بغداد / شبكة اخبار العراق : سجل مرصد الحريات الصحفية إرتفاعاً ملحوظاً في معدلات العنف والقيود المفروضة على عمل الصحفيين والإعلاميين، تصاعدا نوعيا ملحوظا، تسانده في ذلك السلطات التي تقوم بمساع مثيرة للقلق للسيطرة على التدفق الحر للمعلومات وممارسة الضغط على الصحفيين الميدانيين لمنعهم من ممارسة عملهم، وذلك بإصدار حزمة من القوانين المشددة التي تحد من الحريات الإعلامية وحرية التعبير، فيما لايزال العمل الصحفي الميداني وحمل الكاميرا أمرا معقدا للغاية، حيث تحصر السلطات أمر السماح لحركة الصحفيين وتجوالهم بالقيادات العسكرية والأمنية في جميع المدن العراقية، ويتعرض الصحفيون في أغلب الأحيان للمنع من التصوير والتغطية الإعلامية ما لم يحصلوا على موافقات أمنية مسبقة تكون معقدة وكيفية في الغالب، وعلى حد تعبير صحفيين بارزين يديرون غرف الأخبار في المحطات المحلية فإن السلطات تتعامل مع كاميرا المراسلين كتعاملها مع الأسلحة غير المرخصة أو أصابع الديناميت والسيارات المفخخة . وسجل مرصد الحريات الصحفية عمليات تثير القلق قامت بها أجهزة الإستخبارت العسكرية ضد الصحفيين، مؤشرات العنف والإعتداءات المنظمة ضد الصحفيين تمثلت هذا العام بمصرع 3 صحفيين بهجمات مسلحة، منها عملية واحدة تمت بتخطيط محكم لمذيع وفنان بارز كان ناشطا في الإحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدها العراق العام الماضي. كما سجلت 31 حالة إعتداء بالضرب تعرض لها صحفيون ومصورون ميدانيون من قبل قوات عسكرية وأمنية ترتدي في بعض الأحيان زيا مدنيا، كما أحتجز وأعتقل 65 صحفياً وإعلاميا تفاوتت مدد إعتقالهم وإحتجازهم، في حين سجلت حالات المنع من التصوير أو التغطية، أعلى مستويات لها وسجل المرصد في هذا الأطار 84 حالة، مع إستمرار التضييق على حركة الصحفيين التي سجل منها 43 حالة. كما جرى رصد 12 حالة إعتداء تضمنت تحطيم المعدات أو مصادرتها من قبل القوات الأمنية، في حين داهمت القوات العسكرية مؤسستين إعلاميتين وأغلقت السلطات المحلية في الديوانية إذاعة محلية، و نجا 7 صحفيين من إستهدافات مسلحة، وأصيب 3 منهم بجروح بالغة الخطورة . وفي حالات أخرى من السعي لفرض السيطرة على الإعلام، تحاول الحكومة العراقية السيطرة على التدفق الحر للمعلومات والحد من مستوى المعرفة لدى المواطنين وفرض الرقابة والسيطرة على الشبكة الدولية للمعلومات الأنترنت في البلاد، وطرحت قوانين أخرى للحد من الحريات الصحفية وحرية التعبير. وتعمل مؤسسات حكومية وعسكرية وأمنية للسيطرة على المعلومات والحد من حرية الصحافة، تشاركها في ذلك هيئة الإتصالات والإعلام المستقلة التي تبذل جهودا مستديمة لفرض قيود على تدفق المعلومات والهيمنة على شبكة الأنترنت بالتعاون مع وزارة الإتصالات. وفي تطور خطير تحذر منه الأوساط المدنية والناشطين في مجال حرية التعبير، تحاول الحكومة الضغط على البرلمان لتشريع سلسلة قوانين تهدف بشكل واضح إلى تقييد حرية الصحافة وفتح الطريق أمامها للسيطرة على الإعلام في العراق، وقد مرر البعض منها فيما لا يزال جزء آخر في أجندة مجلس النواب العراقي. ووجهت السلطات التنفيذية ضغوطات كبيرة لإجراء تغييرات في قطاع الإعلام لصالحها، حيث نجحت بالتعاون مع نقابة الصحفيين العراقيين في إصدار قانون “حقوق الصحفيين” الذي يتناقض في كثير من جوانبه مع المعايير الدولية لحرية التعبير، وقد نص القانون على أن الصحفيين يتمتعون “بالحق في الحصول على المعلومات والأخبار والبيانات والإحصائيات في حدود القانون”، فيما يخشى الصحفيون أن يكون التقيد بـ”القانون” مجرد حدود غامضة سيمكن للسلطات إستخدامها لتقييد محاولتهم الوصول الى الحقيقة، حيث تخلق هذه الجوانب الغامضة عوائق غير ضرورية أمام إمكانية الحصول على المعلومات. وعدت الحكومة مسودة قانون جرائم المعلوماتية، وهي مسودة لا يتوفر فيها ضمانة حقيقة لحرية التعبير وتداول المعلومات، اذ تفرض قيودا قاسية على حق حرية التعبير و حق حرية الوصول الى المعلومات. وجميع احكام القانون غير معرفة بشكل جيد، واغلبها يمنح القانون قوة واسعة لا يمكن فهمها، وتتضمن عقوبات تصل الى السجن المؤبد.