اياد السماوي
مؤتمر يعقد في مدينة عراقية وتحت رعاية سلطة إقليم يفترض أنّها جزء من الدولة العراقية , ويحضره ممثلون عن سفارات دول أجنبية وممثل الأمين العام للأمم المتحدّة في العراق , ويحضره كذلك نائب رئيس الجمهورية ونوّاب أعضاء في مجلس النوّاب ومحافظون وأعضاء مجالس محلية لمحافظات الغرب العراقي السنّي , ويحضره إضافة إلى هؤلاء جميعا , شخصيات عراقية مطلوبة للقضاء العراقي بتهم الإرهاب والبعض منهم صادرة بحقه أحكاما بالاعدام , وبغض النظر عن القرارات والتوصيات التي خرج بها هذه المؤتمر والتي سأتناولها في مقال قادم انشاءالله , هنالك شيئ غامض ومبهم ولا أحد يعرف سبب غموضه , ألا وهو الموقف الرسمي للحكومة العراقية من هذا المؤتمر , فليس هنالك نظام في العالم يقبل أن يعقد على أرضه مؤتمر يحضره ممثلون عن دول أجنبية ومسؤولين حكوميين رفيعي المستوى , وفي نفس الوقت يحضره العديد من الشخصيات المتوّرطة بالقتل والمدانة من قبل القضاء , إلا العراق , فهو البلد الوحيد الذي يحدث فيه مثل هذا .
فإما أن يكون هؤلاء المدانون أبرياء وأنّ الأحكام الصادرة بحقهم هي أحكام كيديّة ناتجة عن تهم فبركها رئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي ضد خصوم له بالتواطئ مع السلطة القضائية , وفي هذه الحالة يجب على السلطة القضائية إسقاط كل هذه الأحكام وتبرئة جميع المدانين بها , ومعاقبة الجهات القضائية التي تواطئت و أصدرت هذه الأحكام باعتبارها أحكام جائرة , وأمّا أن يكون هؤلاء المدانون متورطون فعلا بجرائم الإرهاب والقتل وأنّ الأحكام الصادرة بحقهم هي أحكام قضائية صدرت بموجب شواهد وأدلة جرمية لا تقبل الشك أو الطعن بصحتها, وإنّ القضاء الذي أصدر هذه الأحكام ضدّهم كان قضاءا عادلا ولم يكن متواطئا لا مع المالكي ولا مع غيره , ففي هذه الحالة كان المطلوب من حكومة الإقليم أن تقوم باعتقال جميع هؤلاء المطلوبين وتسليمهم للقضاء العراقي لينالوا جزائهم العادل بما اقترفوه من جرائم , كون كردستان جزء من الدولة العراقية وقوانين القضاء العراقي سارية على كامل التراب العراقي بما فيه إقليم كردستان , كما كان مطلوبا من الحكومة الاتحادية أن تمنع حكومة الإقليم من إقامة هذا المؤتمر باعتباره تحد صارخ للقانون وانتقاص من السيادة الوطنية , وتصدر تحذيرا شديدا لكل مسؤول ينوي المشاركة في أعماله , كما كان من المفروض على وزارة الخارجية العراقية أن تصدر تحذيرا لممثلي سفارات دول العالم وممثل الأمين العام في العراق من المشاركة أيضا , باعتبار أنّ هذا العمل انتقاص صارخ من السيادة الوطنية , فهل يستطيع السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يوّضح للشعب العراقي ما هو موقف الحكومة العراقية الرسمي من هذا المؤتمر والمشاركين فيه , أم أنّه سيبقى صامتا ؟ وما هو موقف وزير خارجيتنا الموّقر من هذا التجاوز على السيادة الوطنية ؟