مئوية الدولة الأردنية: شد الحيل

مئوية الدولة الأردنية: شد الحيل
آخر تحديث:

بقلم:احمد صبري

اكتسبت الذكرى المئوية لتأسيس الدولة الأردنية أهمية كبيرة في مسار هذه الدولة التي رسَّخت بنيانها على قاعدة الاعتدال، والتمسك بثوابت وثيقة الاستقلال، ومبادئ الثورة العربية الكبرى وسط إقليم مضطرب ومثقل بالحروب والانقلابات والانقسامات الفئوية والطائفية، إلا أن الهاشميين تمكنوا من بناء دولة حديثة تستند للدستور والقانون والانتماء للعروبة كخيار يجسد انتماء الأردن لأمته العربية ونصرة قضاياها المصيرية.

وعلى مدى القرن الماضي لم يَتحمل بلد وزر وتبعات وارتدادات الأزمات التي شهدتها منطقتنا العربية، منذ نكبة فلسطين عام 1948 وحتى الآن، مثل ما تحمله الأردن.

وتبعات الأزمات التي نتحدث عنها، جعلت من الأردن حاضنة وملاذا آمنا للمتضررين من تلك الأحداث.. لم يبخل أبناء الأردن في واجب تقديم العون والرعاية للملايين من أشقائهم العرب، الذين تقطعت بهم السبل من جراء الأحداث التي مرَّت على بلدانهم، في مقدمتهم أبناء العراق، الذين وجدوا في الأردن المكان الآمن برغم المصاعب الاقتصادية التي يمر بها.

وبرغم إمكاناته المحدودة، فقد قدم الأردن التسهيلات الإنسانية والقانونية للباحثين عن الأمن، وأيضا للعمل والاستثمار، في موقف يعكس الحرص على تخفيف وطأة الأزمات عن أشقائهم العراقيين والعرب.

وعندما نتحدث عن تحمل الأردن تبعات الأحداث الكارثية، التي مرَّت وتمرُّ على منطقتنا فإننا نستعيد دور هذا البلد وقيادته في مواجهة هذه التحديات رغم الحرائق التي تحيط بكيانه، إلا أنه يحاول إطفاء تلك الحرائق بروح المسؤولية القومية التي تنهض بها القيادة الأردنية.

وفي هذه الأجواء حرص العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على مصارحة شعبه بالتحديات والمصاعب التي تواجه الأردن و(تتطلب شد الحيل) لمواجهتها، كما واجه تحديات وانتصر فيها على مدى العقود الماضية.

إن (شد الحيل) تستوجب ليس من الأردنيين فقط وإنما من أشقائه الوقوف إلى جانبه لتعزيز صموده وثباته، وتجاوز ضائقته الاقتصادية وتلبية احتياجاته، في محاولة لرد الدين لهذا البلد الذي كان الحاضنة وما زال لارتدادات أزمات العرب لم يبخل في تقديم الدعم والرعاية والأمن لمن فقدها في بلاده.

والأردن الذي نتوقف عند محطات مضيئة في مسيرته نستطيع القول إنه تجاوز منعطفات تاريخية، كما تمكن مؤسسوه من تشييد بنيانه على قاعدة مقدرته على التجديد، ومواكبة متغيرات العصر، والتكيف الإيجابي مع معطياتها.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجه الأردن، فإن العاهل الأردني رسم ملامح المرحلة المقبلة لمسار الدولة ورسوخها وتطلعها وثباتها في ترسيخ قيم المواطنة، وحرية الرأي ودولة مدنية يحكمها العدل والقانون.

لقد بات واضحا أن المحطات المضيئة في مسيرة وطن وما تحقق فيها من إنجازات أصبحت عنوانا يعتز به الأردنيون من فرط ثقة المجتمع الدولي، وأيضا العربي بمصداقية وثبات الموقف الأردني إزاء التحديات التي واجهته مما أكسبه الثقة بمواقفه حيال ما يجري بالمنطقة عموما.

وأصبح الأردن بعد 100 عام على تأسيس دولته رقما صعبا في ميزان القوى في المنطقة والإقليم وعنصرا فاعلا للأمن والاستقرار بالمنطقة. ويقينا أن دولة مثل الأردن ـ واجه على مدى العقود العشر الماضية أزمات وتحديات ـ قادر على تجاوز عثرات الطريق بثبات وحكمة قيادته التي بقيت صامدة تستمد عزمها وقوتها من معين شعبها، وشد الحيل سيعزز مسار وديمومة دولة بقيت صامدة رغم الرياح العاتية، إلا أنها لم تنل من إرادتها.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *