هل نحن أمام مشهد سياسي جديد؟

هل نحن أمام مشهد سياسي جديد؟
آخر تحديث:

بقلم: أحمد صبري

تلوح بالأفق بوادر تسكين وتصفير الأزمات في منطقتنا وما جاورها التي اكتوت بتداعياتها على مدى العقود الماضية والتي باتت مطلبًا لا بُدَّ من تحقيقه لوقف انحدارها في أتون المجهول.وقمم ولقاءات تصفير الأزمات التي شهدناها مؤخرًا لَمْ تكُنْ وليدة هذه الأيَّام، وإنَّما كانت حاجة وضرورة للشروع بها؛ لأنَّها طبقًا للواقع باتت حاجة وضرورة أملتها الظروف القلقة والخطيرة التي تعصف ببلدانها وتدقُّ أبوابها منذرةً بعواقب وخِيمة جرَّاء استمرارها.لَمْ يَعُدْ خافيًا على أحد حجم التحدِّيات التي تواجه أقطار الأُمَّة وجوارها بعد سلسلة الكوارث والخيبات والحروب التي واجهتها منذ غزو العراق واحتلاله الذي يتطلب جهدًا قوميًّا وإقليميًّا جامعًا لاختراق جدار العزلة إلى فضاء الحوار والتفاهم، وتقريب وجهات النظر بشكل مباشر بَيْنَ أطرافها أو عَبْرَ وسطاء تقف سلطنة عُمان في صدارة وقيادة هذه التحرُّكات السلميَّة التي نجحت في حلِّ وتقريب وجهات النظر بَيْنَ الأطراف المختلفة في أُفق الحل المنشود.

وما يدعو للتفاؤل في دَور عُمان الوازن بالمنطقة أنَّها تمكَّنت من إيجاد أرضيَّة للحوار عَبْرَ رؤية معتدلة تأخذ بنظر الاعتبار المصالح المتوازنة في عمليَّة التفاوض والوساطة بَيْنَ المتخاصمين.وعلى الرغم من أنَّ عُمان تنهض بهذا الدَّور المحوري بعيدًا عن الإعلام، فإنَّها تُحقِّق نتائج تُبشِّر بالخير بعد سلسلة خطوات بذلتها السَّلطنة للوصول إلى مقاربة الحل المنشود عَبْرَ قيادة هذه الجهود بالسِّر وبعيدًا عن الأنظار.وحتى نُنصف هذا الدولة الواعدة (سلطنة عُمان) وقيادتها الحكيمة في عمليَّة تصفير أزمات المنطقة، فإنَّ دَورها ولمَساتها حقَّقت الكثير، لا سِيَّما في السعوديَّة ومصر قطر والإمارات واليمن والبحرين ولبنان وإيران وتركيا، في محاولة لإطفاء الحرائق وتغليب لغة الحوار والتفاهم بَيْنَ دوَلها.

هذا الدَّور الوازن الذي تنهض به عُمان حقَّق نتائج جيِّدة في سَعْيِها لحلِّ الخلافات بَيْنَ أقطار الأُمَّة وما جاورها؛ باعتبارها وسيطًا نزيهًا وعادلًا، وهو الأمْرُ الذي سهَّل المهمَّة لاستمرارها على صعيد تجسير الهوَّة لإيجاد أرضيَّة مشتركة لسُبل الحل بمخرجات مهمَّة على صعيد نزع فتيل الأزمات، ومحاولة حلِّها بالطُّرق السلميَّة بعيدًا عن الخيار العسكري.إنَّ ما تَحقَّق عَبْرَ الوساطة العُمانيَّة في بُؤر التوتر والخلاف والصراع في أكثر من منطقة في أوطاننا، يدعو للفخر والاعتزاز؛ لأنَّه كان وساطة عابرة للمصالح الضيِّقة، ومُلبِّية لمصالح شعوبها وسعادتها عَبْرَ فتح الطريق الموصل إلى هذا الهدف النبيل. إنَّنا وبقدر اعتزازنا بِدَور عُمان المفصلي في تصفير أزمات المنطقة وما جاورها بقيادة جلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ـ فإنَّنا نُثمِّن وبنَفْسِ التوقير والاحترام للسُّلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ الذي أرسى دعائم هذا النهج التصالحي طريقًا للحلِّ والتفاهم المشترك الذي يبني الأوطان، ويسعد شعوبها بعيدًا عن قعقعة السلاح ومخاطره على أمن واستقرار المنطقة. ويقينًا إنَّ منطقتنا والأزمات التي تواجهها ـ رغم خطورتها ـ هي في طريقها للتهدئة وخفض التوتر وصولًا للحلِّ إذا توافرت الإرادة السياسيَّة، والرغبة في تجاوز الخلافات مقرونةً بوسيط نزيهٍ وعادلٍ، وسنكُونُ ـ بإذن الله ـ أمام مشهد سياسي جديد مغاير لِما ورثناه من أزمات وحروب وخصوم بات يتطلب من الحريصين على أمن المنطقة وسلامتها البحث عن المشتركات التي تُعِيد رسم خريطة الحلِّ بنكهة عُمانيَّة عنوانها نحن على أعتاب عصر تصالحي جديد وغدٍ مُشرِق.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *