختيار قيادة جديدة للأتحاد العام للتعاون… وللأسف الشديد فأن كل الجهود المخلصة التي بذلها التعاونيون قد باءت بالفشل حيث أصطدمت بجدار متين من الجهل والتجاهل واللاأبالية في ظل غياب تام للدولة والقانون مما مكن عصابات الفساد والمرتزقة من الهيمنة المطلقة على التنظيمات التعاونية ومواصلة أبتزازها والأثراء من خلالها بعد تمكنها من شراء المزيد من الضمائر والمواقف والقرارات أينما كان ضرورياً ومطلوباً لتحقيق مصالحها وتعزيز سطوتها كونها تعرف جيداً طرق الوصول إلى أي مسؤول وتعرف نقاط ضعفه وكيفية أصطياده بشباكها. بالتأكيد أن جميع الحكومات المتعاقبة هي المسؤولة سياسياً وأخلاقياً وقانونياً عن تدهور الواقع التعاوني بعد أن شوهت هذه الحركة الجماهيرية المهمة وشطبت دورها الأقتصادي والأجتماعي وحولتها إلى أحد مرافق الفساد الخطيرة. وأذا كانت الحكومات السابقة بخبرائها ومستشاريها عاجزة عن معرفة وفهم أهمية ومشاكل العمل التعاوني وفشلت بأصلاحه ووضعه بمساره الصحيح فما الذي يمنع الحكومة الحالية التي تتحدث كثيرأ عن الأصلاح والتغيير ومحاربة الفساد
من الألتفات إلى القضية التعاوينة والعمل على أستعادة الحركة التعاونية من حالة الأغتصاب والهيمنة المفروضة عليها منذ وقت طويل أذا كانت جادة في عزيمتها؟ أما اذا كانت هي الأخرى عاجزة عن فهم مبادئ وأفضليات النشاط التعاوني وأمكانيات تسخيره لمصلحة الوطن والمواطنين فما الذي
يمنعها من الأستعانة بالعراقيين الأصلاء من أصحاب الكفاءة والخبرة وتنفيذ ما أمر به رسول الله (ص) ( وأستعينوا على كل صنعة بصالحي أهلها) خصوصاً وأن أنقاذ الحركة التعاونية هو جزء حيوي ومهم من عملية أصلاح المجتمع العراقي وهو واجب وطني وأنساني وديني مقدس … خصوصاً وأن هذه الحكومة ورئيسها المحترم لايعتمدون على أي كتلة وغير مدعومين من أي حزب سياسي، مع ذلك فهم بحاجة ماسة إلى الاسناد والدعم الجماهيري علماً بأن الطريق الأفضل للوصول إلى الجماهير العراقية
هو الطريق المباشر لبناء العلاقة معها ولعل الحركة التعاونية بمختلف أشكال الجمعيات التعاونية وحاجتها الماسة إلى التفهم والدعم الحكومي يمكن أن يكون أفضل ساحة جماهيرية لدعم السيد رئيس الوزراء وحكومته ومن غير المناسب التفريط بها لأي سبب
