من المسؤول عن الإسلاموفوبيا؟

من المسؤول عن الإسلاموفوبيا؟
آخر تحديث:

بقلم:د. عبدالخالق حسين

تعريف الإسلاموفوبيا كما جاء في موسوعة الويكيبيديا كالتالي:

((إسلاموفوبيا، أو رهاب الإسلام (بالإنجليزية: Islamophobia)،‏ هو التحامل والكراهية والخوف من الإسلام، أو من المسلمين. وبالأخص عندما يُنظَر للإسلام كقوة جيوسياسية، أو كمصدر للإرهاب. دخل المصطلح إلى الاستخدام في اللغة الإنجليزية عام 1997عندما قامت خلية تفكير بريطانية يسارية التوجه تدعى رنيميد ترست، باستخدامه لإدانة مشاعر الكراهية والخوف والحكم المسبق الموجهة ضد الإسلام أو المسلمين. برغم استخدام المصطلح على نطاق واسع حالياً، إلا أن المصطلح والمفهوم الأساسي له تعرض لانتقادات شديدة. عرف بعض الباحثين الإسلاموفوبيا بأنها شكل من أشكال العنصرية. آخرون اعتبروها ظاهرة مصاحبة لتزايد عدد المهاجرين المسلمين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وربطها البعض الآخر بأحداث 11 سبتمبر.))

بالتأكيد نحن ضد أي تمييز بين البشر على أساس عنصري، أو ديني، أوطائفي أو اللون، أو اللغة أو أي شكل آخر. ولكن موضوعنا هذا هو الإجابة على السؤال: من المسؤول عن الإسلاموفوبيا؟ الجواب وبدون أدنى شك هو: الإسلام السياسي ومنظماته الإرهابية المنتشرة في العالم، والتي رفعت الشعار الزائف: (الحل في الإسلام).

فهناك جماعات من السياسيين المسلمين قاموا بتسييس الدين الإسلامي لاستلام السلطة السياسية والتحكم برقاب الشعوب لأغراض سياسية نفعية شخصية وحزبية. وهذا يتطلب توظيف الدين لإثارة مشاعر الخوف لدى المسلمين من غير المسلمين. بل وحتى من المسلمين الذين يرفضون تسييس الدين. إذ بات معروفاً لدى القاصي والداني أنه من الخطأ، بل والجريمة والخطر زج الدين بالسياسة، و زج السياسة بالدين. لأن الدين يفسد السياسة والسياسة تفسد الدين. وأفضل مثال هو ما حصل في العراق وإيران، وأفغانستان. ولذلك ففي الدول الديمقراطية العريقة التي تحترم نفسها وشعوبها يُمنع تسييس الدين أو تديين السياسة. فالإسلام السياسي ليس الحل كما يدعون، بل زجه في السياسة هو المشكلة الكبرى للشعوب المسلمة، وعقبة كأداء أمام تقدمها الحضاري.

فتسييس الدين يبيح للمتحزب للإسلام السياسي بأن يقتل المعارض قربى إلى الله. وفي هذا الخصوص صرَّح أحد دهاقنة الإسلام السياسي وهو الشيخ حسن الترابي في تبرير الإرهاب الديني قائلاً: (وهل هناك أكثر قربى إلى الله من إرهاب أعدائه). وما الإرهاب الإسلامي الذي يجري في العالم اليوم على أيدي التنظيمات الإرهابية مثل “القاعدة” و”داعش”، و”طالبان”، و”بكو حرام” وغيرها كثير، وكذلك القوى السياسية في العراق ومليشياتها السائبة الموالية للنظام الإسلامي الإيراني، إلا دليل على صحة ما نقول. ففي العراق هناك مليشيات مسلحة سائبة تابعة لقوى سياسية موالية لهذه الدولة أو تلك تقتل الأبرياء من الذين يقومون بتظاهرات سلمية مطالبين بحقهم في حياة كريمة في هذه الدنيا.

فالإسلام كدين يقول: (لا إكراه في الدين)، ويعطي الإنسان حرية الاختيار ليضعه أمام مسؤولياته، وإذا كان هذا الإنسان على خطأ في اختياره، فالله وحده يعاقبة في الآخرة، وليس من حق أي إنسان آخر أن يفرض معتقده الديني أو الطائفي أو السياسي على الآخرين بالقوة الغاشمة.

ولكن دعاة الإسلام السياسي لا يعترفون بمبدأ (لا إكراه في الدين) رغم أنه جاء في أية قرآنية، إذ يعتبرون هذه الآية من الآيات المنسوخة، وهم على خطأ، لأنهم إنتقائيون، أي ينتقون من الكتاب والسنة ما يلائم أيديولوجيتهم الشمولية، ويرفضون ما يعارضهم من الكتاب والسنة ويعتبرونها منسوخة. فقد قام شيوخ الإسلام السياسي بعمليات غسيل أدمغة الشباب المسلم، المحروم من الثقافة، وإشباع احتياجاته الفسلجية، وأبسط متطلبات الحياة الكريمة، قاموا بشحنه بالحقد والعداء والكراهية لغير المسلمين، بل وحتى للمسلمين الذين يختلفون معهم في رؤاهم العدوانية ضد البشر والحضارة البشرية، وحولوه إلى قنبلة بشرية موقوتة لقتل نفسه والأبرياء الآخرين.

