لن تستقر المنطقة إلا بإسقاط نظام الملالي في طهران

لن تستقر المنطقة إلا بإسقاط نظام الملالي في طهران
آخر تحديث:

بقلم:سعد الكناني

منذ تغيير نظام الحكم في إيران من ملكي إلى جمهوري في (1/2/1979) بزعامة خميني بدعم غربي واستحداث منصب المرشد الأعلى صاحب الصلاحيات الواسعة والقرار الأول وفق الدستور الإيراني، وقيام هذا النظام بتأسيس الميليشيات في الدول العربية الهشة لتكون اذرعه الأخطبوطية دون تدخل مباشر من قبله في احداث التغييرات وفرض الاجندات كما جرى في العراق وسوريا ولبنان واليمن ، ومنذ التاريخ أعلاه والمنطقة في دائرة الصراع والأزمات آخرها سقوط غزة بعد أن ضحك هذا النظام على حماس ومن ثم ذراعه حزب الله اللبناني ومقتل معظم قادته في مقدمتهم حسن نصرالله وتهجير أكثر من مليون مواطن من الضاحية الجنوبية دون ان يتضرر نظام الملالي . والخاسر الوحيد من هذه الاحداث المواطن العربي ليس غيره.

غدر النظام الإيراني بالشيعة العرب ليس جديداً ففي عام (1998) اصدر وزير الداخلية في حكومة الرئيس خاتمي المدعو (عبد الواحد موسوی لاری) قرارا عنصريا بمنع العراقيين الشيعة اللاجئين في ايران من العمل والدراسة والزواج وعاقب من يشغلهم من الإيرانيين بغرامات مالية باهظة، السؤال: هل يتذكر العراقيون هذا الموقف المخزي ام الذاكرة سمكية؟! .اليوم شيعة لبنان تدفع ثمن الغدر الإيراني ايضا، وسبب ذلك عدم اتعاظ الشيعة العرب من الخناجر الإيرانية المسمومة، وتلك معضلة، بسبب نسبة الجهل العالية ،وقد قال الإمام علي (رض) في الجهل:

وَفي الجَهلِ قَبلَ المَوتِ مَوتٌ لِأَهلِهِ

وَأَجسادُهُم قَبلَ القُبورِ قُبورُ

وَإِنَّ اِمرَءاً لَم يُحيِ بِالعِلمِ مَيِّتٌ

وَلَيسَ لَهُ حَتّى النَشورِ نُشورُ

إيران بعد حرب غزّة ولبنان. تعرف قبل غيرها أن مصدر قوتها المتجددة هو العراق. الذي يمثل القلب النابض لمشروعها التوسعي ، هذا ما يفسّر كلّ هذه الجهود التي تبذلها طهران لتثبيت وجودها في العراق وربط بغداد بطهران ونجحت في ذلك من خلال حكومتها الإطارية ومراجعها في النجف وكربلاء وتوظيف أكثر من مئة مرقد شيعي وهمي لغايات التجنيد السياسي الطائفي وخرق النسيج الاجتماعي العراقي وعمليات التغيير الديموغرافي والقوانين التي تخدم هذا الاتجاه . لأن المنطقة مقبلة على إعادة تشكيل يضع كلّ دولة في حجمها الحقيقي. إيران من دون العراق لا تعود لاعبا إقليميا أساسيا.

إيران تعمل وفق قاعدة فقهية عقائدية للولي الفقيه تنص “على دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر” , وهذا يعني تخليها عن حسن نصرالله , فيه ضرر لكنه ضرر صغير وأفضل من ضرر كبير يؤدي الى زوال دولة الولي الفقيه بأكملها, وهذا يدل على أن منظومة ولاية الفقيه لاتمتلك أخلاق الإسلام كما تدعي ولا مبادئ الإنسانية. بدليل أن الرئيس الايراني بزشكيان في زيارته الاخيرة لدولة قطر يوم (3/10/2024) سلم رسالة معنونة الى امريكا واسرائيل مفادها ” باننا مستعدون للتفاوض والموافقة على أغلب الشروط ومنها تسليم سلاح حزب الله اللبناني الى الجيش اللبناني وانسحابه الى خلف نهر الليطاني وان ايران على استعداد لفتح صفحة جديدة مع امريكا مقابل عدم قصف المفاعل النووي الايراني وان يكون الرد الاسرائيلي شكليا ” .

