الحروب هي ملاذ اللحظة الأخيرة حين يصل السياسيون صغاراً أو كباراً إلى لحظة العجز عن تحقيق الغلبة على خصومهم. ومع هول الحروب الكبرى في زهقها للأرواح البشرية وتدميرها الهائل للممتلكات العامة والخاصة، تبقى الحروب الأهلية أكثر بشاعة وفتكاً بالمدنيين وتخريباً لنسيج المجتمعات.. الحروب الأهلية لاتحتاج إلى إعلانات رسمية لاشتعالها أو خمودها، هي كالفيروس السرطاني الذي ينمو أو يتلاشى دون نظام يحركه. إلا أن الحروب الأهلية لها بيئاتها ومقدماتها ورجالها وأمراؤها .
والعراق من أكثر بلدان المنطقة ابتلاء بالحروب.. حروب الاحتلالات العسكرية .. وحروب الجيران .. ونزاعات واحترابات داخلية. لقد خمدت في هذا البلد قبل ست سنوات حرب كاد اشتعالها أن يطول ويكبر، لكن بيئتها ظلت حيّة، ورجالها وأدواتها حتى وإن انسحبوا من المسرح لم يغيبوا .. وقد يظهرون بأشكال جديدة ملائمة السياسيون والاحتلال العسكري في مقدمة من يتحمل مسؤولية ما حصل من حرب أهلية دامت سنتين، وضحاياها الأحياء والأموات لم يعوضوا مادياً ومعنوياً، بل ما زال القسم الكبير منهم في مطحنة التشريد خصوصاً في سوريا التي تعيش حرباً داخلية من نوع آخر، فهناك أكثر من مليون لاجئ سوري خارج وطنهم، وأربعة ملايين في الداخل في حاجة إلى غذاء حسب المنظمات الإنسانية الدولية , كان الفتيل الأول لحرب 2006 و 2007 في العراق هو اختلال التوازن السياسي والاجتماعي في المكاسب والحقوق تحت ظل إجراءات قانونية قاسية شردت مئات الألوف من الشعب ومن المكون العربي السني، في حين حصدت نار الحرب الأهلية عشرات الألوف من الضحايا البشرية بأدوات فرق الموت والمليشيات التي لم يغب شبحها عن نفوس ضحاياها من الطائفتين الشيعية والسنية. لقد كشفت وثائق عدة محلية وأميركية تؤكد قتل الجيش الأميركي المحتل للناس منذ نيسان/ إبريل عام 2003 ، فقد نشرت صحيفة «الغارديان » , البريطانية بتاريخ 7- 3- 2013 وثيقة خطيرة معززة بالفيلم الوثائقي الذي عرض على BBC حيث يؤكد إنشاء البنتاغون بقيادة رامسفيلد لوحدة قتالية ذات طابع .