لقد وقع المحظور في العراق باقحام الجيش في قمع وسفك دماء العراقيين، و دق آسفين عداوة غير متعارف عليها في التاريخ، والمحظور قد وقع بعد استسهال الحكومة الخيار الأمني، لعدم امتلاك الخبرة في ادارة الأزمات، أو لأن مستشاريها لم ينشغلوا بانضاج مشروع عراقي سلمي، أو لا يريدون ذلك أصلا، بالمقابل” خطيه” الحاكم عندما يعتقد سوء المشورة حكمة!!
نقول ان المحظور قد وقع بتوسيع المواجهة الطائفية بأذرع حكومية ومؤسسات توصف بالدستورية، والمحظور قد وقع عندما لم ينتفض العراقيون لأخوتهم بقوة بعد ” نكبة الحويجة”!! ورغم كل ما حدث هل يتقاعس العراقيون الى هذا الحد، أو لأن مفعول حبوب ” الطائفية” المخدرة جدا، قد عدلت قائمة الأولويات عندهم، كنا ننتظر ثورة جياع وطنية انتصارا لشهداء العراق في الحويجة، وتوقعنا فتوى دينية واضحة تجرم فيها المرجعيات استخدام القوة، وتحث المواطنين على التظاهر الشعبي في عموم البلاد!!
لا هذا حصل ولا ذاك، فالجميع يلتزم ” الصمت المذهبي والحزبي”، وكأنهم يجهلون خطورة ما يجري، أو ربما لأنه بعضهم يراهن على ثقب في ذاكرة النسيان العراقية، ولن يأخذ على محمل الجد تنامي مشاعر الكراهية ، وتنوع فصول المواجهة، بعد أن أقحمت حكومة المالكي العراق في آتون حرب مذهبية وعشائرية لن تهدأ، خاصة بعد أن رفع شعارات تندد بمواقف سياسيين وعسكرين بشكل غير مسبوق!!
لم يكن قرارحكومة المالكي مبررا ولا موفقا على الاطلاق لاعتبارت كثيرة من بينها، ان الحكومات تصبر وتراجع حساباتها وتقدم تنازلات بعيدا عما يسمونه سيادة القرار، لأنه لا يوجد ما هو أغلى من دم المواطن ووحدة الشعب، ثم من الذي قرر ان اعتصام الحويجة يهدد استقرار البلاد ، وبأي المقاييس يدك الاعتصام بدبابات ومروحيات، لم تحرك ساكنا في احتلال الفكة بالأمس القريب، ولم تغيرمن خططها التعبوية من تمدد الكويت على ثروات العراق وسيادته في أم قصر مثلا!! الجيش مؤسسة لحماية حدود الوطن لا مواجهة شعب يعتبر القاعدة الخلفية الساندة والحامية لمهمات الجيش الوطنية!!
ليس هناك من عاقل عراقي يقبل امتهان سيادة بلاده أو العيش خارج سلطة القانون، لكن في المقابل يجب تطبيق العدل على الجميع كأسنان المشط كما يقال، لكن أن نستغل موقعا جغرافيا وكثافة عددية لاثبات ” رجولة” الدولة في الحويجة، فهذه قضية يكثر الجدل بشأنها، فكل ما جرى فيه تصفية حسابات طائفية بأمتياز، لأن الذي قرر أنطلق من مشورة ” أضرب الأضعف كي يهابك الأقوى”، وهي تخريجة سياسية فاشلة حتى لو رسمتها منضدة رمل عسكرية، لأن المستهدف هو أبناء شعب وزعت دمائهم على كل العشائر، فمن يتحمل النتيجة أو بالآحرى بقادرعلى التماسك أمام كتلة ثلج عراقيةغاضبة!!
سيضحي رئيس الوزراء ببعض بيادق اللعبة، وسيحاسب أطرافا هنا ويكرم أخرى هناك، ومع كل ذلك لن يتمكن من نزع فتيل أخطر أزمة حكومية، لأسباب من بينها شلل رعاشي أصاب الحكومة من الداخل بسبب كثرة الانسحابات، وثانيا غياب أي مشروع عراقي ناضج لحل المشاكل بروح أخوة بعيدا عن شخصنة القرار و نرجسية صاحبه، وخطاب سياسي مشحون طائفيا ، وقلق في الوجوه لا يبعث الأطمئنان في النفوس، و توظيف سيء لدستور ينصبونه قاضيا وحكما و جلادا في نفس الوقت، ما زاد من تعميق الهوة ودفع الى قرارات غير صائبة على الاطلاق، فالقوة لن تكون يوما أشد تماسكا من تناخي الأخوة!!
ولأن المستهدف هو استقرار وطن وأخوة شعب تاريخية، ولأن المحظور قد وقع بقرار شخصي، فان الجميع مسؤول أمام الله وطهارة دم الطيبين العراقيين، والذي لن يجتهد من أجل منع سفينة العراق من الغرق، فانه سيكون شريكا في جمع حطب الفتنة، المرجعيات الدينية من النجف الى ديالى مرورا بالانبار والموصل والبصرة وأربيل مطالبة بموقف غير طائفي، وهي مسؤولة عن الخطر اذا لم تقل كلمتها بمفردات واضحة، ” مجرم يخضع لمحاكمة شعبية كل شخص متورط بسفك دماء العراقيين بعيدا عن أية انتماءات أو حصانات رسمية”، بدون هذا الموقف سيغيرالشعب رأيه من المرجعيات الدينية والعشائرية والسياسية ، فنحن ندافع عن وطن أسمه العراق ، و انتهى زمن المجاملات والقرارات العبثية، وحان وقت قول كلمة الحق بلا مواربة، لأن المستهدف هو شعب يعبثون بموروثه وخيراته و مستقبل استقراره ، وعليه فان الذين يتراخون في مسؤولية الانتصار لحرية العراقيين وحقوقهم الانسانية ، سينطبق عليهم قول العزيز القدير “وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم، هم العدو فاحذرهم “.
شاكر الجبوري : [email protected]