بغداد/ شبكة أخبار العراق- أنجزت غالبية محافظات العراق استحقاق تسمية حكوماتها المحلية خلال الأيام الماضية، دون أن تختلف كثيراً عن النسخ السابقة لهذه الحكومات، سواء على مستوى المحاصصة الطائفية والحزبية أو القوى النافذة التي عاد بعضها للصدارة رغم انخفاض مقاعدها التي حصلت عليها، عبر تشكيل تحالفات كبيرة أفضت إلى الاستحواذ على المناصب الرئيسة، مثل رئيس مجلس المحافظة والمحافظ.وشهدت معظم المحافظات العراقية التي أنهت عقد الجلسة الأولى لمجلس المحافظة إجراءات أمنية مشددة وانتشاراً واسعاً لقوات الأمن في محيط مباني حكوماتها المحلية وإغلاقاً لأغلب الشوارع القريبة مخافة حصول أحداث أمنية ترافق اختيار رئيس المجلس والمحافظ.وخلال الفترة الأخيرة سعت القوى البارزة في “الإطار التنسيقي” الحاكم في البلاد، وتحديداً ائتلاف “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، إلى فرض إرادتها على توزيع المناصب في الحكومات المحلية، وشددت على عدم التجديد لأي محافظ سابق.واختارت النجف، والبصرة، والأنبار، ونينوى، وبابل، وذي قار، والمثنى، والعاصمة بغداد، وكربلاء، وواسط، وصلاح الدين، مجالسها المحلية، بينما تبقت 4 محافظات أبرزها كركوك، التي تشهد انقساماً قومياً حاداً بين مكوناتها السياسية (العرب والكرد والتركمان) على المناصب الرئيسية.
ولم يحصل ائتلاف “دولة القانون” حتى الآن إلا على منصب رئيس مجلس محافظة النجف، وخسر في المحافظات الجنوبية الأخرى، إذ صوّت مجلس النجف بالإجماع على اختيار حسين العيساوي عن “ائتلاف دولة القانون” رئيساً لمجلس المحافظة، ونائبه غيث شبع عن تحالف “الأساس” بزعامة رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، وانتخب يوسف كناوي عن تيار الحكمة الوطني محافظاً للنجف، وعمار الجزائري عن حركة “عصائب أهل الحق” نائباً له، والنائب الثاني كرار محبوبة عن تحالف “أبشر يا عراق” للمجلس الأعلى الإسلامي في العراق.
واختار مجلس محافظة البصرة الجديد خلف البدران رئيساً للمجلس، وهو من تحالف “نبني” بزعامة هادي العامري، فيما انتخب أسامة السعد عن كتلة “تصميم” بزعامة محافظ البصرة أسعد العيداني نائباً لرئيس المجلس، كما صوّت المجلس بالإجماع على أسعد العيداني محافظاً لولاية ثانية.وفي محافظة الأنبار انتخب لعمر مشعان دبوس الدليمي رئيساً للمجلس، وأكرم خميس المحلاوي نائباً له، فيما اختير محمد نوري الكربولي محافظاً.وانتخب مجلس محافظة واسط علي حسين سليمون رئيساً لمجلس المحافظة بالأغلبية المطلقة، ومحمد جميل المياحي محافظاً لولاية ثانية.وفي محافظة ديالى، انتخب نزار اللهيبي رئيساً للمجلس، ولم يحسم بعد منصب المحافظ.وكان مجلس محافظة كربلاء قد صوّت، لقاسم اليساري عن تحالف “نبني” رئيساً لمجلس المحافظة، ومحفوظ التميمي نائباً له. وصوّت أيضاً، وبإجماع الحاضرين، على التجديد لمحافظ كربلاء نصيف جاسم الخطابي لدورة أخرى، وعلي الميالي نائباً للمحافظ.
كما اختار مجلس محافظة صلاح الدين عادل عبد السلام رئيساً للمجلس، وأحمد الجبوري محافظاً، كذلك جرى التصويت على اختيار نائبين اثنين للمحافظ الجديد. ويظهر أن المناصب توزعت بين حزبي “الجماهير” و”تقدم”، و”تحالف السيادة”، بما يؤكد وجود تفاهمات حزبية أفضت إلى سرعة حسم الاستحقاق في المحافظة، وهو ما أثار حفيظة “الإطار التنسيقي” الذي أطلق اتهامات بالطائفية وتجاوز القانون، ومحاولات تفتيت وحدة “الإطار”.ووفقاً لبيان لـ”الإطار”، صدر ليل الأحد الاثنين، فإنّ “هناك طروحات طائفية ومحاولات لإعادة إحياء نفس وروح الطائفية من قبل بعض الكتل التي قفزت على الاستحقاق الانتخابي في صلاح الدين، لتفتيت وحدة الإطار في المحافظة”، مشدداً على أنّ “رئاسة المجلس استحقاق انتخابي للإطار في صلاح الدين، وتم الاتفاق على ذلك، لكن إصرار بعض الشخصيات المتربحة ماليا من العملية السياسية ومؤسسي المشروع الطائفي المقيت وخذلان بعض الحلفاء بالمضي بالجلسة، أفضى إلى إقصاء الإطار عن التمثيل في المناصب القيادية في المحافظة”.وشدد على أنّ “الإطار يحتفظ بالحق في اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفات القانونية التي ارتكبت في إدارة الجلسة واختيار شخصيات غير مؤهلة قانونا لاستلام المناصب”.
من جهته، اعتبر الباحث في الشأن السياسي العراقي سيف السعدي أن عدم نجاح “الإطار التنسيقي” بفرض إرادته، يدل على وجود خلاف داخل قواه، وقال على “إكس”: “الإطار لم ينجح في كسر معادلة الأغلبية المطلقة لتغيير جميع المحافظين مثلما أكد في أكثر من مناسبة، وهذا يدل على وجود خلاف كبير في ما بينهم بشأن رؤية التجديد لبعض المحافظين”.وتتمتع مجالس المحافظات، التي أنشئت بعد احتلال العراق في عام 2003، بصلاحيات واسعة، على رأسها انتخاب المحافظ، ووضع ميزانيات في الصحة والنقل والتعليم عبر موازنات مخصصة لها في الموازنة العامة، وإصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، من دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.وشهد العراق، في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أول انتخابات محلية منذ عام 2013، في 15 محافظة، بنسبة مشاركة تجاوزت 41% (6 ملايين عراقي من أصل 26 مليون شخص يحق لهم التصويت).