منذ استلام الأحزاب الطائفية (الإسلامية) سدة الحكم في العراق بعد الغزو الأمريكي وهم مستمرون في سرقة ونهب أموال وخيرات البلد دون توقف. إن حصاد حكم تلك الأحزاب العميلة منذ ٢٠٠٣ كارثي على مستقبل العراق بكل فئاته الشعبية.
أخفق هؤلاء اللصوص بامتياز في حكم دولة بحجم العراق ذات الخيرات والموارد الطبيعية التي تؤهلها بأن تكون من مصاف الدول في المنطقة والعالم. ورفضو أن يقدمو أي شيءٍ يذكر للشعب العراقي، ليس من خدمات أولية فحسب بل وجعلو منه دمية وحديقة خلفية للولي الفقيه. يسيّرها كما يشاء ويجني خيراتها لتمويل مشاريعه التدميرية في المنطقة، من حرب اليمن إلى حزب الله الإرهابي ذات الصيت السيء في قتل الأبرياء في سوريا وغيرها. بينما نرى في نفس الوقت أن إقليم كردستان صاحب ميزانية ١٥٪ فقط قد فاق العراق والعاصمة العراقية وبعض دول الجوار في البناء والتقدم والخدمات، مما تسبب بإحراج كبير لأحزاب اللصوص الولائية في المنطقة الخضراء.
وقد دأب الشعب العراقي في الخروج في مظاهرات سلمية عامة على حكومة العملاء واللصوص في المنطقة الخضراء. وكانت النتيجة أن الشعب العراقي وصل إلى حالة اللارجوع بعد أن تم قتلهم على أيدي الميليشيات الخارجة عن القانون من الولائية و القبعات الزرق من جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر الفاسد. ثم بدأت مسرحية الانتخابات الهزيلة التي لم تلق أيّ تجاوب من الشعب العراقي في الوسط والجنوب والمناطق الغربية عدا إقليم كردستان. وبالكاد خرج الناس للتصويت فيها كونهم يعلمون أن لا جدوى من التصويت طالما أن تدوير نفايات الوجوه السياسية الفاسدة مستمر. والأدهى والأمرّ أنّ سفاح العراق الجديد، صاحب السجل الإجرامي وقائد الصدفة الفاسد والقاتل المعروف والمطلوب من المحكمة العراقية في قضية مقتل نجل الخوئي مقتدى الصدر صاحب أكبر كتلة فساد حالياً بالبرلمان، بدأ يتبجح علناً أنه قادم للإصلاح.
هنا أريد أن أشير إلى تاريخ هذا الفاسد مدعي الإصلاح مقتدى وهل فعلاً جاء لإصلاح العملية السياسية كما يدعي!؟ وهل يعقل أن فاسد وقاتل مطلوب للعدالة جاء للإصلاح فعلاً !؟ أم جاء ليكون ورقة جوكر أمريكية إيرانية جديدة لتخدير الشعب العراقي بعد أن انتشرت رائحة الأحزاب السارقة والعميلة في أرجاء العراق و أزكمت الأنوف.
إن أوجه الفساد في التيار الصدري لا تختلف كثيراً عن الفساد في حزب الدعوة أو الميليشيات الولائية المتصدرة للمشهد العراقي. فكيف أصبح ابن واحد من أفقر المراجع الشيعية الذي لا يملك إلا سيارة ميتسوبيشي إلى واحد من أغنى قادة الميليشيات والجماعات في العراق. وهنا أريد أن نشير إلى التقرير الأخير الذي كشف عن بعض عمليات الفساد المالي والإداري والإتاوات التي يجمعها تيار آل الصدر الفاسد في أنحاء العراق.
في سنة ٢٠١٧، قام نحو مئتين من عوائل الجنود الأمريكيين الذين أصيبوا أو قتلوا أثناء الغزو الأمريكي للعراق برفع دعاوى قضائية في المحاكم الأمريكية تتهم خمسة شركات أدوية أميركية كبرى بالتعامل مع ميليشيات عراقية تابعة لإيران. وقد نشرت قناة الحرة تفاصيل تلك الحادثة وهنا أريد أن أذكر بعضاً منها.
حيث تشير الدعوى القضائية إلى أن شركات الأدوية الأميركية أبرمت عقوداً مع وزارة الصحة العراقية بمئات ملايين الدولارات، ودفعت أيضا عمولات ورشاوى لتيار مقتدى الصدر من أجل الحصول على تلك العقود، رغم علمها بمسؤولية ميليشياته عن العديد من الجرائم الإرهابية في العراق. وهنا نرى أن التيار الصدري قد شارك بشكل مباشر وبمباركة مقتدى شخصياً بالفساد وجني الأموال من تلك الصفقات في وزارة الصحة من خلال وزرائها القابعين في تلك الوزارة، أمثال عبد المطلب محمد صالح الربيعي وزير الصحة و علي الشمري وزير الصحة و حاكم الزاملي وكيل سابق وزارة الصحة وصباح الحسيني وكيل سابق لوزارة الصحة وأيضاً جليل الشمري وكيل سابق لوزارة الصحة. والكثير من هؤلاء الفاسدين المبعوثين من مقتدى الصدر لسرقة الشعب من خلال العملية السياسية في المنطقة الخضراء.
وفي هذا السياق، يقول المحامي الأمريكي راين سباراسينو أن الدفاع قدم للمحكمة وثائق عن العمولات التي كانت تقدم على شكل رشاوى نقدية من أجل الفوز بعقود في وزارة الصحة عندما كان يسيطر عليها التيار الصدري. وأظهر الدفاع للمحكمة جميع المعاملات التي تثبت حقيقة تلك الصفقات، والتي نُظمت بطريقة تجعل من السهل على الإرهابيين تحويل وإعادة بيع الأدوية التي يحصلون عليها في السوق السوداء المزدهرة في العراق. حدث كل هذا على أيدي وكلاء التيار الصدري في حكومة الفساد، وعلى مرأى ومسمع وإشراف مقتدى شخصياً وتحت عباءته. ولم لا فقد كان يجني عوائد مالية فلكية لم يكن هو أو عائلته الفقيرة تحلم بها من قبل.
