لم تعدّ للمتابعين والمراقبين التكهنات مجديّة، فالأمور أصبحت واضحة مثل عين الشمس، بعد جملة من الوقائع والاحداث والتصريحات ،بأن العراق هو الساحة الاولى للحرب القادمة، طالت مدة حدوثها أم قصرت،وإن الادارة الامريكية تمّهد الآن لهذه الحرب عن طريق هجمات إسرائيل لمعسكرات، ومواقع الحشد الشعبي والحرس الثوري في العراق وسوريا، وإن إيران تقاتل أمريكا الآن بميليشيات تنتسب للحشد الشعبي في العراق وسوريا واليمن ولبنان حزب الله، وما نراه اليوم من مناوشات بين اسرائيل وايران، ماهي إلاّ قصف تمهيدي لحرب أطول في المنطقة، تشرف عليها وتقودها أمريكا ،وتحالفها الأوروبي والعربي، لمواجهة إيران، التي تعدها راعية الارهاب الاولى في العالم ،هي وأذرعها وميليشياتها وأحزابها في المنطقة
إذن الحرب حتمّية كما لايراها البعض سابقاً، والآن يراها (محتملة)، ولكن دعونا نقلب صفحات التسريبات والتصريحات بين الطرفين، لنتحقق مّما نقول ونحلّل برؤية المراقب والسياسي، لابرؤية المتحامل، فالحرب كارثة ودمار ، ولامنتصر فيها ، ولكنها عندما تكون دفاعاً عن وطنٍ، يراد له أن يُستباح ويدمّر، تكون المقاومة والتضحيات واجبة ، فالحرب بين أمريكا وايران ليست نزهة ،ولاتعدّ واجبة للعراقيين بقدر ماهي تدمّير لبلدهم، وجعل العراق ساحة لتصفية حسابات، العراقيون ليسوا طرفاً فيها ولاسبباً من أسبابها ،فلماذا نقف مع طرف ضد طرف آخر ، وهل التفرّج يُنجينا من كوارثها، الذي ستحدثه على ارض العراق، بالتأكيد سيكون الضحية والخاسر الاكبر هو شعب العراق، بكل قومياته وأطيافه ،وهل يحتاج العراقيون مزيداً من الحروب، بعد الذي جرى لهم من غزو أمريكي همجيّ وحشّي،
وإحتلال إيراني طائفي قومي وعنصري ،أحرق الاخضر واليابس في العراق من أقصاه الى أقصاه، التصريحات العراقية لقادة العملية السياسية والاحزاب، كلهم يرفضون الحرب على أرض العراق بالعلن، وينتقدون الطرفين، ولكنهم يقفون مع ايران ويدعمونها في السرّ،حيث خرج علينا السيد عمار الحكيم يوم أمس قائلاً( نرفض اي يكون العراق مخزن لأي سلاح أجنبي في العراق غير السلاح العراقي، (هنا يقصد ايران)، كما نرفض تكون سماء العراق مسرحاً للعمليات العسكرية (ويقصد إسرائيل)، هكذا تكون (تقية السيد عمار)، فلماذا لايسمّي الأشياء بمسمياتها ،إذا كان حريصاً على وحدة وسيادة العراق وأرضه،ثم تأتي تصريحات أحد قادة الميليشيات التابعة لإيران، الصادمة والمحرجة للاحزاب والحكومة ، والتي يُعلن فيها صراحة، وقوفه بجانب إيران والولي الفقيه ورهن إشارتها ليقاتل معها ولها، بل ويذهب أكثر من ذلك فيهدّد بجعل من في السفارة الامريكيةرهائن عنده، وقصف المعسكرات والقواعد في العراق، وهكذا تصريحات تمهّد للحرب بالإنابة عن ايران،
إذ سبقه نائب قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، بتهديد تنصل منه قائد الحشد الشعبي السيد فالح الفياض، وقال( كلام المهندس لايمثل رأي الحشد وانه رأيه شخصي ) ، إن الطرفان الامريكي والايراني، يعملان بإتجاهين معاكسين في تصريحاتهما ، لكي يصلا الى لحظة الحرب المتمناة من الطرفين، للانقضاض على بعضهما ، فطلب الرئيس ترمب وموافقته على لقاء روحاني بلا شروط مسبقة، هو فخّ لإيران ولكسب الشارعين الامريكي والايراني معاً، كما يتصوره قادة ايران الذي رفضته فوراً ،طالبة إبداء حُسن النيّة أولاً، برفع العقوبات الاقتصادية أو جزءاً منها، والعودة الى الإتفاق النووي ،وهذا ما ترفضه الادارة الامريكية في الوقت الحاضر وتصرُّعلى تنفيذ الشروط ال12 والقبول بها أولاً، هذا السجال العقيم ، هو لكسب الوقت وإنهاك الطرف الايراني إقتصاديا، وخنقه حصارياً، كما يحصل مع باخرة النفط(غريس ادريانا) التي تجوب الموانىء العالمية، دون أن تلقى من سمح لها بتفريغ حمولتها، ال2 مليون طناً من النفط،في وقت تتصاعد جميع الإحتمالات للحرب بين إسرائيل وحزب الله بين آونة