إلى أبناء شعبنا العراقي المبتلى باللصوص والسفلة ..
في قانون الموازنة العامة لسنة 2015 فرضت ضريبة على كارتات تعبئة الهاتف النّقال وشبكات الانترنت بنسبة 20% من قيمة الكارتات سميّت ضريبة المبيعات؛ حيث نصّت المادة 33/ أ (فرض ضريبة المبيعات على كارتات تعبئة الهاتف النّقال وشبكات الأنترنت بنسبة 20% من قيمة الكارتات). العجب العجاب أنّ الحكومة التي فرضت هذه الضريبة في قانون الموازنة العامة, قد أوكلت مهمة استيفاء هذه الضريبة إلى شركات الهاتف العاملة في العراق والتي هي شركات أجنبية غير عراقية, عملا بالمبدأ الشهير(ودّع البزون شحمة). بدورها قامت هذه الشركات برفع قيمة الكارتات بنسبة 20% فورا من لحظة صدور القانون, محمّلة بذلك المشتركين في هذه الشركات الضريبة التي فرضتها الحكومة على الشركات نفسها. المضحك المبكي في هذه القصة الخيالية أنّ الجميع قد رضخ لهذا الإجراء غير القانوني ولم يعترض أحد على هذه السرقة, حتى أنّ الجهات الرقابية الحكومية والبرلمانية لم تكلّف نفسها حتى بمجرّد الاستفسار من الجهات القانونية المختّصة عن الجهة التي تتحمّل هذه الضريبة المفروضة, فيما إذا كان المشتركون أم شركات الاتصالات. شركات الاتصالات العاملة في العراق هلّلت لهذا القانون (القندرائي), لأنّ هذا القانون قد رفع إيراداتها بنسبة 20% بشخطة قلم من مسؤول فاسد. وبعد أن أصبح المواطن المغلوب على أمره هو الجهة المعنية بتحمّل أعباء هذه الضريبة من دون أي مسوّغ قانوني أو أخلاقي, كان من المفترض أن تذهب أموال هذه الضريبة المجباة التي تحمّل أعباءها المواطن المسكين إلى خزينة الدولة شهرا بشهر. وكان من المفترض أن يكون للدولة جهة حسابية متخصصة بحسابات شركات الاتصالات لمعرفة أرقام المبيعات الحقيقية. لكن هذا لم يحصل ومن هنا بدأت فصول هذه الجريمة التي لا تصدّق.
في سنة 2016 استمرّ قانون الموازنة العامة بفرض هذه الضريبة وكما جاء في نص المادة 24/ أ (استمرار فرض ضريبة المبيعات على كارتات تعبئة الهاتف النّقال وشبكات الأنترنت بنسبة 20% من قيمة الكارت). وفي موازنة 2017 أضيفت جملة (وتقيّد إيرادا للخزينة العامة)، كما جاء في نص المادة 23/ أولا (استمرار فرض ضريبة على كارت تعبئة الهاتف النّقال وشبكات الأنترنت بنسبة 20% من قيمة الكارت وتقيّد إيرادا للخزينة العامة). وهذه إشارة إلى أنّ أموال هذه الضريبة المجباة في الأعوام السابقة لم تقيّد إيرادا للدولة. في موازنتي 2018 و 2019 تغيرّ النص وأضيف تهديدا للمخالف لأحكام هذا القانون كما جاء في المادة 17/ أولا من قانون الموازنة العامة لسنة 2018. ونص المادة 18/ أولا في قانون الموازنة العامة لسنة 2019 والتي نصّها (استمرار فرض ضريبة المبيعات على خدمة تعبئة الهاتف النّقال وشبكات الانترنت وتقيّد إيراداتها إيرادا نهائيا للخزينة العامة ويخضع المخالف للأحكام الواردة في قانون ضريبة الدخل رقم 13 لسنة 1982). وهذا يعني أنّ ضريبة العشرين بالمئة التي فرضت على كارت تعبئة الهاتف وشبكات الأنترنت لم تسلّم لخزينة الدولة منذ سنة 2015، وحتى هذه اللحظة, بعد أن استحصلتها شركات الهاتف النّقال من المشتركين في اليوم الثاني لصدور القانون. وهذا ما كشفه النائب أسوان سالم الكلداني عضو لجنة الاتصالات والإعلام لوسائل الإعلام في الأول من تموز 2020 قائلا انّ “شركات الهاتف النّقال لم تسلّم مبالغ ضريبة المبيعات التي فرضت على كارتات تعبئة الهاتف النّقال منذ 2015 ولغاية الآن. واشار الى أنّ تلك الشركات وبرغم أنّها جعلت المواطن هو من يتحمّل تلك الضرائب, لم تسلّم الحكومة لغاية الآن أيّة مبالغ ترّتبت على ذلك).
في دولة اللا دولة.. لا أحد من الجهات الرسمية الممثلّة بوزارة المالية أو الهيئة العامة للضرائب أو هيئة الإعلام والاتصالات أو الجهات الرقابية الحكومية أو البرلمانية، يعرف حجم الإيرادات التي تحّققت من تلك الضريبة, بالرغم من أنّ هذه الضريبة قد خرجت من جيوب المشتركين وتمّت جبايتها بالكامل من قبل الشركات الثلاث كورك وزين وآسيا سيل، كما ولم يتأكد لأي جهة حكومية أنّ تلك الشركات لديها آليات لعزل نسبة 20% من جميع مبيعاتها وتحويلها إلى الجهات الحكومية المعنية. وإذا ما ثبت أنّ هذه الشركات لم تسدّد إلى الدولة هذه الضريبة منذ سنة 2015 وحتى هذه اللحظة، كما جاء في تصريح عضو لجنة الإعلام والاتصالات النائب أسوان سالم الكلداني، فإننا أمام أكبر سرقة للمال العام حدثت في العالم، وليس العراق دولة اللا دولة؛ فليس من المعقول أن تقوم حكومة اللا دولة بفرض ضريبة على شعبها، لتذهب أموال هذه الضريبة بعد ذلك لجيوب شركات أجنبية غير وطنية, فهذه قصة لم تحدث قط في بلد آخر غير العراق.
بدوري أطالب السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس مجلس القضاء بفتح تحقيق فوري حول ما صرّح به النائب أسوان سالم الكلداني، وإحالة رؤساء الحكومات السابقة حيدر العبادي وعادل عبد المهدي ورؤساء الهيئات الرقابية إلى القضاء بتهمة التواطؤ على سرقة المال العام العراقي, فيما لو ثبتت صحة هذه المعلومات الخطرة.