لا يختلف إثنان على فساد الحكومة العراقية من رأسها الى أخمص القدم وبرئاساتها الثلاث والبرلمان، حتى اصبح العراق البلد الذي يتندر به في المحافل والمجالس الدولية في درجة الفساد المالي والاداري والسياسي، نعم لقد قيل الكثير عنهم هؤلاء الفاسدون. ولكن ماذا عنا نحن أبناء الشعب ؟ لم لا نتحدث عن الفساد المستشري بيننا ؟ لم لا نحاول أن ننتقد انفسنا بعد أن تعبنا من إنتقاد الحكومة ؟ لم لا نقف لحظة ضمير ونفكر ونراجع سلوكنا الذي يتناقض كلياً مع ما نتشدق به عن الدين والاخلاق وتضحيات الرموز الدينية ؟ لآ اريد ان أتحدث عن عصابات الخطف والسلب والنهب والسرقة ، ولا عن شبكات بيع المخدرات، لأن هؤلاء مفرغ من أمرهم ، لكني أتحدث عنا نحن عامة الشعب .
من هو غير الفاسد فينا ؟ المعلم والمدرس الذي يبتز التلاميذ والطلاب في التدريس الخصوصي ولا يقوم بواجبه في المدرسة وهو يستلم أجرا على عمله ؟ أم الموظف المرتشي الذي لا ينجز لك معاملتك رغم تقديم كل المستمسكات المطلوبة، ألا اذا دفعت له رشوة ؟ أم أصحاب المحلات والاسواق الذين يبيعون لنا مواد تالفة ومنتهية الصلاحية او غير صالحة للاستهلاك البشري، ويفرضون أسعارا وفقا لامزجتهم ورغباتهم في الجشع ؟ أم التاجر الذي يستورد أردء انواع السلع ويذهب الى الصين ويطلب من صاحب المصنع ان يكتب على البضاعة صنع في المانيا، أو يتفق مع تجار أتراك فاسدين مثله ويقومون باستيراد دجاج منتهي الصلاحية من البرازيل على اساس انه علف، ويقومون بتبديل اكياس الاغلفة الى اكياس تركية مكتوب عليها إنتاج تركي مع تاريخ جديد للصلاحية؟ أم الطبيب الذي يتفق مع اصحاب الصيدليات والمختبرات على ابتزاز وذبح المريض واهله وفرض الاسعار الخيالية عليه لانه ما في اليد حيله، مجبر على شراء العلاج ؟ من هو غير الفاسد : البقال الذي يغشك في السلع المعبأة في الاكياس ونصفها تالف ؟ أم اصحاب المطاعم والوجبات السريعة الذين يستخدمون لحوم مستوردة غير صالحة ويدعون بانه لحم عراقي خاص ؟ أم المقاول الذي يبني لك دارك الذي جمعت تكاليفه بعرق الجبين والقروض، كي يقدم لك المقاول بناءا غير الذي تم الاتفاق عليه لانه يريد ان يسرق من المبلغ اكثر ما يستطيع ويقتصد في مواد ونوع البناء ؟ أم النجار أو الحداد أو عامل الصحيات أو الكهربائيات، قلما نجد من ينجز عملاً منهم وينتهي بسلام دون ان تنشب معارك وخلافات مع صاحب العمل، لأن اكثرهم فاسدون ولا ينجزون العمل بأمانة وإخلاص بل فيه الكثير من العيوب ؟ أم أصحاب المولدات الكهربائية الذين عاثوا في الارض فسادا وإبتزازاً لأصحاب الدور وفرضوا اسعاراً خيالية على الامبير الواحد دونما وازع او ضمير، حتى وصل الامر بهم لتهديد دوائر الكهرباء كي تقوم بقطع التيار لأربعة ساعات يومياً حتى يستمروا في حلب الناس؟ أليس إحتلال الارصفة وضمها الى بيتك أو محلك أشد انواع الفساد والسرقة؟ وما تعانيه شوارع وازقة العاصمة بغداد من الازبال والاوساخ هو فساد مشترك بين المواطن الذي لا يحافظ على نظافة مدينته وبين عامل البلدية الذي لا يقوم بواجبه على ما يرام ؟ أم إن التلاعب في أوزان واسعار رغيف الخبز والصمون هو نوع من النزاهة؟ ماذا تسمي قيام العاملين في المستشفيات الحكومية بسرقة الادوية والحقن وبيعها في السوق باسعار خيالية، وترك المرضى يعانون دون إكتراث ؟ أليس إبتزاز الناس بحجج واهية تحت مسمى الفصل العشائري نوعاً خطيراً من أنواع الفساد ؟ أليس ما يقوم به بعض من رجال الدين فساداً عندما يبثون الخرافات و السموم والافكار الطائفية المتطرفة في عقول الشباب ؟ اليس قيام البعض باطلاق العيارات النارية في الافراح والاحزان والتسبب في مقتل العديد من الناس الابرياء فساداً وإجراماً؟ حتى المتسول عندنا فاسد، فهو يتفنن في الكذب والخداع على البسطاء من الناس وربما يسرق اطفالاً ويعوقهم كي يستخدمهم في التسول ؟ وصل الفساد بيننا الى طالبي اللجوء الذين يكذبون على سلطات الدول التي يطلبون اللجوء اليها، ويؤلفون القصص والاباطيل ويقدمون وثائق مزورة للحصول على المزيد من المنافع الاجتماعية والمالية من تلك الدول، والانكى في ذلك يذهب قسم منهم للحج والعمرة بتلك الاموال؟؟ وعليه يجب علينا ان نواجه انفسنا وننتقد سلوكنا قبل ان ننتقد فساد الاخرين، وصدق من قال: من كان منكم بلا خطيئة فليرميها بحجر، ومن قال: كيفما تكونوا يولى عليكم .