بغداد/شبكة أخبار العراق- رغم المليارات المتقافزة هنا وهناك في الأرصدة السرية وبعض العلنية، ورغم الأملاك ذات الأرقام الفلكية التي لا نجيد التعرف عليها جيدا لدى البعض الآخر، ورغم البذخ الغرائبي الذي يرافق مناسباتهم الشخصية ودعواتهم التجارية.. ورغم الكثير من التوصيفات اللزجة لعقود وصفقات واتفاقيات غير” سليمة النوايا”، رغم كل هذا المسكوت عنه ” محليا” إلا اننا لم نسمع أو نتابع أو نسعد برؤية أحد هؤلاء الحيتان، وهو يقيم حفلة خيرية أو يتبرع بجزء بسيط من الثروة الهائلة لصالح المحتاجين والنازحين والمهجرين والأيتام والمشردين والفقراء والنساء والعوائل المتعففة!. ولم نسمع أو نقرأ أو نتابع تبرعا قامت به إحدى شركات الاتصالات العاملة في العراق، رغم ميزانياتها الضخمة والمتضخمة يوميا.. ولم نتسلم تضامنا برلمانيا بتبرع أعضائه بجزء من رواتبهم للشرائح التي ذكرناها.. لكن الموسيقى فعلت كل هذا دفعة واحدة، وأثبت حفل الفنان ” نصير شمه” ان العراقيين بمدخولاتهم البسيطة بإمكانهم أن يتبرعوا بها لصالح من يحتاجها بطريقة أفضل ممن امتلأت جيوبهم بخزائن قارون.الموسيقى رسالة السلام لدى أغلب الشعوب، حين رافقتهم في التظاهرات الوطنية والمناسبات الخاصة والدينية، وكان تقديم الذبائح للآلهة في طقوس الكهنة الفرس يتم على صوت الموسيقى التي تعزف التراتيل والأناشيد، وبدونها تعد هذه الذبائح غير مستوفية للشروط الدينية والشرعية ولا قيمة لها، وهو ما فعله أيضا قدماء المصريين وشعوب الصين والهند واليونان حين تقديم القرابين. وفي روسيا تحولت فصول رواية ” الاعتراف بالحب” للكاتب ألكسندر بيك إلى مسرحية خصص ريع تذاكرها لتقديم المساعدة لقدامى الفنانين الروس في شراء الأدوية وتأمين الرعاية لهم. واعتبر مايكل جاكسون أكثر الفنانين تبرعاً للأعمال الخيرية، حسب ما ذكرته موسوعة “غينيس” العالمية، اذ تبرع في إحدى السنوات بأكثر من 300 مليون دولار للأعمال الخيرية، ولم يتوقف سنويا عن تبرعاته السخية. وتبرع نجم هوليوود الأسترالي الأصل هيو جاكمان بمبلغ 85 مليون دولار للأعمال الإنسانية والجمعيات الخيرية ولمساعدة العاملين غير القادرين على العمل في مجال الفن .وعربيا فان الفنان محمد عبده غالبا ما يعمل حفلات ويتبرع بها للأعمال الخيرية، وهناك حفلات عربية موسيقية تجرى ليوم اليتيم والأطفال المحتاجين والمشردين.واجتمع عدد كبير من نجوم الفن والإعلام ومشاهير العالم العربي لحضور حفل “الجوائز الإنسانية النبيلة للشرق الاوسط” الذي أقيم في قصر الإمارات بأبوظبي، وهي المرة الأولى التي تستضيف فيها هذه العاصمة هذا الحدث الخيري الضخم، وتم خلاله تكريم عدد من المؤسسات الخيرية، ومنحها جوائز قام بتصميمها الفنان العالمي “انطونيو بانديراس” وأسهم في صنعها أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة من دولة الإمارات. وأقامت الجمعية الخيرية الآشورية في كندا حفلا خيريا خصص ريعه للأعمال الخيرية في البلد الأم العراق، وأحيته نخبة من الفنانين هم كل من (مارتن وطلال كريش وتوني كبرئيل ورامسن شينو وجوني طليا) .وهكذا يعبر الفن القارات ليصل إلى المحتاجين ويحقق رسالته الانسانية الحقيقية التي يؤمن بها الفنان الأصيل..وهكذا تقدم الموسيقى درسا إنسانيا لذوي النفوس المتضخمة بحب اكتناز المال ونسيان من له الحق في أموالهم.
نصير شمة ..موسيقى السلام
آخر تحديث: