يوم بعد يوم تتأكد نبوءة السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر التي قالها فيها أنّ عادل عبد المهدي هو آخر رئيس للوزراء من الإسلاميين ومصطفى الكاظمي هو آخر رئيس للوزراء قبل الفوضى .. السيد الشابندر توّقع أنّ الفوضى القادمة ستكون فوضى خلّاقة ستكنس كلّ هذه الطبقة السياسية , وليست كفوضى تشرين التي أنتجت مصطفى الكاظمي .. بالنسبة لي لا أرى أي مؤشرات لفوضى خلّاقة تطوي هذه الصفحة المريرة من حياة الشعب العراقي , فما يجري في البصرة والناصرية هو في تقديري مقدّمات لحرب أهلية قادمة لا محالة , حرب ساحتها المدن الشيعية ووقودها الشيعة أنفسهم .. الحرب الأهلية القادمة لن تنتهي إلا بزوال النظام السياسي القائم وزوال كلّ هذه الطبقة السياسية الأسوأ في التاريخ العراقي المعاصر .. المخاض الصعب الذي ينتظر العراق والعراقيين ستزهق فيه أرواح كثيرة وسيعمّ الخراب والدمار مدن الشيعة لوحدها هذه المرّة .. زوال هذه الطبقة السياسية الحاكمة من الوجود لم يعد رغبة بقدر ما هو ضرورة لإعادة الحياة لهذا البلد الذي أنهكته الديكتاتورية وأجهزت عليه ديمقراطية اللصوص ..
صعوبة هذا المخاض تتمّثل بالسلاح والمال الذي استحوذت عليه العصابات الحاكمة منذ الإطاحة بالنظام الدكتاتوري وحتى هذه اللحظة , وهذا مما سيزيد من الدمار المادي والخسائر في الارواح .. ليس هنالك ما يلوح في الأفق أنّ هذه العصابات ستترك الشعب العراقي يلملم جراحه ويعيد بناء ثقته بنفسه بعد أن أصيبت قيمه وعقيدته في الصميم .. فالعقيدة التي نشأ عليها الأنسان الشيعي في العراق قد تعرّضت لهزّة عنيفة أصابت جوهر التشيّع , وهنا تكمن الخطورة الأكبر .. فعندما تتوّرط المؤسسات الدينية والأحزاب الشيعية بهذا الفساد غير المعقول , فمن الطبيعي جدا أن تصاب عقيدة الأنسان الشيعي البسيط بالوهن والتراجع بل وحتى الكفر بهذه العقيدة , وهذا ما حصل لشيعة العراق خلال هذه السبعة عشر سنة الماضية , حيث انهارت المنظومة العقدّية والأخلاقية للإنسان الشيعي البسيط .. الأوضاع في العراق تتسارع نحو الفوضى الشاملة التي ستحرق اليابس والأخضر .. كلّ المكوّنات الأخرى قد رتّبت نفسها لاستقبال هذه الفوضى القادمة , إلا المكوّن الشيعي الذي قرّر قادته اللصوص استقبال هذه الفوضى بالاقتتال فيما بينهم وتدمير مدنهم .. لا أرى سبيلا لتجنب هذه الفوضى سوى سحب الشرعية من النظام السياسي القائم وتشكيل حكومة مؤقتة بعد تجميد العمل بالدستور وإعادة بناء العملية السياسية برّمتها من جديد وحظر كلّ الأحزاب التي ساهمت في حكم العراق بعد 2003 ومنعها نهائيا من ممارسة العمل السياسي كما منع حزب البعث الفاشي ..