و يحيلنا هذا الملف إلى وثائق هامة كشفها النائب في البرلمان العراقي جواد الموسوي في شهر أغسطس ٢٠١٩، وتحدثت الوثائق عن شبهات فساد في وزارة الصحة العراقية وعن العقود التي تشرف عليها شركة كيماديا المعنية باستيراد الأدوية إلى العراق. و جديراً بالذكر أنّ وزارة الصحة تشهد تنافساً بين مختلف الأطراف لاقتسام المواقع الحساسة فيها، كونها مرتبطة بصفقات الأدوية وبيعها مما يدر بالكثير من الأموال على أي جهة تسيطر عليها. وقد تمكن مقتدى الصدر من أخذ حصة الأسد في هذه الوزارة بفضل سلاح ميليشيات جيش المهدي الخارجة عن القانون. وهنا نرى سبب استقتال التيار الصدري خصوصاً على هذا المنصب بشكل شبه مستمر. هذا و علماً بأن شركة كيماديا التي تتعامل مع شركات استيراد وتوزيع الأدوية في العراق، لديهم مخصصات لاستيراد الأدوية الخاصة بأمراض السرطان والأمراض المستعصية المتعلقة بالإشعاع و الأدوية باهظة الثمن. والحكومة بدورها تتكفل بتأمين الموارد المالية لعمليات الاستيراد عبر تخصيص جزء من الموازنة، ولكن في حقيقة الأمر تلك الأدوية غير متوفرة تماماً كما يشير لذلك واقع الشارع العراقي والكثير من الخبراء المحليين في هذا المجال.
النائب جواد الموسوي، وهو طبيب ينحدر من الأحياء الفقيرة في مدينة الثورة وينتمي لكتلة “سائرون” التابعة للتيار الصدري، كشف عن فروقات في أسعار الأدوية التي يتم استيرادها. وبدلاً من التحقيق في الوثائق والمعلومات التي طرحها تحت قبة البرلمان وعبر وسائل الإعلام، قام التيار الصدري بعد شهر واحد بإحالته إلى لجنة حزبية انضباطية وجرى تجميد عضويته حينها داخل الكتلة البرلمانية؛ كونه هدد مصدر من مصادر مقتدى المهمة في جني الأموال. وكشف معلومات خطيرة ألقت الضوء على بعض عمليات الفساد للتيار الصدري.
ولا ننسى أن نذكر أن هناك قائمة لأكثر من ٥٠ عضواً من التيار الصدري مشارك في حكومات الفساد المتتالية من مناصب عدة ترتقي إلى وزراء وسفراء ومحافظين وأيضاً إلى الكثير من المراكز الحساسة في الدولة التي سهلت من خلالها عمليات الفساد والسرقة للتيار الصدري.
والمضحك المبكي أن كل التيارات السياسية المشاركة تتبجح أن الفاسدين لا يمثلونها وأن زعمائها من الحكيم والصدر وغيرهم لا يمتون لهم بصلة. وفي نفس الوقت نراهم يزدادون ثراءً بينما الشعب العراقي يزداد بؤساً وفقراً يوماً بعد يوم. وهم مستمرين باستخدام الدين كوسيلة لتخدير الشعب وإخضاعه.
واليوم نرى وبكل وقاحة مقتدى المجرم صاحب أكبر عمليات قتل طائفية ممنهجة بالعراق من خلال جيش المهدي أحد أعمدة الفساد المشاركة في كل الحكومات المتعاقبة التي سرقت العراق وادّعت أنها جاءت لتصلح. ولا ننسى اللقاء المشؤوم على قناة الشرقية واعترافه بنفسه بتلك الجرائم بل وتهديده للناس (البطة موجودة والسدة بعدها موجودة)، والعراقيون تحديداً يعرفون معنى هذه الجملة وما تحويه من تهديد مباشر بسفك دمائهم. فهل ياترى يصلح هذا المجرم القاتل سفاك الدماء العملية السياسية في العراق؟!
وإذا أمعنا النظر في وزارة الصحة العراقية عموماً التي أدارها التيار الصدري لسنوات عجاف، سنرى حجم الفساد والسرقات الهائلة، فهي أحد أهم الوزارات الموكلة بتقديم الخدمات للشعب العراقي. ولا ننسى المناظر الصادمة التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي التي تظهر كلاب السكك والقطط وهي تتسكع في المستشفيات بين المرضى دون أي حرج وكأنها جزء من الكادر الطبي. هنا يمكننا أن نتصور النموذج الصدري في إدارة وزارة الصحة و طريقة إدارة تيار آل الصدر الفاسد للعراق عندما يأتي لإصلاحها. وأنا أستغرب ألا يشمئز صبية هذا التيار من أعمال قائدهم ابن أبيه المدلل مع كل ما يفعله من قتل ونهب وفساد في الأرض؟!
إن ما ذكرناه أنفاً من عمليات فساد وقتل وسرقة وإرهاب وترويع شارك فيها التيار الصدري، تثبت بشكل لا شك فيه أن فاقد الشيء لا يعطيه. فلا يمكن أن يكون اللص الفاسد نزيهاً، ولا يمكن أن يكون القاتل أميناً على أرواح العراقيين. فأقول لك يا مقتدى “اخْسَأْ، فلن تَعْدُوَ قَدْرَك”.