لذلك شاهدنا عمليات إرهابية في الغرب ومناطق أخرى من العالم، ضد الناس الأبرياء وبدوافع دينية. وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع مواطني البلدان الغربية تتخوف من الإسلام والمسلمين. بل وهناك مسلمون صاروا مواطنين في الغرب بعد أن هربوا من حكوماتهم عبر البحار بالقوارب المطاطية الصغيرة متحملين مخاطر الغرق ليكونوا طعاماً للأسماك، في سبيل العيش الكريم في البلدان الغربية العلمانية الديمقراطية. ولكن هناك البعض منهم، وبعد ان يستقر بهم المقام في الغرب يحاولون فرض أيديولوجيتهم الدينية وثقافاتهم الموروثة التي هاجروا أوطانهم بسببها، يحاولون فرضها بالإرهاب على الشعوب التي استضافتهم، وحققت لهم العيش الكريم.

ومن هذه التصرفات الفجة، على سبيل المثال لا الحصر، قيام البعض من المسلمين المسيَّسين في البلدان الغربية بقيام صلاة الجماعة في شوارع المدن الغربية الكبرى، الغرض منها ليس التقرب إلى الله كما يدعون، بل مجرد إبراز العضلات والعنتريات الغبية لإرهاب الشعوب المضيفة. ففي مقطع فيديو بعنوان: (من يشوه صورة الإسلام؟)، نشاهد هذا النوع من السلوك الأهوج في أحد شوارع لندن، حيث يسدون الشارع، مما يؤدي إلى تعطيل سير المرور لا لشيء إلا لإزعاج الناس وإثارة تذمرهم وسخطهم على المهاجرين المسلمين.(1)

كما وصلتني من صديق صورة لجماعة من المسلمين يؤدون صلاة الجماعة في شارع في إحدى المدن الغربية، بعنوان: (قليل الأدب والاحترام)، مع تعليق في منتهى الصدق والبلاغة، كالتالي:

((الصلاة في شوارع أمريكا وأوربا وإغلاقها لا يعني أنك “مسلم ملتزم وشجاع” بل إنسان “قليل الأدب والإحترام” لا تحترم النظام، لا تحترم القوانين، لا تحترم الناس، بالإضافة إلى أنك تفرض عقيدتك بالقوة في مكان ليس مكانك ولا هو مخصص أصلاً للعبادة.

“عنجهية وغطرسة فارغة، يحاولون من خلالها إيصال رسالة مفادها: شاهدونا كيف نصلي معاً بالآلاف، شاهدونا نحن أكثر البشر تديناً على الكوكب!

“المثير للسخرية أن أغلبهم هربوا بقوارب صغيرة عبر البحار من إرهاب وحروب بلدانهم الدينية صوب حرية وأمان البلدان العلمانية!))(يرجى فتح الرابط رقم 2 في الهامش لمشاهدة الصورة والتعليق) انتهى

وبالعودة إلى السؤال المتضمن في عنوان هذا المقال: من المسؤول عن الإسلاموفوبيا؟

نُجيب: المسؤول الأول والأخير عن الإسلاموفوبيا هم دعاة الإسلام السياسي الذين قاموا بتوظيف الدين الإسلامي لا لبث المحبة والانسجام والتعايش السلمي بين البشر كما هو المفترض من الحديث الشريف “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده”، وقول الإمام علي: “الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق)، بل لبث الحقد والكراهية والعداوة بينهم. فدعاة الإسلام السياسي هم أول من يخالفون مبادئ دينهم، لذلك فالإسلام السياسي ليس الحل كما يدعون، بل هو مشكلة كبيرة، و ردة حضارية، لأنه يقف في الجانب الخطأ من التاريخ. فمسار التاريخ هو نحو التقارب والتآخي بين البشر، وتداخل مصالحهم وسعادتهم، بسبب ما حصل من تطور مذهل في تقنية وسائل نقل المعلومات (Information Technology=IT)، و وسائل النقل السريع، التي سهلت السفر والاختلاط بين الشعوب، والاندماج بينهم في عملية العولمة التي جعلت كوكبنا عبارة عن قرية كونية صغيرة. وفي هذه الحالة لا مكان في هذا الكوكب لدعاة العزلة، واحتكار الحقيقة، بذريعة أنهم مخولون من الله! فلا مكان لمثل هذه الدعوات العدوانية الباطلة. فكما فشلت الأيديولوجيات الفاشية و النازية واليسارية الشمولية، كذلك مصير أيديولوجيات الإسلام السياسي مصيرها في مزبلة التاريخ.

وبناءً على كل ما سبق، أعتقد أن من حق الشعوب الغربية أن تتخوف من الإسلام والمسلمين بعد هذا الكم من الإرهاب الذي حصل لهم من قبل بعض المسلمين اللاجئين من ناكري الجميل لكرم الضيافة في الغرب، من أمثال أبو حمزة المصري وغيره الذين يستغلون مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في الغرب لأغراضهم السيئة.

فكما ذكرتُ في مداخلتي في مؤتمر (إصلاح الإسلام) في روما عام 2012 بعنوان: (غفلة الغرب عن مخاطر الإسلام السياسي) محذراً المسلمين بما يلي:

“إذا تُرك الوضع على هذه الحالة ولم نتخذ نحن المسلمين، إجراءات لوقف هذا الجنون، فصبر الغرب محدود، وربما سيؤدي في المستقبل إلى انفجار الوضع، وظهور أحزاب نازية وفاشية تستلم السلطة مثلما حصل في النصف الأول من القرن العشرين، ويحصل لنا تماماً كما حصل ليهود أوربا آنذاك، ولكن في هذه المرة سيكون العرب والمسلمون المقيمون في الغرب هم حطباً لمحارق الهولوكوست القادمة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *