65 مليار دولار العجز في الموازنة وانكماش اقتصادي بنسبة 12% في ظل نظام متأزم
آخر تحديث:
بغداد/شبكة أخبار العراق- يتحدث مسؤولون عراقيون، عن عجز مالي هائل في موزانة 2021 يتراوح بين 71 إلى 80 تريليون دينار (65 مليار دولار)، ويعد بذلك أعلى رقم في تاريخ البلاد بحسب مراقبين، في وقت كشف فيه وزير المالية علي علاوي يوم 25/1/2021 عن مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قرض بقيمة 6 مليارات دولار، وإنقاذ اقتصاد العراق الغارق في المشاكل.ويقول عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر، إن “اللجنة المالية تواصل النظر في المشروع من أجل تهيئته بنسخة معدلة وعرضها للتصويت في مجلس النواب”.وبشأن التعديلات المتوقعة، ذكر كوجر أن “الكتل تسعى لتقليل نفقات الموازنة من 164 ترليون دينار إلى 120 أو 135 ترليون دينار،وإذا ما حصل ذلك فسيقلل من حجم العجز المالي”.وتابع، في تصريحات صحفية، أن “اللجنة المالية تعمل أيضاً على إضافة 20 ترليون دينار إلى الإيرادات، من خلال رفع سعر النفط المُصدر إلى المصافي العراقية لدعم تغطية الاستهلاك المحلي والبالغ مليون برميل، يباع الواحد منها حالياً بسعر رمزي هو 5 دولارات”.
ووفق مشروع الموازنة تبلغ النفقات 164 تريليون دينار (112 مليار دولار) بعجز مالي يصل 71 تريليونا (48 مليار دولار)، يعده مراقبون عجزا تاريخيا في البلاد المصدرة للنفط.وكان النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن كريم الكعبي، قد أكد “بأن البرلمان يعمل على توفير التخصيصات المالية لرواتب الموظفين والعقود والأجراء والمحاضرين المجانيين”، مبيناً أن “البرلمان يعمل على تقليل الإنفاق وخفض العجز قبل التصويت “قريباً” على مشروع قانون الموازنة الاتحادية 2021″،وقال الكعبي في حديث لصحيفة ”الصباح” شبه الرسمية: إن “مجلس النواب سيأخذ بنظر الاعتبار المبادئ الأساسية في الموازنة المتمثلة بتقليل حجم الإنفاق البالغ 164 ترليون دينار، وخفض العجز البالغ 44 % بمبلغ 71 ترليون دينار من مجموع الموازنة التخمينية البالغة 93 ترليون دينار، والتي حددت على اساس سعر النفط 42 دولارا للبرميل الواحد”.ويرى اقتصاديون أن لجوء العراق إلى تخفيض العملة من أجل سد عجز الموازنة العامة بسبب تزايد النفقات، لا يحقق الهدف بالمستوى المطلوب، إذ إن القطاعات الحقيقية، الصناعة والصناعات التحولية والزراعة والخدمات في أدنى مستوياتها، ونسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي منخفضة.
وتعتبر صادرات العراق غير النفطية قليلة جداً، ولا تشكل أي نسبة في الميزان التجاري، والقطاع الخاص غير فاعل أيضاً، والنهوض بهذه القطاعات سيستغرق سنوات طويلة مع وجود خطط وسياسات فعالة، وعادة يجري تخفيض قيمة العملة المحلية في الدول التي لها قدرات تصديرية عالية، كما أن السياسة الجمركية غير فاعلة في الوقت الحاضر، وهي تمثل الأساس لحماية المنتوج المحلي لتحفيز الإنتاج.
وأكدت اللجنة المالية النيابية، أن حجم العجز في الموازنة لن يبقى 71 ترليون دينار، مشيرة الى أنها جادة في إجراء تغييرات على الموازنة بما ينسجم مع الوضع الحالي للبلد.وقال مقرر اللجنة النائب احمد الصفار في تصريح صحفي إن “الانفاق العام في الموازنة سيشهد تخفيضاً واضحاً”، لافتاً الى أن “اللجنة حددت جيوب ونقاط واضحة في الموازنة ستمكن الحكومة من تعظيم الايرادات”.واضاف الصفار أن “حجم العجز في الموازنة سيخفض ولن يبقى 71 ترليون دينار ،وأن التغيير سيطال حتى سعر النفط الذي احتسبت بموجبه الموازنة”، مبيناً أن “اللجنة جادة في إجراء تغييرات على الموازنة بما ينسجم مع الوضع الحالي للبلد ،وبما يحقق أفضل استخدام أو استغلال للايرادات العامة”.
