نظرة سريعة على قانون حظر التطبيع مع الكيان الصهيوني

نظرة سريعة على قانون حظر التطبيع مع الكيان الصهيوني
آخر تحديث:

بقلم:علي الكاش

لايظن أـحد من القراء الأفاضل بأننا نتبنى مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني مطلقا، فهذا محال فقد تربينا ورضعنا مع حليب امهاتنا كراهية هذا الكيان المصطنع، وعلى نبذ كل من إغتصب حقوق شعبنا الفلسطيني والأحوازي والإماراتي، والعمل على دعم المناضلين في سبيل التحرير من الإستعمار الأجنبي، وقد نما وتعاظم معنا هذا الشعور للكبر، وأورثناه الى اولادنا وأحفادنا.

لكننا سوف ننافش مشروع القانون الجديد (قانون حظر التطبيع وإقامة العلاقات مع اسرائيل) الذي إقترحه مقتدى الصدر(مبتدع طريقة القصقوصة في إدارة الدولة)، وهو لم يفلح لا كرجل سياسة، ولا كرجل دين، رجل فوضوي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني، ولا نجامل ايضا جماعة الإطار التنسيقي، او محور العمالة للولي الفقيه، فالذيول تبقى ذيولا ولا علاج لإعوجاجها.

نحن نتفق بأن على العراق عدم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهذه إرادة الشعب العراقي بغالبيته، ومن حق مجلس النواب ان يشرع قانون يحرم التطبيع، ولا غبار عليه، لكن لا أن يفرض العراق شروطا غير معقولة على دول أخرى، فدولة فلسطين نفسها لم تصدر مثل هذا القانون البليد، لذا ليس على العراق ان يكون ملكيا أكثر من الملك نفسه.

خذ هذا المثل إبتداءا، تباحث (يائير لبيد) وزير الخارجية الإسرائيلي، مع نظيره التركي (مولود تشاووش أوغلو) في 25/5/2020 في مدينة القدس. صرح وزير الخارجية التركي بعدها” إن تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل سيكون له أثر إيجابي لحل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وأن البلدين اتفقا على إعادة تنشيط العلاقات في العديد من المجالات. وصرح وزير الخارجية الإسرائيلي، إن إسرائيل وتركيا تفتحان فصلا جديدا في علاقاتهما بعد فترات صعود وهبوط” وتعملان على توسيع الشراكات الاقتصادية”، هذا نموذج من العلاقات بين الكيان الصهيوني والجارة تركيا، يمكن أن يكون مقدمة لمبحثنا.

تضمن (قانون حظر التطبيع مع الكيان الصهيوني) الذي سيصوت عليه البرلمان العراقي لاحقا موادا من شأنها أن تخرب علاقات العراق مع العالم الخارجي ومنها مثلا المادة الأولى والثانية من القانون ” بمنع الشركات الخاصة والأجنبية العاملة في العراق وكذلك المستثمرين الأجانب، من أي تعاون مع إسرائيل”.

نود أن نبين النقاط التالية من وجهة نظرنا حول هاتين المادتين، عسى أن نجد آذانا صاغية عند البعض من السياسيين والنواب، وليس هذا عهدنا بهم، فهم لا يمتلكوا من المواطنة حبة خردل.

اولا. تعتبر مثل هذه المواد شاذة وتتعارض مع القانون الدولي لأنها تعبر عن وصاية من العراق على بقية الدول، والنيل من سيادتها الوطنية، وتحديد علاقاتها الإقتصادية مع بقية الدول.

ثانيا: من شأن هذه المواد إرباك الوضع الإقتصادي الداخلي في العراق من خلال إنسحاب الشركات الأجنبية التي لها علاقات مع اسرائيل من العراق، فضلا من مصادرة أموالها وممتلكاتها. وهذا سيدخل العراق في مشاكل قانونية دولية.

ثالثا: سيمنع هذا القانون الشركات الإستثمارية ورؤس الأموال الأجنبية من العمل في العراق لأن لها مشاريع في اسرائيل مثلا.

رابعا: لم تأخذ المواد بنظر الإعتبار الإتفاقيات المعقودة بين العراق وبقية الدول لمدة طويلة مثل الإستثمارات في الحقول النفطية وتراخيص النفط، والمشاريع غير المكتملة بعد في العراق، فلم يعالج القانون مثل هذه الأوضاع التي ستستجد في حال إعتماد القانون الجديد.

خامسا: تقيم اسرائيل علاقات مع (157) دولة من مجموع (192) دولة، وهذا يعني ان العراق سيقاطع (157) دولة من ضمنها دول اوربا والولايات المتحدة والصين واليابان وغيرها، فما الذي تبقى له من علاقات خارجية.

سادسا: كيف سيكون وضع السفارات العراقية في الدول ذات العلاقات مع اسرائيل، هل ستغلق مثلا؟

سابعا: توجد عدد من الدول العربية تطبعت مع اسرائيل ومنها مصر والأردن والمغرب والامارات العربية والبحرين، فكيف ستكون علاقات العراق مع هذه الدول.

ثامنا: من المعروف ان العراق يمر بكوارث إقتصادية، وعليه ديون خارجية بالمليارات، ويعتمد على الإستيراد من الدول المجاورة سيما تركيا والصين ومن شأن القانون الجديد تحديد الإستيراد من الدول التي لها علاقات مع اسرائيل، وفتح الإستيراد مع ايران وبضعة دول، وسينجم عنه ارتفاع اسعار السلع المستورة، وهذا من شأنه ان يرفع من قيمة الدولار في الداخل فيزداد الأمر سوءا، بسب الإرتفاع المؤكد بسعر صرف الدولار، الذي سينعكس على معيشة العراقيين الذين يعانون الأمريين.

تاسعا: يعتمد الدخل القومي العراقي على الإيرادات النفطية التي تشكل 98% من مجموع ايراداته، وتعتبر الصين وتركيا والهند والولايات المتحدة ودول اوربا من الجهات المستورة للنفط العراقي، فكيف سيتم التعامل معها، سيما ان عمليات البحث عن زبائن جدد ليست سهلة، بعد ان تم رفع الحظر عن النفط الفنزويلي الذي سيسنأنف تصديره للصين واليابان وغيرها من الدول، علاوة على إحتمال عودة ايران الى تصدير النفط.

عاشرا: السؤال المهم: هل يمكن للحكومة المركزية ان تفرض هذا القانون على إقليم كردستان؟ كل المؤشرات تقول لا يمكنها، وسيبقى القانون حبرا على ورق.

أحد عشر. أليس من الأجدى ان يناقش مجلس النواب قوانين تتعلق يتحسين معيشة العراقيين وتطوير الزراعة والصناعة وتشجيع الإنتاج الوطني، وسن قانون النفظ، والأحزاب، ومزدوجي الجنسية والمئات من القوانين التي أكل الغبار ملفاتها؟

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *