من المسؤول عن الفوضى في العراق؟

من المسؤول عن الفوضى في العراق؟
آخر تحديث:

بقلم:محمد واني

لا يمكن تفسير الموقف الأميركي الغائب تماما عن الأحداث السياسية المتسارعة في العراق، فنحن لم نر من الإدارة الأميركية أيّ رد فعل واضح وحاسم حيالها. هل من المعقول أن يدخل البلد في أزمة حكم خانقة ومظاهرات دموية وتعطيل كامل للمؤسسات المفصلية في البلاد وأميركا لا تظهر في المشهد؟هل رفعت واشنطن يدها عن العراق وتركته لشأنه فلم يعد ضمن قائمة أولوياتها الإستراتيجية؟ وهل استسلمت للميليشيات الموالية لإيران وخضعت لتهديداتها؟ وهل من المعقول أن تنظم انتخابات وتتشكل تكتلات وتحالفات ثلاثية وسداسية ثم تعقبها انسحابات وانقلابات سياسية، دون علم الإدارة الأميركية وبعيدا عن أنظارها وخارج إرادتها وخططها الإستراتيجية؟

هل صحيح أن واشنطن رفعت يدها عن أغنى بلد نفطي في المنطقة، بعد أن صرفت عليه دم قلبها وضحت بالآلاف من جنودها لإسقاط نظامه السياسي واحتلاله لتسلمه بعد ذلك كله إلى عدوها المفترض إيران وذيولها المهيمنة على إدارة الدولة؟طبعا هذا غير معقول ولا يدخل دماغ أيّ شخص مهما بلغت درجة غبائه في العالم!

من المستحيل أن تفرّط الولايات المتحدة بمصالحها الحيوية في أيّ مكان، وليس فقط في العراق، إلا إذا كانت قد غيرت من خطتها لتحقيق مصالح أكبر ضمن استراتيجية فعالة محبوكة ومدروسة، كأن تكون قد ارتبطت مع إيران بشراكة إستراتيجية ضمنية لتحقيق مشروعها في نشر الفوضى الخلاقة في المنطقة، وأن يكون ما يجري بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري من صراع على السلطة ما هو إلا لعبة سياسية ضمن مهرجان الألعاب السياسة الجارية في المنطقة تحت رعاية أميركية مباشرة.

كل المبادرات تتكسر واحدة تلو الأخرى أمام تعنت وإصرار التيار والإطار على تأزيم الأوضاع، كل واحد منهما مصمم على موقفه الرافض للثاني، لا أحد يتنازل أمام الآخر 

وماذا بعد.. إلى أين يسير العراق؟

مقتدى الصدر طالب بتنفيذ أمرين صعبين للغاية إن لم يكونا مستحيلين وهما؛ اجتثاث الفساد بعد أن تحول إلى ظاهرة مؤسساتية راسخة الجذور، وإخراج العراق من التبعية الإيرانية بعد أن تجذرت أقدامها في العمق العراقي وأنشأت ميليشيات وأحزاب موالية لها. وهذان الأمران يحتاجان في الحقيقة إلى ثورة شعبية مسلحة أو انقلاب عسكري وضباط أحرار على نمط الضباط الذين قاموا بثورة 14 يوليو عام 1958 تحت قيادة عبدالكريم قاسم، وليس عن طريق برلمان فاسد ومحكمة مسيسة ودستور معطل!

إذا ظن الصدر أنه يستطيع أن يصل إلى ما يريده من خلال تلك المؤسسات فهو واهم، وسيظل يدور في حلقة مفرغة ولن يصل إلى شيء، وتظل دعوته المتكررة للكتل السياسية بـ”موقف شجاع من أجل الإصلاح وإنقاذ الوطن” مجرد كلام شعاراتي لا يسمن ولا يغني من جوع!

إذن، هل يبقى العراق على حاله غارقا في أزمته إلى ما لا نهاية، رافضا الركون إلى أيّ حوار وطني أو ديني أو سياسي، معلقا بين السماء والأرض لا يطول بلح الشام ولا عنب اليمن، أسيرا بين طرفي الصراع التيار والإطار؟

كل المبادرات تتكسر واحدة تلو الأخرى أمام تعنتهما وإصرارهما على تأزيم الأوضاع، كل واحد منهما مصمم على موقفه الرافض للثاني، لا أحد يتنازل أمام الآخر.

مسكين مصطفى الكاظمي، وهو يحاول بذل جهد استثنائي لتقريب المسافات بينهما، بينما مساعيه محكومة بالفشل، فهو متهم بالتواطؤ مع أحد الطرفين ومتهم بدعم التظاهرات. وقد قال عنه أحد أقطاب الإطار التنسيقي “هل لازال فيكم من يرجو من الكاظمي خيراً؟”.ولم يبق أمام العراقيين غير المبادرة التي طرحها زعيم حزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ويحملها رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني للقادة المتخاصمين لحلحلة الأزمة وتطبيع الأوضاع. والمعروف عن صاحب المبادرة وعن حاملها أنهما يتمتعان بمصداقية ومقبولية لدى جميع الفرقاء. ورغم الخلافات السياسية الطويلة بين مسعود بارزاني وبين رأس الإطار التنسيقي نوري المالكي، إلا أنه قام بواجبه الوطني والإنساني وقدم مبادرة لإنهاء الفوضى العارمة التي تشهدها البلاد.ولا ننسى الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلها نيجيرفان لتهدئة التوترات الداخلية الكردية والعلاقات الخارجية الدولية بين تركيا والإمارات وتركيا وفرنسا، وأنا واثق أنه سينجح في محاولته لو كانت هناك استجابة ولو بسيطة من قبل القادة المتخاصمين!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *