مراحل السيناريو الخبيث للسلطة العراقية في مواجهة الإحتجاجات الشعبية السلمية
آخر تحديث:
بقلم:الأشعث الفرزوني
يمكن لأي مُهتم ومُتابع للشأن العراقي ولأي مراقب أو مطلع على طبيعة وثقافة وسلوك وعقلية السياسيين والشخوص التي تدير شئون العراق خلال الستة عشر سنة ( أي منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن ) أن يستشف طبيعة السيناريو الخبيث الذي وضعته السلطة العراقية الحاكمة بأجهزتها الأمنية والمليشياوية وبإستشارة ومساعدة الحرس الثوري الإيراني ، وعلى رأسها قاسم سليماني ، لمواجهة وقمع التظاهرات والإحتججاجات التي تشهدها العاصمة العراقية بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية . فالسيناريو الذي تبنته ألأجهزة الأمنية العراقية لقمع التظاهرات يتضمن عدة مراحل متتابعة ومتداخلة مع بعضها حسب درجة الخطورة التي تشكلها التظاهرات على السلطة ورموزها وعلى نظام الحكم . المرحلة الأولى تشمل وعود ترقيعية وتخديرية على إعتبار إن الشعب العراقي يمكن أن تنطلي عليه مثل هذه الأمور ، وإذا لم تثمر هذه الخطوة تبدأ بالخطوة الثانية وهي مرحلة الإستخدام المفرط للقوة لقمع التظاهرات في بدايتها والقتل المتعمد والمباشر مهما كان العدد وتحت ذرائع مختلفة كمجهولية هويات من أطلق الرصاص الحي ، ويمكن التعبير عن هذه المرحلة من السناريو الخبيث بالمثل الشعبي وهو ” شٓوْفه الموت حتى يرضى بالصُخونة ” . وإذا لم يحقق هذا الأسلوب قمع التظاهرات وإنهائها ، وهذا ما حصل فعلاً ، يتم اللجوء الى المرحلة الثالثة من السيناريو الخبيث ألا وهو إستمالة تعاطف المتظاهرين إتجاه القوات الأمنية على أساس إن هذه القوات واجبها هو حماية المتظاهرين وليس لقمعهم وقتلهم ومن قام بالقتل هم عناصر مجهولة وذلك لإستبعاد الشبهة عن القوات الأمنية التي تعلم جيداًمن هي تلك “العناصر المجهولة” وتغاضت وفسحت لها المجال لقنص المتظاهرين . الى جانب ذلك تشمل هذه المرحلة من السيناريو زَج عدد من الأفراد التابعين للسلطة سواء من أفراد الأجهزة الأمنية والإستخباراتية أو أفراد المليشيات وسط المتظاهرين وذلك لإكتشاف هوية الناشطين والمنظمين والفاعلين في توجيه وإدامة زخم التظاهرات ليتسنى تشخيصهم ومن ثم متابعتهم وإلقاء القبض عليهم عندما يكونوا خارج مناطق التظاهرات أو إختطافهم على أمل أن تخف وطأة التظاهرات وزخمها . وهذا ما حصل فعلاً من حالات التوقيف التعسفي للعديد من المشاركين بالتظاهرات وحالات الخطف التي نالت عدد غير قليل منهم . الى جانب تهديد البعض ممن يؤيدون ويتعاطفون مع المتظاهرين بأرزاقها من خلال الطرد أو الفصل من العمل أو الوظيفة . ثم تأتي المرحلة الرابعة في حالة عدم نجاح السلطة بأجهزتها القمعية الفاشية من إحتواء زخم التظاهرات والإحتجاجات الشعبية المسالمة وإصرار التظاهرات على إسقاط السلطة بكل رموزها وهي إعادة إستخدام أقصى وسائل القمع وحشية وبشكل مباشر وعلني بإستعداد السلطة وأجهزتها الأمنية مباشرةً ومليشياتها لمواجهة وتحدي المتظاهرين والمحتجين والمظربين لمواجهة هذه الإنتفاضة بإعتبارها أصبحت تشكل خطر حقيقي على طبيعة المنظومة السياسية ككل وعلى حياة ومستقبل جميع السياسيين والرموز التي أدارت شئون العراق خلال الستة عشر سنة الماضية كنظام ورموز ومسؤولين . وعليه فإن السلطة الفاشية ستحاول كل جهدها ضمن هذه المرحلة بإستخدام كل الوسائل القمعية بشكل مباشر وهي على إستعداد تام لممارسة الإبادة الجماعية إتجاه المتظاهرين المعتصمين بزج المليشيات المسلحة في المقدمة والأجهزة الأمنية الرسمية من خلفها لإنهاء الإحتجاجات وإيقاع أكبر قدر من القتلى في صفوف المتظاهرين لإنهاء ثورتهم إتجاه الظلم والفساد . فهذه المرحلة من السيناريو الخبيث للسلطة يقوم على مبدأ وهو ” إما نحن أم أنتم “. وستلجأ السلطة من خلال أذرعها بإفتعال بعض الأعمال التخريبية ونسبها للمتظاهرين لإيجاد مبرر لمواجهة شاملة وشرسة إتجاه المتظاهرين وسوف لن تتوانى السلطة من إستخدام كل وسائل القمع الوحشية دون مراعاة لأي ضوابط ، الى جانب إفتعالها لبعض العمليات التفجيرية هنا وهناك مع التعرض لبعض المصالح الأجنبية لخلق فوضى مفتعلة تبرر إستخدام كل وسائل القمع المحرمة ، وهنا يأتي دور المليشيات المسلحة الموالية لإيران وزجها لتنفيذ هذه المرحلة من السيناريو الخبيث . ولكن الشيء الذي لم تفهمه أو تستوعبه السلطة هو إن إجرائاتها هذه سوف تزيد من زخم التظاهرات وتحَولها الى إعتصامات وإضرابات ومن ثم الى عصيان مدني تنضم اليه معظم شرائح المجتمع ومنظماته وسوف تصبح السلطة مع مليشياتها المسلحة الموالية لإيران وحيدة ومكشوفة في الساحة أمام الجماهير .