في عام 2004 حضرت اجتماعاً لمنظمة (RTI) الأميركية في البصرة ممثلاً لدائرتي الحكومية، وهي منظمة مجتمع مدني تقدم نصائح ومخططات مشاريع ومساعدات للعراقيين آنذاك.
كانت (المحاضرة) حول بناء ميناء الفاو الكبير حيث قدموا عرضاً سينمائياً (على طريقة الرسوم المتحركة) تقريباً، وضحوا فيه جميع التفاصيل وصولاً لاستقبال السفن وتنزيل وشحن البضائع. واستفسرت عن كلفة المشروع فقيل لي 6 مليار دولار. في عام 2005 كان وزير النقل في الحكومة المؤقتة سلام المالكي تحدث في أحد الايام عن هذا المشروع وقال بأنه يكلف 12 مليار دولار. بين عامي 2009 و 2011 زار العراق مرات عديدة الفقيد المهندس جوزيف حنا الشيخ عارضاً على حكومة المالكي تقديم هدية لمدينته البصرة وهي مشروع مدينة متكاملة في ميناء الفاو الكبير دون أن تدفع الدولة العراقية ديناراً واحداً بل يتم الاقتراض من بنوك إيطالية عن طريق شركاته ويتم تسديد المستحقات المترتبة للمشروع برسم دولار واحد يفرض على كل طن صاعد أو نازل في الميناء ولمدة عشر سنوات. علماً بأن رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي وضع حجر الاساس عام 2009 اتضح فيما بعد بأن الامر مجرد دعاية انتخابية.
في العام الماضي وضمن الاتفاقية العراقية – الصينية سمعنا عن بناء هذا الميناء. والاتفاقية اليوم متلكئة، بل لا ذكر لها على الاطلاق!.
أخيراً ولنكن واقعيين أكثر، وبعيدين عن كل المزايدات وادعاءات الوطنية ومواجهة المحتل وغيرها من المصطلحات الاخرى. العراق بحاجة ماسة لهذا المشروع حالياً ومستقبلاً لكونه سيقضي على البطالة في المنطقة الجنوبية على الأقل بشكلٍ سريع حيث تشغيل ما لا يقل عن 250 ألف عامل وفني ومهندس وإداري وحارس ومقاول و و و، في فترة الإنشاء، ومثل هذا الرقم وأكثر عند التشغيل. ناهيك عن المردود المادي الممتاز الذي سيتضاعف في حال توسيع وتطوير طرق النقل البري الى العالم وما يسمى بـ القناة الجافة، يضاف الى ذلك كسر الطوق البحري التي تحاول ان تفرضه علينا الكويت (الشقيقة).
وبكل صراحة وبالتجربة الملموسة طيلة السنوات الـ 17 المنصرمة لا يمكن بناء هذه المؤسسة العملاقة إلاّ عن طريق الشركات الأميركية، حيث دولتها من ستحمي وتشغل المنشآت فيه دون غيرها. لماذا؟
لابد من الاشارة الى (تضرر) دول جوار العراق والقريبة منه عند عمل هذا الميناء لأن مواد كثيرة يستوردها العراق من العالم الآن تأتي عن طريق الامارات والكويت وايران، حيث موانئها الحديثة والراقية في التعامل مع البضائع المختلفة. يضاف الى ذلك تعطيل ميناء مبارك الكبير الذي تبنيه الكويت على جزيرةبوبيان في أضيق منطقة في القناة الملاحية (الممنوحة) للعراق من الامم المتحدة.
بالتأكيد في هذه الحالة ان جميع دول المنطقة ستقِل عوائدها المادية جراء انشاء هكذا مؤسسة عملاقة فستضع العراقيل امام المشروع، والاميركان وحدهم قادرون على التعامل مع هذه الدول واسكاتها.
كثير من قادة العالم التاريخيين قالوا نتعامل مع الشيطان في سبيل بلادنا، فلا بأس من التعامل مع هذه الدولة أو تلك لتحقيق مآرب فيها منفعة جمعية دون ضرر لأحد، ويمكننا أن نأخذ العبرة من تصرف المعتوه ترامب حيق أوقف العقد الصيني مع الكويت لاستثمار 500 مليار دولار في جزيرة بوبيان (العراقية سابقاً)، كما لا يمكن تناسي التفاهمات العراقية الالمانية مع شركة سيمنز بخصوص تطوير الكهرباء في العراق وبفترة سنتين فقط وكيف أنها لم ترى النور وتصبح واقعاً.
في هذه الظروف نحن بحاجة الى الملائكة والشياطين معاً.
العرض (الهدية) التي قدمتها عائلة حنا الشيخ البصرية يشمل محطة توليد كهرباء عملاقة وفيها ناتج عرضي ماء صالح للشرب يغطي احتياجات محافظة البصرة بأكملها بالإضافة الى مدينة سكنية ذات 300 ألف وحدة سكنية مع ملحقاتها وأيضاً مدينة سياحية ترفيهية للبحارة وللسياح والوافدين الآخرين بالإضافة الى المواطنين.
لذا أطلب من الأخ الكاظمي وضع هذا المشروع في جدول أعماله عند سفرته المقبلة الى الولايات المتحدة ويعود لنا بعقد موقع قابل للتنفيذ لأن جميع التفاصيل التي يحتاجها موجودة في دوائر رئاسة الوزراء.