عَلِمْنا أنّ الجيش الإيراني لن يتدخل في مواجهة حرب الإبادة لقطاع غزة، كما عَلِمْنا من خلال وزير خارجيتها أنّ “محوَر المقاومة” الذي شكلته ودعمته في وقت سابق على جهوزية تامة لدخول قواته المعركة لصد العدوان خلال ساعات..
وتمضي الساعات ثقيلة لتصبح أياماً طويلة يتساقط خلالها آلاف الأبرياء تحت عمرانهم حتى سُوّيت أحياء بأكملها بالأرض. كل دقيقة تحصد آلة القتل الإسرائيلية المزيد من الأطفال والنساء حتى طالت القذائف المستشفيات ومدارس الأونروا التي لجأ إليها الأهالي باعتقاد أنها تشكل لهم الحماية والأمان، وذلك في ظل حصار مطبق منذ سنوات، أصبح معه الناس هناك يعانون الهلاك من نفاد كلّ سبل الحياة من مواد تموينية وطبية ناهيك عن فقدان مواد الطاقة حتى انعدام الماء.
كما أننا نشهد بسالة منقطعة النظير يسطّرها مقاومو القطاع بسلاحهم المتواضع لتثير دهشة القريب والبعيد. حيث ولأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يستطيع المقاتلون الفلسطينيون من نقل المعركة إلى داخل الأراضي المحتلة ويذيقون العدو مرّ الهزيمة، مع الانسحاب إلى قواعدهم وديارهم بعدد كبير من أسرى جلّهم من عسكريين كانوا مدججين بمختلف الأسلحة.
أمام هذه الصدمة التي ألحقت الخزي والعار بالجيش الذي لا يقهر والتي هزت كيان الاحتلال، استيقظت الصهيونية العالمية بكل وحشيتها للانتقام من مدنيين عزّل وتهديدهم باقتلاعهم من أراضيهم لتشكل لهم نكبة جديدة على غرار نكبة 1948.
ليس كل ما يحصل صدفة، كل شيء كان معدا ومبيتا من قبل. أدوات المؤامرة التي تآمرت على الشعب الفلسطيني في الماضي هي نفسها، وربما أضيف إليها المزيد من الدول والأحزاب والقوى التي تلاقت مصالحها مع الإمبريالية الأميركية الراعية الأولى للكيان الاحتلالي، ومنها دول عربية مسكونة بالخوف والتخاذل أباحت أوطانها لعدو يتربص بكل الأمة العربية والإسلامية لمنع تحررها ونهضتها.
من المفترض أن يكون هناك استثناء لا يرتضي بهذا الغزو الأميركي، كانت إيران التي مدت يدها لقوى عربية تناهض الوجود والمشاريع الأميركية وربيبتها إسرائيل في منطقتنا ومنها الفلسطينية التي تجد نفسها دائما على خط النار في مواجهة هذا العدو الذي يتلقى كل الدعم من حلفائه الغربيين.
نقول من المفترض أنّ غزة التي تشكل الآن خط نار المواجهة الدائرة، ألا تبقى وحيدة بإمكاناتها المتواضعة وهي تكتب صمودها بأرواح أبنائها منذ 13 يوما إلى حد كتابة هذا المقال، حيث يرتكب العدو الصهيوني أبشع المجازر حتى بلغ عدد الضحايا أكثر من أربعة آلاف إنسان وأكثر من عشرة آلاف جريح مع فقدان البنية التحتية وبات الناس هناك نازحين من بيوتهم المدمرة في العراء، ولا يزالون يتلقون حمم الجحيم برا وجوا وبحرا.
سمعنا عن محور للمقاومة أنشأته إيران منذ سنتين يمتد من لبنان وسوريا والعراق واليمن حتى إيران، يمتلك آلافا مؤلفة من الصواريخ والآلات العسكرية. أقول سمعنا، لأننا لم نلمس ونشاهد من أفعاله شيئا. نسمع كلاما، كان آخره ما صرح به وزير الخارجية الإيراني بأنّ هذا المحور على أهبة الاستعداد للدخول إلى المعركة للدفاع عن الشعب المظلوم وذلك خلال ساعات فقط.
مرت الساعات وصارت أياما ارتكب خلالها العدو أبشع مجزرة في هذا العصر يندى لها الجبين الإنساني في مستشفى وسط غزة يضم مرضى ونازحين راح ضحيتها حوالي 500 إنسان.وهنا تقوم الأسئلة المُرّة: هل كان هذا المحور كذبة كبيرة، ولد ميتا؟ وهل تم تشكيله لأهداف أخرى لا تخص المسألة الفلسطينية؟ وعليه، يقوم السؤال الأكبر والأمرّ: ماذا تريد إيران.. أنْ يقوم الضحايا من بين الأنقاض للدفاع عن طهران؟