من الأسباب بل ومن الضروري الأنتفاع من العلاقة المباشرة معها ذلك لأن كل المواطنين هم تعاونيون بطبيعتهم سواء كان ذلك بصفتهم منتجين أو مستهلكين وأن الأنتباه لبناء وتنظيم هذه الحركة ستعم فائدته لكل المجتمع وفي المقدمة منه من أنصفها ومكنها من أخذ دورها الأقتصادي والأجتماعي (أي الحكومة القائمة)شريطة عدم تناسيها أو أهمالها للتنظيمات التعاونية في السياسات أو المشروعات الحكومية الكبرى (كالورقة البيضاء) التي تعتبر بحق أفضل القائمين على تنفيذ الكثير من محاورها وتحقيق أهدافها. بعد جهد جهيد أضطرت الحكومة إلى ممارسة دورها القانوني في الأشراف على النشاط القانوني وإتخاذ الأجراءات اللازمة عند حصول أي خلل أو أنحراف فتقرر من قبل أمانة مجلس الوزراء تشكيل لجنة للتدقيق والتحقيق في النشاط التعاوني للأتحاد العام للتعاون ومدى التقيد بأحكام القانون وذلك في الأول من أيلول 2015، طبيعي ومع ترحيبنا بتشكيل اللجنة التي أعطت الأمل بالمباشرة بأصلاح الواقع التعاوني كانت لدينا ملاحظاتنا وتحفظاتنا على ذلك بسبب خلو اللجنة من المختصين وأصحاب الخبرة في الشأن التعاوني وكذلك لعدم تحديد أجل معين لإنجاز اللجنة لمهمتها وترك ذلك مفتوحاً مماسمح للجنة البقاء إلى اليوم دون أي أنجاز وكذلك لكون اللجنة قد تشكلت وباشرت عملها بأشراف من كانوا سبباً في عرقلة أصلاح الحركة التعاونية وأستغلوا مواقعهم السياسية والحكومية لتأمين مصالحهم وأشباع أطماعهم، لهذا فليس غريباً أن تتحول اللجنة وبدلاً من سعيها لإيقاف الفساد والأستغلال والتجاوزات تحولت جزء لايتجزاً من هذه الحالة الخطيرة بدون أي حسيب أو رقيب، وهكذا أبتعدت كثيراً عن مهمتها الأساسية لتصبح أداة طيعة بيد القيادة التعاونية الفاسدة. ولكن مع ذلك يحسب لها أنجاز مهم حيث أعدت تقريراً مفصلاً شخصت فيه الكثر من التجاوزات وحالات الفساد وسوء الادارة قدمته إلى مجلس الوزراء الذي ناقشه وصادق على توصياته بجلسته في 18/4/2017 التي أضاف عليها السيد رئيس مجلس الوزراء في حينه الدكتور حيدر العبادي وجوب إحالة المفسدين والمتجاوزين إلى القضاء لمحاسبتهم.. ولكن مع ذلك ومع تغير الحكومات فأننا لم نشهد حتى اليوم محاسبة أي مفسد أو أعتقال أي سارق أو متجاوز، بل وأستمرت اللجنة على حالها وتواطئها مع المفسدين ولم يتغير فيها الا أسمها الذي أصبح (لجنة للأشراف) دون أي تغيير في تشكيلتها، وبدون أن تكلف الجهات المعنية في مجلس الوزراء نفسها بمحاسبة اللجنة على تقصيرها وأضاعتها للوقت بدون أي أنجاز يذكر لها على الرغم من وضوح الأمور في تقريرها المفصل وعذرها في كل ذلك أنها قدمت تقريرها وكل مايتعلق بحالات الفساد إلى هيئة النزاهة التي لم تقم بما يمليه عليها الواجب والمسؤولية الوظيفية الوطنية وتقرر أتخاذ الأجراءات اللازمة متناسية أن أحد الأعضاء الأساسيين في اللجنة هو الممثل المعتمد لهيئة النزاهة وبدرجة مدير عام فيها علماً بأن تقارير وشكاوي الفساد التعاوني تملأ أدراج مكاتب هيئة النزاهة منذ تأسيسها.
في الوقت الذي كان فيه التعاونيون يطالبون بتغيير هذه اللجنة الفاشلة وأتخاذ الأجراءات الفاعلة لاصلاح الواقع التعاوني جرى أحداث تغيير شكلي أقتصر على أستبدال رئيس اللجنة السابق بسبب تقاعده برئيس جديد للجنة وهو أحد موظفي هيئة المستشارين. وحال مباشرة الرئيس الجديد رحب به التعاونيون الذين التقوه وأطلعوه على مشاكل الحركة التعاونية وقدموا له النصح وتعهدوا له بالوقوف معه لتحقيق مهمته الوطنية في أصلاح الواقع التعاوني.. بمرور الأيام أتضح بأن الرئيس الجديد غير معني بماقدم له من أفكار ومقترحات لأنه في الحقيقة عازم على أستغلال مكانته ليكون المستفيد الأول في المرحلة القادمة بعد أن تعرف جيداً على تفاصيل الفساد وأساليبه وحيتانه، لهذا عمل على أبعاد كل القوى المنافسة وتقريب قادة الفساد المعروفين في الوسط التعاوني. وهكذا بعد أستبعاده لأعضاء لجنة الأشراف وأنفراده بالقرارات وأستبعاده لرغبة التعاونيين بتشكيل مجلس تسيير مؤقت يعمل
على أصلاح الواقع التعاوني ويعد العدة لتنظيم أنتخابات تعاونية جديدة شاملة وفقاً للقانون بعد تنقية الحركة التعاونية والوصول إلى الأغلبية الصامته، قام بأعفاء مجلس أدارة الأتحاد من مهمته بعد توجيه الشكر والتقدير لأعضاءه عل أنجازهم ويمنحهم البراءة على ما أقترفوه طيلة ثمانية سنين حافلة بالتجاوزات وتحويل صلاحيته من الناحية الشكلية إلى لجنة الأشراف التي منح نفسه فيها مكانة وصلاحيات رئيس الأتحاد العام للتعاون معتمداً على العديد من المشبوهين في الهيمنة على الحركة التعاونية مستعيناً بحيتان الفساد المعروفين بعد أن وعدهم بالبراءة على ماأقترفوه في ماضيهم وتجاهل القوانين التي تمنعهم من الترشيح مجدداً للمواقع التعاونية. وتسارعت خطاه لتحقيق أهدافه بعقد مؤتمرات غير شرعية للهيئة العامة وأتخاذ قرارات غير قانونية في الموصل والبصرة وبغداد هدفها الوحيد أطلاق يده في أبتزاز الحركة التعاونية ولفترة غير محدودة وعدم تناسيه الأساءة الى التعاونيين المخلصين من أصحاب الكفاءة والخبرة والتاريخ المجيد لوقوفهم بوجه تطلعاته المشبوهة، وبالتأكيد فان المسؤول الأول عن هذا الواقع وهذه السلوكيات هي الجهات المعنية في مكتب رئيس الوزراء التي أطلعها التعاونيون مفصلاً على كل مايجري وفي حينه على امل أطلاع دولة رئيس الوزراء على الحقائق الخطيرة التي أساءت لدور الدولة في قيادة الحركة التعاونية ودعمها ، ولعل هؤلاء لايدركون بأن سكوتهم وهم في مواقع سياسية وتنفيذية هو مشاركة حقيقية للمفسدين في فسادهم وتستر واضح عن جرائمهم وأستحواذهم
على المكاسب اللامشروعة.
أمام هذا الواقع واعلى أمل أقتناع السيد رئيس الوزراء بضرورة تحقيق ماعجز عنه الأخرون نشير إلى أن أنقاذ الحركة التعاونية وتطهيرها من الفساد المستشري وتعزيز دورها في الحياة الأقتصادية والأجتماعية بحاجة ماسة إلى أرادة مبدأية صلبة وجادة وإلى آليات غير تقليدية وإلى أدوات مخلصة.. ومن هذا المنطلق وبعد وضوح الصورة نرى ضرورة أنهاء مهزلة اللجان الفاشلة والقيادات المشبوهة والقرارات المتناقضة والأقدام على أتخاذ الأجراء القانوني الصحيح بتشكيل مجلس تسيير مؤقت من العناصر الكفوءة والمخلصة لاصلاح الواقع التعاوني وتنظيم أنتخابات نزيهة وشاملة وصولاً لاختيار قيادة جديدة للأتحاد العام للتعاون خلال فترة زمنية محدودة لاتزيد عن العام الواحد، وعدم الأنشغال بأية أفكار جانبية أخرى لاتفي بالغرض.. فالحركة التعاونية كقوة جماهيرية كبيرة لايستهان بها وإداة فاعلة لبناء العراق وتطويره وخدمة المواطنين… الا تستحق أن تشمل بإلتفاته كريمة من دولة رئيس مجلس الوزراء وحكومته؟!