اياد السماوي
المتابعات اليومية لأسعار النفط العالمية من خلال موقع ( أويل برايس نت ) والتي ينقلها الخبير النفطي الاستاذ حمزة الجواهري عبر الصحافة الألكترونية , تشير إلى أنّ منحنى أسعار النفط ما زال فيه المزيد من الترّدي في الأسعار , إذ لا توجد دلالات أكيدة على إنّ سعر النفط يميل إلى الاستقرار قريبا , فقد يتدّنى إلى ما هو أقل من 40 دولار لبرميل برنت وهذا يعني إنّ النفط العراقي سيباع بسعر يقترب من 30 دولار إن لم يكن اقل من ذلك , وفي كل الأحوال أي معدّل لسعر النفط سيتم اعتماده بأكثر من 40 دولار للبرميل الواحد في قانون الموازنة العامة , سيكون جريمة متعمدّة بحق العراق كدولة وكشعب , طبعا أنا استثني كردستان من ذلك لأنّ كردستان في واقع الحال دولة منفصلة لحالها , وهي المستفيد الوحيد من اعتماد السعر الحالي المقرر والبالغ 60 دولار , وهذا الواقع الجديد يعني إنّ إيرادات النفط العراقي لهذا العام لن تكون أكثر من 40 مليار دولار في أحسن الأحوال , وإذا ما أضفنا إليها مصادر الدخل الأخرى من ضرائب وغيرها فهذا يعني إنّ مجموع الإيرادات العامة لهذه السنة لن تكون أكثر من 50 مليار دولار , وهذا هو الواقع الجديد الذي ينبغي التعامل معه والذي ينبغي بناء الموازنة التشغيلية والاستثمارية على ضوئه .
وإذا ما أحسنت الحكومة التعامل مع هذه الإيرادات بشكل سليم , فإن الكارثة واقعة لا محالة , واقصد بالكارثة إفلاس الخزينة العراقية , ومن المؤسف إنّ الغالبية العظمى من نوّاب الشعب العراقي لا يعون الخطر المحدق بهم وبدولتهم وبشعبهم الذي انتخبهم , فالغالبية العظمة منهم غارق بنوم عميق ولا يدري ما يدور حوله , وحتى الذين يظهرون في وسائل الإعلام للحديث عن الموازنة , لا يفرّقون بين الإجراءات السريعة لتلافي تأثيرات هذا الانخفاض الحاد في أسعار النفط وبين الإجراءات البعيدة المدى المتمّثلة بتنويع مصادر الدخل القومي من الصناعة والزراعة والسياحة , حتى إنّ بعض المتفلسفين منهم الذين يخرجون على القنوات الفضائية ويطالب الحكومة بضرورة تنويع مصادر الدخل القومي يتصوّر أنّ مطالباته هذه ستعود بالمال للخزينة بعد أيام معددوة , فحسن التعامل مع هذا الواقع الجديد الذي عنيته في كلامي والذي يفترض أن يتمّ العمل به من قبل الحكومة , يحتاج إلى إجراءات فاعلة وسريعة تشمل :
أولا : إيقاف كل المنافع والمخصصات والنثريات للرئاسات الأربعة والوزراء والنوّاب وأصحاب الدرجات الخاصة .
ثانيا : إيقاف جيوش الحمايات الوهمية للوزراء والنوّاب والمسؤولين الكبار في الدولة العراقية .
ثالثا : إيقاف جيوش المستشارين الوهميين الذين يتقاضون الرواتب الخيالية والامتيازات من دون عمل .
رابعا : إعادة النظر في رواتب المتقاعدين واستبعاد الوهميين منهم .
خامسا : استبعاد أسماء الموظفين الوهميين المحسوبين على ملاك مؤسسات الدولة وهم مقيمين خارج البلد .
سادسا : إعادة النظر برواتب الشهداء والسجناء السياسيين واستبعاد الوهميين منهم .
سابعا : إيقاف كل الإيفادات خارج وداخل العراق إلا الضروري منها والتي تتعلق بمصلحة البلد والاقتصاد الوطني .
ثامنا : إيقاف كل التخصيصات المالية المتعلّقة بالسيارات والآثاث لكل الوزارات ومؤسسات الدولة والمسؤولين الكبار .
تاسعا : إيقاف كل المشاريع غير الضرورية التي لا تدخل في بناء البنية التحتية للاقتصاد الوطني والخدمات الصحية والتعليمية والبلدية .
عاشرا : استعادة جميع عقارات الدولة التي تمّ بيعها بعد سنة 2003 بطرق لصوصية وغير شرعية .
فتطبيق هذه الإجراءات بشكل سريع سيساعد الحكومة حتما على تخفيض النفقات التشغيلية اللامعقولة وستساهم بتخفيض الفساد المالي والإداري والتسريب الهائل للأموال والموارد وسيمّكن الحكومة من السيطرة على المال العام ومعرفة أوجه الإنفاق بالتحديد , كما إنّ هذه الإجراءات ستجبر الحكومة على التفكير جدّيا بتنويع مصادر الدخل القومي والتركيز على الصناعة والزراعة والسياحة كموارد اساسية للدخل وتحويل الاقتصاد الوطني من اقتصاد وحيد الجانب يعتمد على النفط , إلى اقتصاد متنوّع تكون الإيرادات النفطية جزءا منه وليس الجزء الأعظم كما هي الآن حيث تشّكل ما يقارب 95% من مجموع الإيرادات العامة , أمّا في حالة بقاء الوضع على ما هو عليه من دون أن نكترث لما هو قادم , فهذا سيؤدي بالتأكيد إلى إفلاس الخزينة العراقية خلال شهرين أو ثلاثة .