أما مشروع قانون حرية التعبير وحرية التجمع فيسمح للسلطات بالتضييق على الحقوق المحمية بدعوى “المصلحة العامة” و”النظام العام أو الآداب العامة” دون وضع حدود أو تعريفات لهذه المصطلحات. وكذلك التجريم المقترح لحرية التعبير فيما يخص “الإهانات” للرموز “المقدسة” أو الأشخاص، مما يعتبر خرقا واضحا للقانون الدولي. وشهد هذا العام قيودا أكثر من ذي قبل على حركة الصحفيين وتنقلهم بين المناطق والمدن، وهو ما يبدو مستحيلاً دون الحصول على موافقات مسبقة للقيام بأي مهمة صحفية وهي موافقات تصدرها القيادات العسكرية في كل مدينة على حدة. وفي هذا الإطار تحدثت وزارة الداخلية بشكل مثير للقلق بشأن حرية الصحافة على لسان وكيلها عدنان الأسدي في 31 تموز يوليو الماضي، حين إعتبر حرية الإعلام في العراق أمرا “قد يشكل اليوم تهديداً للأمن الداخلي” مضيفاً إنه “لم يعد يجدر بالصحفيين أن ينشروا أية أنباء تتعلق بقضايا القتل والاعتقالات من دون موافقة الوزارة” وذلك بحجة غياب الاستقرار الأمني. وعادت الوزارة مرة اخرى في 3 نيسان ابريل الماضي لتعلن من جديد انها “ستحاسب من ينقل الأخبار والمعلومات عن مصادر مجهولة” متوعدة بمحاسبة المخالفين. مؤسسة DW وعدد من المؤسسات الإعلامية الدولية أعربت بدورها عن قلقها إزاء ارتفاع العنف والترهيب الذي يتعرض له الصحفيون في عدة مناطق من العالم على غرار سوريا ومصر واليمن، محذرة من أن ذلك يعرقل العمل الصحفي الدقيق في هذه المناطق.جاء ذلك في بيان صادر عن ممثلي مؤسسة دويتشه فيله الألمانية (DW) وهيئة الإذاعة الاسترالية (ABC) (استراليا)، وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) (المملكة المتحدة)، ومكتب الإذاعات الدولية الأمريكية (BBG) وإذاعة مونت كارلو الدولية (FMM) (فرنسا) ، بالأضافة إلى هيئة الإذاعة اليابانية (NHK) وإذاعة هولندا العالمية (RNW) (هولندا): بأن “زيادة أعمال العنف والترهيب ضد الصحفيين يعني إعاقة عمل الإذاعات الدولية”.وعبرت هذه المؤسسات الإعلامية عن موقف مشترك إزاء ذلك بالقول: “نحن نشعر بقلق بالغ نتيجة تصاعد أعمال العنف والتهديد ضد الصحفيين في بعض المناطق من حيث العدد والحدة”.يذكر أنه خلال هذا الشهر فقط، قتل في مالي اثنان من الصحفيين العاملين بإذاعةRFIالفرنسية، وهي جزء من إذاعة فرنسا الدولية الموقعة على هذا البيان. وخلال هذا العام، قتل ستة صحفيون في مصر وثمانية في سوريا، بينما قتل اثنا عشر في الصومال وباكستان واثنان في المكسيك.وفي اليمن، زادت حوادث الاعتقالات والتهديدات والعنف التي يتعرض لها الصحفيون، حيث لقي حوالي ستين صحفيا ومدونا مصرعه خلال هذا العام، بينما اُعتقل 340 آخرين.وتثير قضية اعتقال المدون الجزائري عبد الغني علوي وحبسه استغراب مدونين وتنديد منظمات حقوق الإنسان في الداخل والخارج، وهناك تخوفات في الجزائر من تراجع حرية التعبير بسبب عدد من الإجراءات السالبة للحقوق الأساسية. (24.10.2013)وجاء في البيان أيضا: “نحن قلقون من أن قرار مجلس الأمن رقم 1736 لعام 2006 (الذي يذكر أن الاعتداءات على الصحفيين والمدنيين في حالات الصراع قد يعتبر جريمة حرب، وأن جميع الدول ملزمة بالتحقيق في هذه الحالات ومقاضاتها) لم يؤد إلى تحسن في الوضع”.وأعربت المؤسسات الإعلامية الدولية عن ترحيبها “بمناقشة مجلس الأمن في 17 يوليو/تموز هذا العام ونشدد على كلمة نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون، حيث حث مجلس الأمن على الوقوف ضد قمع حرية الإعلام”.وطالبت دويتشه فيله ونظيراتها من المؤسسات الإعلامية الدولي “مجلس الأمن بأن يكون أكثر إيجابية في رفع الوعي العالمي بهذه المشكلة، خاصة فيما يتعلق بإفلات من يعتدون على الصحفيين والإعلاميين من العقاب. في الكثير من الحالات، يقتل الصحفيون، ولا تفعل الحكومة إلا القليل أو لا تفعل أي شيء”.