انهى مجلس النواب العراقي القراءة الاولى لمشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي المثير للجدل .وقد سبق لمجلس النواب تأجيل مناقشة مسودة قانون جرائم المعلوماتية المشابه لهذا القانون الذي لاقى في وقته اعتراضات عديدة لتقييده حرية التعبير عن الرأي .وتحاول احزاب السلطة بشتى الوسائل كبت وتقييد حرية الرأي والتعبير عن طريق تشريع قوانين عقابية مشددة ضد الصحفيين والناشطين ، مما يتعارض مع نص المادة 38 من الدستور العراقي، التي ضمنت حرية الرأي والتعبير . كما انه يتعارض مع المبادئ العامة للديمقراطية التي تضمن حرية الكلمة في مجتمع مدني تعددي ومتسامح .ان حرية الرأي والتعبير من الحقوق الاساسية للمواطنين والتي جاءت في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .واصبحت هذه الحقوق من المبادئ الإنسانية والديموقراطية الثابتة ويعدها المجتمع الدولي من أهم القيم الإنسانية لاتصالها بالثقافة والفكر الواعي .ان الحق في الثقافة وحرية التعبير يشمل حرية الرأي وحرية تلقي أو نقل المعلومات أو الأفكار دون تدخل من السلطات العامة وبغض النظر عن الحدود .
وحماية حرية التعبير تشجع الناس على التحدث بصوت عالٍ ، مما يسهل معالجة الخروقات القانونية للسلطات الحاكمة ، وهذا يردع القادة والسياسيين عن إساءة استخدام سلطتهم ، ويقضي او يحد من انتشار الفساد السياسي والاداري .أن التشريعات التي تقيد حرية التعبير والرأي تمثل انتهاكا” لحقوق الإعلاميين والنشطاء والمواطنين على حد سواء. خصوصا من نواحي تغطية الفساد والاختفاء القسري المبني على كبت الحريات الاساسية للانسان .ان حجم الفساد الذي انتشر في العراق ، وخصوصا في المستويات العليا من السلطة السياسية . قد دفع بالاحزاب الساندة لها لتبني القوانين التي تقيد حرية التعبير لردع المواطن والاعلامي عن فضح وكشف مواقع الفساد والاشخاص القائمين عليها .
ومن خلال تشريع القوانين المعطلة لحرية الرأي يحاربون الاصوات الوطنية النزيهة من صحفيين ونشطاء وحقوقيين ومواطنين من عامة الناس وارهابهم .انهم كانوا ينتقدون مايسمونه جمهورية الخوف في النظام السابق ، ولكنهم الان يؤسسون بهذا القانون دولة الرعب وديكتاتورية الاحزاب وتسلطها .ويتبين ذلك بوضوح من الحكم الصادر على الناشط العراقي الشاب حيدر الزيدي بالسجن ثلاث سنوات، بعد اتهامه بإهانة الميليشيات التابعة للاحزاب .وقد نددت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية بإجراءات محاكمة الزيدي ووصفتها بأنها “غير عادلة بشكل واضح”.
ان مشروع قانون حرية التعبير والرأي المعروض على مجلس النواب يمثل سلاحا بيد السلطة واحزابها لاسكات الاعلام الحر النزيه وتكميم الافواه والسكوت عن سرقات الاموال العامة والتغطية على عبث الميليشيات المسلحة وابتزازها للمواطنين واسكات الاصوات الشريفة الداعية للقضاء على تجارة المخدرات الآخذة بالانتشار “بحماية بعض سياسي السلطة وازلامها” . والتغطية على اساليب نشر الجهل والخرافات وكشف حجم الفقر في العراق بلد الثروات .ان تشريع هذا القانون والسكوت عليه يمثل جريمة بحق الكلمة الوطنية النزيهة والاعلام الحر ،ويسمح للسلطة اطلاق اليد الطولى لمحاربة كل صوت وطني بعقوبات قاسية .مما يتوجب على كل الاقلام الحرة من اكاديميين ومواطنين رفع اصواتهم عاليا لرفض اقرار هذا القانون الجائر ، واسقاطه حفاظا على الكلمة الحرة النزيهة والفكر الوطني الخلاق .