وتابع أن “هناك بعض النقاط الخلافية وبعض النقاط التي تحتاج الى تكرار الاستضافات لان اللجنة بحاجة الى معرفة بعض وحدات الانفاق وتحتاج الى معلومات أكثر لتتمكن اللجنة من تحديد وبشكل دقيق المبالغ التي تحتاجها هذه الوحدات”، مشيراً الى أن “اللجنة لا تحتاج أكثر من عشرة أيام أو أسبوعين للوصول الى دراسة نهائية للموازنة”.ولا يزال طرح التساؤلات مستمراً حول المؤشرات المالية والاقتصادية للعراق في العام المقبل، خصوصاً مع استمرار مؤشرات انخفاض أسعار النفط والمديونية العالية للبلاد، وانخفاض الاحتياطيات في البنك المركزي الذي ربما يؤثر بشكل كبير على أسعار العملة المحلية، ودفعت هذه الإشكالات الحكومة العراقية إلى اللجوء للاقتراض في أكثر من مرة، لتسديد رواتب الموظفين والنفقات التشغيلية الأخرى.
وتثير التقديرات المتوقعة لحجم العجز في مشروع الموازنة جدلاً اقتصادياً كبيراً، ويرى متخصصون بضرورة تقليل الإنفاق واعتماد صيغ تقشفية في إدارة الموارد المالية نظراً للمؤشرات المالية التشاؤمية للعام المقبل أيضاً.ويشير أستاذ الاقتصاد عبد الرحمن المشهداني، إلى أن حديث نواب في البرلمان عن عجز كبير في موازنة 2021، يعطي انطباعاً بـ”اعتماد الحكومة على تقديرات الورقة البيضاء في إعداد مشروع الموازنة، والتي قدرت بنحو 153 تريليون دينار (نحو 130 مليار دولار)”، مبيناً أنه “إذا اعتُمد هذا الرقم سيفوق مقدار العجز حدود الـ72 تريليون دينار (نحو 60 مليار دولار)، وهذا رقم هائل”.
ويؤكد المشهداني، في تصريحات صحفية، أن “الأرقام المعقولة” لتضمينها في مشروع الموازنة يجب “ألا تتجاوز حدود 63 مليار دولار”، مضيفاً، “وفق البيانات الاقتصادية المتوفرة، فإن الإيرادات النفطية للعراق للعام المقبل، ستصل إلى نحو 42 مليار دولار، وغير النفطية نحو 8.5 مليار دولار، ما يؤدي إلى عجز لا يتجاوز حدود 12.5 مليار دولار، وهذا منطقي وغير مقلق”.وأشار إلى أن “الحلول المتوفرة أمام الحكومة ترتبط بـ”ترشيد الإنفاق وتحديد الموازنة بحدود معقولة”، لافتاً إلى أن “العراق في أفضل الأحوال لم يحقق إنفاقاً أعلى من 85 تريليون دينار (نحو 71 مليار دولار)، عدا العام 2013 الذي بلغ فيه حجم الإنفاق نحو 100 تريليون دينار (84 مليار دولار) وشابته شبهات فساد”.
وقال، “كل الدلائل تشير إلى أن العام الحالي سيكون صعباً من الناحية المالية، بعد أن استنزف العراق قدراته العام الماضي، إذ انخفضت احتياطيات البنك المركزي إلى 54 تريليون دينار (نحو 45 مليار دولار) بعد أن كانت 67 تريليون دينار (56 مليار دولار)، وتراكم الدين الداخلي، ومؤشرات أسعار النفط ستبقى بين 40 و50 دولاراً للبرميل”.
ويوم أمس25/1/2021، أكد وزير المالية علي علاوي أن العراق مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قرض بقيمة 6 مليارات دولار، لإنقاذ اقتصاده الغارق في المشاكل فيما أدلى بمؤشرات ايجابية بشأن عجز موازنة 2021 وربطها بارتفاع اسعار النفط.ونقلت وكالة بلومبيرغ عن علي علاوي، أنه “وبمجرد موافقة البرلمان العراقي على خطة الإنفاق الخاصة بعام 2021، سيمكن للحكومة طلب تمويل سريع بقيمة ملياري دولار من آلية التمويل الطارئ التي خلقتها صندوق النقد الدولي لفائدة الدول المتأثرة بتداعيات فيروس كورونا.
وقال علاوي إن “العراق يمكنه بعد ذلك طلب قرض ثانٍ منخفض التكلفة بقيمة 4 ملاييK دولار من برنامج صندوق النقد الدولي الخاص بإصلاح الحكومات”.وأوضحت الوكالة الأميركية أن تمويل صندوق النقد الدولي من شأنه أن يغطي جزءاً صغيراً من العجز المتوقع في الميزانية، لكنه من شأنه أن “يخفف من حدة استنزاف احتياطي العراق من العملات الأجنبية”.
وكانت الحكومة العراقية اضطرت في العام الماضي إلى اقتراض أكثر من 25 مليار دولار من البنك المركزي من أجل دفع رواتب موظفي القطاع العام وتلبية المتطلبات المالية الأخرى.ولفتت “بلومبرغ” إلى أن الحكومة العراقية تخطط أيضاً للاعتماد على أدوات تمويلية أخرى للمساعدة في تغطية العجز، إذ قال علاوي إنه بمجرد الموافقة على الميزانية، ستتحرك الحكومة أيضاً لإصدار سندات محلية بقيمة 5 مليارات دولار .
وبالنسبة للسندات الدولية، قال وزير المالية العراقي إن “القروض الدولية باهظة الثمن إلى حد ما”، مضيفاً: “لا أعرف ما إذا كانت هناك رغبة في شراء السندات العراقية. العودة إلى هذه الأسواق الآن يبقى أمراً صعباً “.وقالت “بلومبرغ” إن متوسط عائدات سندات العراق الدولارية يبلغ 8.3%، مضيفة أنه في من أعلى المستويات لأي حكومة على مستوى العالم، حسب مؤشرات بلومبرغ باركليز.
ويعانى اقتصاد العراق منذ انهيار أسعار النفط العالمية بسبب جائحة فيروس كورونا. وبالرغم من أن أسعار النفط تعافت خلال الفترة الأخيرة، ما تزال العراق تكافح لتغطية تكاليفها وتفادي تفاقم العجز المالي.وفي العام الماضي، تجاوزت العراق حدود الإنتاج المتفق عليها مع مصدري النفط الآخرين في مجموعة “أوبك +”، بهدف جمع السيولة التي يحتاج إليها اقتصادها.
لكن العراق ملتزم بالتعويض عن الإنتاج الزائد خلال الأشهر الماضية، وفقاً لوزير المالية العراقي، الذي أكد لـ” بلومبرغ” أن “العراق سيحترم الحصة المحددة لإنتاج النفط ضمن تحالف “أوبك+” لأنها تساعد على خفض مخاطر انهيار الأسعار”.وأشاد علاوي بخفض السعودية المفاجئ للإنتاج بواقع مليون برميل هذا الشهر، مما ساعد أسعار النفط على الارتفاع.وأوضح علاوي إن “عجز ميزانية العراق قد يتقلص بنسبة 25% هذا العام إذا ظلت أسعار النفط حول مستوياتها الحالية البالغة 55 دولاراً للبرميل.
ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد العراقي بنسبة 12% في عام 2020 -، وهي النسبة الأعلى بين دول أوبك، وشهدت عجزاً في الموزانة بلغ 22% من الناتج المحلي الإجمالي.وخفض العراق قيمة عملته العام الماضي بأكبر قدر على الإطلاق لتقليل الضغط على المالية العامة في وقت يحاول فيه تأمين مساعدات خارجية بمليارات الدولارات.