منذ بداية المرحلة الثانية للحراك الشعبي العراقي ، تحديداً في المحافظات الست المنتفضة بشكل متواصل ، نحو ما يقرب العام ، حذرنا بإستمرار من مغبة السماح لأعضاء من الحكومة والبرلمان الحاليين بالمشاركة بفعاليات وأنشطة الحراك ، لأن مواقفهم ، كاذبة ، ليست حقيقية ، هدفها تحصيل مزيداً من المكاسب السلطوية والمادية ، من حكومة المركز ، وفق إتباعهم لسياسة ” لي الأذرع ” ، بمعنى ان مواقفهم تلك ليست بهدف تحقيق مطالب الحراك الشعبي .
كما حذرنا بشدة من إعتلائهم لمنصات ومنابر الخطب في يوم الجمعة من كل أسبوع ، كي لا يتم تسييرها لصالح أهدافهم السلطوية المادية ، لاشك ان بعض قادة الحراك ومنظمي التظاهرات خدعوا بإحتضانهم أولئك الافاعي والمتلونون .
تزايد أعمال الإغتيال والتصفية ضد قادة ومنظمي الحراك في عموم ارجاء الوطن بالاونة الاخيرة مع قرب موعد الإنتخابات البرلمانية ، وبدء التحالفات والصفقات السياسية الانتخابية ، له دلالات عديدة ، لا سيما وان تقارب جديد قد حصل بين المالكي وشركاؤه “السُنة” باللعبة السياسية الحاكمة ، قنوات غير معلنة للعوام بين المالكي وطاقمه من جهة ، وتلك القوى والشخصيات السنية من جهة اخرى ، المتعطشة للسلطة عبر إستثمار قذر لدماء شهداؤنا الاطهار، أبطال الحراك الشعبي ، إشتغلت لعقد صفقة بخسة مع المالكي ، من أجل ان يعودوا إلى الساحة الحكومية ، فكان لا بد لنجاح صفقتهم تلك ، تصفية قادة الحراك ، الواحد تلو الآخر ، لتحقيق هدفين رئيسيين ، الأول ، إضعاف الدور المتنامي بين أوساط الشباب داخل الحراك والقوى الوطنية الداعية إلى تغيير قواعد اللعبة السياسية برمتها ، والتي تشكل خطرا حقيقيا على مصالح تلك القوى السُنية ” المتآمرة” ، أما الهدف الثاني ، لا يتحقق إلا بإضعاف التيار الوطني عبر إزاحة قادته التي أبرزهم الحراك خلال الاشهر الماضية ، أمثال الشيخ الشهيد خالد الجميلي والشيخ الشهيد قاسم المشهداني ، وآخرين ،اما قتلوا أو همشوا بشكل أو بآخر ، ذلك بهدف إرباك الحراك وشق صفه من خلال زرع الفوضى وإحتواء بعض ضعاف النفوس ، لتبرير خوض القوى السُنية “المتآمرة” مهزلة الانتخابات من جديد وجر المحافظات الست المنتفضة إليها ، فهي مصلحة مشتركة للقوى السنية المتآمرة و المالكي وباقي أطراف اللعبة السياسية الحاكمة ، فتعطي حالة الضعف تلك المبرر القوي والمنطقي للمتآمرين لخوضهم الانتخابات وتسويق أكاذيبهم ، بأنهم الخيار الافضل لجلب الحقوق المسلوبة ورفع الظلم عن المحافظات الست . تبقى تلك هي ذاتها الدعاية الإنتخابية التي يخرجون علينا بها الساسة كلما أقترب موعد الانتخابات البرلمانية .
خلاصة القول ، إن جريمة تصفية قادة الحراك الشعبي ، مصلحة التقى عليها أقطاب اللعبة السياسية الحاكمة ، السُنة ، فيهم قبل الشيعة ، لإجهاض المطالب الحقيقية للمحافظات المنتفضة وجرها إلى المشاركة في الانتخابات البائسة من جديد وفق مقاسات اشد طائفية من السابق ، من أجل إعادة إنتخاب نفس القوى والشخصيات المنتحلة لصفة الوطنية ، وإلا السؤال الذي يطرح في هذا السياق ، لماذا لم تكن عمليات الاغتيال ضد قادة الحراك خلال الاشهر الماضية ؟! ، لماذا الآن تتزايد كلما اقتربنا من موعد الانتخابات؟!.
بات من الضروري للغاية تفعيل الخيار الذي اعلن عنه في وقت سابق ، بتشكيل جيشاً من العشائر المنتفضة لحماية الحراك وقادته ، فنحن اليوم أمام مفترقا من الطرق بفشل أو نجاح الحراك الشعبي ، فلابد من تشكيل جيشاً عشائرياَ مهمته الاساسية توفير الحماية اللازمة للحراك وتوسيع رقعته الجغرافية . لضمان عدم تكرار عمليات التصفية التي تعرض لها رموز وقادة الحراك الشعبي.
يصح وصف أقطاب اللعبة السياسية ، المتورطون بدماء قادة الحراك الشعبي ، بأنهم حلفاء الأمس أعداء اليوم ، وحلفاء اليوم أعداء الغد ، وهكذا ، حسبما يتطلبه المشهد في المسرح السياسي في العراق.