وأخرى، خاصة بعد تهدّيد حسن نصرالله لإسرائيل بردٍ فوريٍ قاس جدً، لضربها معسكرات حزب الله وقتل قادته في العراق وسوريا ، وتدمير المركز الاعلامي التابع لحزب الله وقتل من فيه ، فماذا بقي إذن، بقي الموقف العراقي، الذي تحشد فيه الميليشيات التابعة لإيران عسكريا، وتتحضّر لضرب المصالح الامريكية في المنطقة كلها، وليس في العراق فحسب، من خلال الدعوة للتطوّع والتدريب والقتال ، وتوجيه الصواريخ المزودة لها من ايران الى اهداف امريكية ،ووجود مخازن السلاح الايراني في معسكراتها السرية ، والتي قصفت قسم منها الطائرات الاسرائيلية قرب قاعدة بلد الجوية ، ومنطقة الدورة ببغداد وآمرلي وغيرها،
في وقت تقف حكومة عادل عبد المهدي موقف الضعيف العاجز ،عن إتخاذ أي موقف مضاد للميليشيات والحشد الشعبي ، وقد فشل عبد المهدي في تنفيذ قراره بدمج وحل الحشد الشعبي ، والذي صرح بعد القرار مباشرة ،زعيم منظمة بدر هادي العامري رافضاً القرارجملة وتفصيلاً، وقائلا له مامعناه بالضبط( القرار أنقعه وإشرب ماءه)، وفعلاً حصل هذا ونسي عبد المهدي القرار، ولم يعد يتحدث فيه، وبلع الطعم مراً، إذن الموقف الرسمي والحكومي ،هو الموقف الاضعف والافشل، من رئيس الجمهورية الذي ذر الرماد في العيون بأن ( العراق ينأى بنفسه عن لغة المحاور) و(إن العراق يرفض ان يكون ساحة حرب ) ، في حين تتجوّل الطائرات الاسرائيلية والامريكية وغيرها ،سماء العراق وتقصف (براحتها ) أهدافها وتعود دون أي تصريح ولو خجول،إننا لسنا بدولة مؤسسات ، وأنما بدولة ميليشيات تحكم وتتحّكم بالقرار العراقي كله، ويديره من طهران الولي الفقيه،هذه هي الحقيقة التي لايريد الإعتراف بها،
من هو يمسك بزمام السلطة في العراق، خشية على مصالحه أو خوفاً من بطش الميليشيات له، ليبقى العراق في قلب العاصفة ألآن ، وقاب قوسين أو أدنى من حربٍ لاتُبقي ولاتذر،وقودها شباب لحرب لاناقة لهم فيها ولاجمل،فقط من أجل عيون دولة ( الأرجنتين) ، أليست هذا هو مربط الفرس، من الهمبلات والتهديدات التي تطلق هنا وهناك ، وعندما تطلق رصاصة الحرب تهرب وتختفي، هذه الاصوات النشاز وتهرب الى جحورها ،
ياجماعة (مو هيج الحجي)، هذه أمريكا وشفتوها شسوت بغزوها للعراق، إحسبوها صح، وإنقذوا ما تبقى من العراق،فلا أحد سيقف معكم الجميع، سيتخلّى عنكم ، كما تخلّى العرب عن العراق، وادخلوا الجيوش الامريكية من اراضيهم، وتم غزوه وتدميره ، بلى فالعراق تريدونهأنتم وقادة إيران، أنْ يكون ساحة حرب، لتصفية حسابات إقليمية، وإبعاد الحرب عن داخل ايران، ونحن لسنا طرفا فيها ، فلا نقبل هذه الحرب على أراضينا، فلتذهب أمريكا وتقاتل إيران داخل الاراضي الايرانية، ولتذهب إيران وتقاتل أمريكا على أرضها، وتقصف قواعدها العسكرية ومصالحها في المنطقة، و(إجفونا شركما)،فما فعله الطرفان بالعراق، يجعل كلُّ عراقي شريفٍ ،يرفض جعل العراق ساحة حرب أخرى، لصالح جهة بعينها، لسنا حطباً لكم أيها الأوغاد ، نحن شعبٌ عريقٌ، وحضارات عريقة منذ الأزل ، العراق باقٍ رغم أنفِ أعدائه ، واحداً موحداً بشعبه وأرضه ، غير قابل للقسمة والتقسيم، والتاريخ يشهد بذلك، والاحتلالات التي تعرّض لها، تشهّد بذلك ،وآخرها الاحتلالان الأمريكي والإيراني ، ما يجري الاعداد له امريكيا وايرانيا هو الذهاب الى الحرب،رغم دعوات التفاوض والتسويف الايراني والرفض الخجول وتضليل الرأي العام بعدم القبول ماهو الا لكسب الوقت، ولكن الاعداد للحرب من الطرفين هو الاقرب الى الحقيقة ولو يتأخر بعض الشيء إنطلاقتها ، وربما تكون أزمة الباخرة سبباً في إندلاعها، الآن هي ترسو في مياء طرطوس ،بعد أن رفضت تركيا واليونان وغيرها استقبالها وتفريغ حمولتها ،ويبقى السؤال الأبرز والاهم ،هل العراق في قلب العاصفة أم في عينها، نقول بكلّ تأكيد العراق في قلب العاصفة وليس في عينها ،والدليل هي المعطيات على الارض ،وكما ترّونها بلا رتوش….