علي الزيادي
بلادي واِن جارت علَيّ عزيزةٌ وأهلي وأِن شَحّوا علَيّ كرامٌ . هذا البيت الشعري يصلح ان يتغنى به من يتعرض لظلم حاكم أو مسؤول في مؤسسة ما وهو لسان حال من يظلم ويجد أذان صاغية تستمع لمعاناته في زمن ما .
لكن هذا البيت بكل تأكيد لاينطبق على بلادنا ذلك انها لم تعد لنا بعد أَن احتلت من قبل عقول عميلة ودخيلة تنفذ دون حياء ماتريده منها مخابرات دول . فعبثت بالأَمن ونهبَت مقدرات الشعب ودمرت بنيته التحتية الخدمية والأقتصادية والأجتماعية والعدلية والصناعية .! وأصبح كل شيء ماقبل الأحتلال كالذكرى الجميلة رغم مرارة بعضها .!
فكم كان جميلاً ان يتذكر ابن الناصرية حين يجهز حقيبته متوجها الى جامعة الموصل او تكريت او ديالى لأكمال دراسته وكذا ابن تكريت والموصل والأنبار حين يتوجه الى جامعة البصرة او الكوفة او القادسية لأكمال دراسته فيصبح كل واحد منهم من الجنوب او الغرب او الشمال او الشرق منغمس بالوطنية الحقيقية دون رياء او تخاذل .
وكم هو جميل ان يعمل ابن الديوانية مع ابن تكريت والموصل والرمادي في مؤسسة واحدة والهدف واحد ألا وهو خدمة العراق بكل طوائفه ونسيجه الاجتماعي المتحاب والمتآخي .
وكم كانت الحياة اجمل حين يتقدم شاب لخطبة فتاة ولايجد من يسأل أِن كان سنيا او شيعيا وكم كانت الحياة الأيمانية اروع واجمل حين يكون الولاء لله وحده ولانفرق ان كان هذا الأذان لهذه الطائفة او تلك طالما ان الشهادة واحدة وهي( أَنَ لا اله الا الله وان محمداً عبده ورسوله).
ومع رعونة الحكام الذين تعاقبوا على حكم العراق كان هنالك هامشاً واضحاً من الوطنية وحب الوطن بنيت على اساسه مؤسسات دولة وضعت للمواطن خطاً واضحا له حقوق وعليه واجبات وكانت المساوات واضحة نسبياً فلاتفريق بين عراقي وآخر وان حصلت حالة هنا وأخرى هناك فهي حالات شاذة لاترقى الى ان تكون ظاهرة .
ثروات البلد من النفط كانت مدفونة ولايستخرج منها الا القليل لكن مشاريع عملاقة قد انجزت وهي كثيرة من طريق المرور السريع الى الجسور والتقاطعات والشوارع والمجمعات التسويقية ( الأسواق المركزية ) والمصانع العملاقة لصناعة الزيوت والأسمدة والمطاط والنسيج والطابوق والأسمنت والحديد والبتروكيماويات والدواجن والألبان وصناعة السيارات والمعدات والأجهزة الكهربائية والكثير من المشاريع الاخرى التي قلصت الى حد كبير مشكلة البطالة ولتستوعب كل من يستطيع العمل وليصبح الاقتصاد في افضل حالاتخه وصل فيها الدينار العراقي الى ثلاث دولارات واستمر الحال الوطني رغم الحروب التي مرت بالعراق والأزمات التي انقاد لها الحكام !
كل تلك المشاريع والأنجازات قد انهارت وبشكل متعمد بعد الأحتلال البغيض ؤنتيجة لأستيلاء عقول خاوية على مقاليد الحكم واصبح الآلاف من العراقيين من منتجين الى عاطلين عن العمل وسخرت المليارات من الدولارات لأستيراد المتردية والنطيحة على انها بضائع استهلاكية بعد ان تحول العراق الى ارض قاحلة . فالشوارع اصابها الضرر ولن تصلح للعمل والمصانع اصابها الصدأ ولن تنفع الا في سوق الخردة وثروات البلد تتوزع بين الاحزاب التي سيطرت على الحكم لتنفذ ماتريده منها دولا معادية للعراق لتحويل البلد الى ساحة للصراعات الأقليمية والطائفية .
وفقدنا الأمن والأمان بعد عملية اجتثاث طالت كل الشعب العراقي وبدرجات متفاوته بأستثناء من طبّل وزّمر للنهج الطائفي الجديد المبني على اساس القتل والتهجير لكل الطوائف دون استثناء .
ما اقترفته السياسات النتنة لمن يدعي السياسة لايمكن تصوره وهو بالمحصلة حالة من الظلم الممنهج لشرائح جعلتهم يرتمون في احضان الأرهاب خوفا من بطش سياسة سادية قاسية مع ابناء الشعب .
اليوم انكشف كل شيء وعلى مدى السنوات العشر الماضية لم يتحقق شيء يمكن الأستناد عليه على انه منجز .وعلى مايبدو ان استقرار البلد في ظل ذات العقول التي تحكمه انما هو حلم بعيد المنال ! وان مايسمى بمشروع المصالحة الوطنية لايخدم الاحزاب لذا فهي لن تسمح بتمريره او اقراره بل سعت لشراءه كمشروع ووضعه في رفوف مجلس النواب لتستمر ماكنة القتل الطائفي والتخريب والقمع !
قلنا في مقال سابق ان مشروع المصالحة قد بيع ب 25 مليار دينار من موازنة قيل عنها انها موازنة تقشف ! واليوم يتأكد ماذهبت اليه في مقالي السابق . ولو كانت تلك الجهات تبحث عن مصالح الشعب لآعلنت الانسحاب من عملية سياسية مبنية على قتل الناس وتقسيم البلد .
لكن الاستقالة او الانسحاب سيقطع المغذيات من السحت الحرام لذا فهي تبقىة وطالما ان عمليات الظلم مستمرة والقتل متواصل والحرب تلحقها حرب مقلها ! فلا نتيجة ايجابية يمكن ان ننتظرها من هؤلاء والذين نقول لهم ان خطاباتكم النتنة ستشعل العراق عاجلا ام آجلاً