وقد أجرى وزير خارجية إيران عباس عراقجي في بغداد يوم (13/10/2024) مفاوضات غير مباشرة مع واشنطن من خلال ” الوسيط عمار الحكيم” تؤكد فيه إيران التزامها بالشروط الأمريكية والإسرائيلية وفق ما جاء في رسالة رئيسه بزشكيان مقابل ان يكون الرد الإسرائيلي شكليا دون استهداف المفاعل النووية. وقد طلب عراقجي من الحكومة الإطارية برئاسة السوداني التحرك السياسي /الدبلوماسي لإيقاف الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني والاستمرار في دعم المقاومة الإسلامية.

إيران رفضت إيواء الأسر الشيعية النازحة من الضاحية الجنوبية ولم تقدم لها رغيفا واحداً بل كلفت حكومتها في بغداد بالإيواء وتقديم المساعدات وتسجيل ابنائهم في المدارس والتعامل معها وفق خدمة (VIP) ، وحكومة السوداني خصصت (3) مليارات دينار من تخصيصات الطوارئ كدفعة أولى وذهب بعض رؤساء مجالس المحافظات الشيعية الى تقديم المقترحات في تعيين أبناء الأسر اللبنانية الشيعية في مؤسسات الدولة العراقية ، والنازحين العراقيين ما زالوا في مخيمات السليمانية وأربيل والموصل ، وهذا الأمر لم ولن يحصل إلا في الدول الفاشلة ذات الحكم التبعي ، والعراق يعاني من الجفاف والعطش والفقر والبطالة والعجز المالي ومديونية داخلية وخارجية تجاوزت (90) مليار دولار . وقد صنف العراق في المرتبة (32) عالميا في معدل البطالة وفق مجلة (CEOWorld) الأمريكية بتاريخ (22/9/2024).

سقوط حزب الله اللبناني الذي يصنف بالعمود الفقري لمحور” المقاومة الإسلامية” يمثل بداية سقوط نظام الملالي في طهران ، ولا نعتقد ان ميليشيات إيران في المنطقة قادرة على إنقاذ نظام خامئني من السقوط .لذلك بدأت إيران بالرجاء والتوسل لإيقاف الحرب من خلال تصريحات الرئيس الإيراني بزشكيان وجولات وزير خارجيته عباس عراقجي إلى لبنان وسوريا والعراق والسعودية ،وما تصريح قائد القوات الجوية في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده بتاريخ (1/10/2024) الذي جاء فيه ، “كان بإمكاننا أن نطلق حربا شاملة، وكان بإمكاننا أن نضرب جميع القواعد الأمريكية والإسرائيلية ونقتل كثيرا منهم، وكانوا هم أيضا سيهاجموننا ليقتلوا خلال شهر (20) ألف مدنياً وعسكرياً منا، ما يعني تراجع البلاد (15 أو 20 ) سنة إلى الوراء.. وهذا غير منطقي”.

إيران لن تورط نفسها في الدخول بالحرب من أجل فلسطين ولبنان وسوريا واليمن والعراق، بل جعلت من هذه الدول جسرا لتحقيق مصالحها في المنطقة ولا يهمها كم يقتل من أبنائها لأنهم ليسوا إيرانيين. هذه الحقيقة. واستحالة ان تورط نفسها في حرب جديدة بعد خسارتها في حرب الثماني سنوات مع العراق(1980-1988).

إيران لم تصل إلى هذا التوسع في المنطقة لولا غض النظر الأمريكي وفرض نفوذها، علينا أن نعي الحقيقة ،إسرائيل تجاوزت على القوانين الدولية والإنسانية ،لكن معاداتها لا تمنح شهادة شرف وحسن سلوك لمن يقتل أهله ويعتدي على جيرانه، ويستأجر الوكلاء الفاسدين لقتل شعوبهم وسرقة المال العام ومصادرة حرياتهم وكراماتهم وإفقار بلدانهم وإذلالها ، وهناك حكومات غير معادية لإسرائيل، لكنها عادلة مع شعبها، وجاهدة في إسعادهم وإغنائهم وحفظ حرياتهم وكراماتهم، وأخيرا نقول أن الزمن مبارزة بين غالب ومغلوب. وان نهاية إشعال الحروب في المنطقة تكمن في نهاية نظام الملالي في طهران .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *