لعل إلبرت انشتاين قد أجاب عن هذا السؤال الذى اراد به التوضيح لما تقوم به المؤسسات المالية والاستثمارية الامريكية واداراتها عندما اقدمت على التخطيط للسيطرة على النفط فى منطقة الشرق الاوسط بقوله “إن المشاكل التي نجابهها اليوم لا يمكن حلها من العقول التي سببتها” .
كل من يهمه وضع العراق الحالي عليه ان يضع امامه الحقائق كما رويت وشاهدها اصحاب الشأن واولهم السياسيون والمفكرون وحملة الاقلام منذ ان اتخذت الولايات المتحدة الامريكية الضوء الاخضر لاحتلاله وتغير نظامه , مخترقة بذلك كل التشريعات والقوانين والمعاهدات الدولية والتي لاتزال الدول ومنظمتها الدولية متمسكة بها وقد احتار الناس في الوصول رؤيةواضحة لمستقبله في ظل الصورة الضبابية الغير واضحة بعد ان كانوا بانتظار الشئ الجديد الذي سيخرج عن ما فعلته من جراء غزوها واحتاروا بما لايمكن التصديق به لما قد تحقق من شعارات اطلقتها امريكا قبل وبعد الاحتلال وبشرت بهاالعراقيين ؟ تحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان والتى لم يتحقق منها اى شئ بل تلقى عكس ذلك تماما , فالقتل وسلب الحريات والفساد الذى اصاب مرافق الحياة وامتلاء السجون با لمعتقلين بدون سبب يدعو الى هذا الاعتقال وانتشار الامراض والبدع الطائفية وما قيل ويقال عن اوضاع العراق قد امتلئت فيها وسائل الاعلام وبكل اشكالها والوانها و لم تجد لها اذان صاغية ورغم تصاعد حدة العنف في العراق، فقد علق خبير أمريكي متخصص ويكشف جانبا يقترب من التفائل للمستقبل العراقي حسب مايراه. ويقول ان النفق الذي يمر به العراق هو نفق طويل ولكن في نهايته ضوء، بهذه الجملة بدأ مايكل نايتس، الخبير في معهد واشنطن للشرق الأدني، تصوراته المستقبلية للوضع في العراق، حيث يرى أنه بعد 20 سنة، سيخرج العراق من محنته “وسيكون دولة رائدة، ومتسامحة، ومنفتحة” هكذا يرى الساسة الامريكان العراق بعد عشرين سنة من الان عند ذلك تبقى التصورات والتحليلات والتغيرات السياسية التي يراها السياسيون والمحللون والخبراء تبقى بحدود الخريطة التي وضعتها له الادارة الامريكية ويعني ذلك ايضا بان حملات القتل والابادة والتهجير والتلويح بالتقسيم هي من الوسائل التي اتخذتها تلك الادارة للسنوات التي تسبق الفترة المعدة لظهور الضوء في النفق المظلم واوضح ان كثير من الصور الاعلامية عن مشاكل العراق
فيها مبالغات: القتل كثير، لكنه أقل مما كان عليه. وأيضا، القتل ليس في العراق وحده بل في دول اخرى .
وفى الواقع فان مااصاب العراق لم يكن يتاتى لو كان للقائميين عليه قبل الاحتلال قليل من الرؤية التاريخية للحروب والازمات التى اصابة منطقة الشرق الاوسط منذ الاعلان عن اكتشاف النفط فيها وبكميات تحتاجها الولايات المتحدة فى بناء مستقبلها فى القرن العشرين والواحد والعشرين لذلك عملت على انهاء العالم من الامبراطورية العثمانية والالمانية فى الحربين العالميتين الاولى والثانية وانتزعت من بريطانيا وفرنسا حقوقها الاستعمارية فى اسيا وافريقيا وخصوصا بما يتعلق بالدول النفطية واولها العراق وهذا مااكده ترومان عندما قال لونستن تشرشل شدوا الرحيل عن منطقة الشرق الاوسط لاننا بحاجة لنفطها ومن هنا تتوضح الصورة للمشروع الامريكى عندما قررت تغيير انظمة المنطقة بانهاء نظام الشاه واحتلال العراق فالدولتين لها من النفط خزين هائل وهي بحاجة لبناء سيطرتهاالماليةو الاقتصادية على العالم عن طريق مؤسساتها البنكية واخضاع وول ستريت الامبراطورية المالية البريطانية لها وجعلها المستشارة المالية لسياستها الاستثمارية فى العالم لذلك فان الازمات ومنطق احتلال الدول تاتى تدريجيا وفق هذا المشروع سيما اذا لاحظنا بان الولايات المتحدة لوحدها تستهلك 20 مليون برميل يوميا وان مؤساتها المالية قد وقعت فى الفخ دون ان تعرف كيف تتخلص منه فالمضاربات مابين المؤسسات الاستثماارية والمالية مازل يشكل محور المشاكل التى عصفت بالاقتصاد الامريكى وقد عبر الرئيس العراقى صدام حسين عن ذلك عندما قال بان الاقتصاد الامريكى سينهارقريبا
لان السياسة الامريكية والتى تقاد بادارة راسمالية العقيدة وباستشارة وول ستريت الامبراطورية المالية التى ساهمت بالوصول الى حالة من المضاربات بالاصول الاستثمارية والتى سميت بالاصول السامة بسبب تحويل مبيعات نفوط ناقلات النفط مئات المرات وتحويلها الى مشتقات نفطية وجزيئات ورقية تعادل مئات المرات من اقيام حمولاتها من النفط الخام قبل ان تصل الى نهاية الرحلة
كما أسلفنا فإن حجم المشتقات التي سميت أيضاً بالأصول السامة قد بلغت حوالي 650 تريليون دولار . . رقم خرافي حينما نعلم أنه حوالي 50 مرة أكبر من حجم الاقتصاد الأمريكي السنوي .
كان النظام الاقتصادي المقامر الجديد يتطفل على الاقتصاد المنتج بواسطة مضاربات جعلت من الاقتصاد كازينو مقامرة . نتج عن تلك الممارسات الأزمة بعد الثمانينات اضطرت الحكومة الفيدرالية للتدخل لمساعدة 650 بنكاً، لم تجد تلك المساعدة سوى أنها ساعدت المدخرين على سحب ودائعهم قبل انهيار تلك البنوك . كان هناك أيضاً انهيار بورصة الأسهم الأمريكية بواقع 30% من قيمتها في ساعات، وتبع ذلك انهيار بنوك الادخار ما كلّف دافعي الضرائب الأمريكي 250 مليار دولار لإنقاذها . منتصف التسعينات، تلتها أزمة جنوب شرق آسيا، وكل ذلك نتيجة مضاربة قلّة من مضاربي العملات والأسهم في أسواق تلك البلدان تحت طائلة العولمة ما أدى إلى انهيار مالى والذي اضطر البنك المركزي الأمريكي للتدخل لمنع انهيار شامل للنظام المالي . كما تم انهيار سوق نازداك وإفلاس العديد من الشركات نتيجة انهيار فقاعة التسعينات والتي أرادت إدارة بوش بمعالجتها عن طريق فقاعة أكبر أوصلت الاقتصاد الأمريكي والعالمي إلى ما هو عليه منذ سنة 2008 لكن المشكلة ان تلك العقول المسببة للازمة كما يقول اتشتاين هي التي عهد إليها الحل وكذلك حسب القول الشعبي: حاميها حراميها . . . كذلك فهولاء هم من يمتلكون الولايات المتحدة اذن من تم انقاذهم؟ انهم نفسهم مالكو امريكا
ومسببو الأزمة أنفسهم كما عبر البرت انشتاين ولكن تلك الأصول السامة ما زالت سامة، إلاّ أن الحكومة سمحت بإخراجها من ميزانيات البنوك خلافاً للأعراف البنكية لأنه لو تمت إضافتها إلى ميزانيات تلك البنوك لأصبحت كل البنوك الكبرى في الولايات المتحدة مفلسة بكافة المعايير البنكية . ومع ازمة ديون اوروبا كما ان ازمة العقارات ستتفجر قريبا كما يقول البروفيسور وارن
– وأن نسبة البطالة ستكون أقل كثيراً من التوقعات .
– وأن أصحاب الواحد في المائة مالكي أمريكا سيتجهون إلى خفض الرواتب والمستحقات لهؤلاء المساكين الذين عانوا أصلاً من ممارساتهم . إن ما نراه اليوم ليس تباطؤاً، ولا كساداً- إنه أزمة نظام .
وما العمل: لعل ما قاله عيسى عليه السلام
“وذهب المسيح إلى الهيكل . . . وقلب طاولات تجار المال وقال لهم إن هيكلي هو للعبادة، لكنكم حوّلتموه إلى وكر للصوص” .