خذلني قلبي حينَ أنذرني بأنه قد يصمت صمتاً أبدياً إذا لم أستسلم لأجهزة الطب وتقنياته لتفعل فعلها في الشرايين المتكلسة جراء القهر والكمد وتراكمات العمر!
لحظة تغلغل البالون إلى أعماق الشريان الرئيس الذي يغذي البطينين والأذينين بالدم كان يمكن أن يحدث كل شيء، وكان يمكن أن لا يسعفني العمر لأقول كلمتي الأخيرة، لكن الحمد لله على كل شيء وعلى أي شيء!
في أيام النقاهة لم أنسَ ذكرى ولادة المشرق، ولم تخني الذاكرة في استذكار ميلاد العروسة التي بتنا نباهي بها قريناتها فنجدها الأبهى والأجمل والأكثر نجومية وانتشاراً، نعم هي المشرق وحسبها اسماً ومسيرةَ وتاريخاً!
عشت لحظات ولادتها لحظة بلحظة، وكتبت فيها أولى القصص ومازالت مواظباً على قصصها من غير أن أشعر بأن قلمي قد هرم، أو أن ارتجافة قد انتابت أصابعي، على العكس، أشعر بأنها أسعفت قلبي وهو معتل، وخصبت خيالي الذي أرادت له الأيام أن يجف ويجدب!
أحد عشر عاماً وحبل سري يربطنا بالمشرق لا نستطيع الفكاك منه أو الخلاص من سحره.. أحد عشر عاماً مرت وكأنها سويعات أو أيام، انقضت كغمضة عين أو رمشة جفن، لكنها بلا شك مثقلات بما تنوء تحته الجبال!
المشرق دخلت سنة جديدة من عمرها وتجاوزت عقدها بعامين.. تتجدد وإن شاخ روادها.. تبزغ في زمن الانطفاءات والخيبات.. لا بأس عليكِ أيتها العروسة الباذخة.. من حقكِ أن تتمعني بوجهك في المرآة لتعرفي وتتيقني أنكِ قد نضجتي كثيراً من غير أن يترك الزمن على قسماتك شيئاً من قساوته وتراكماته.
شكراً للمشرق التي أسعفت قلبي وجعلتني أتمرد على توصيات الأطباء فأكتب مهنئاً مستبشراً فرحاً في ذكرى انطلاقتها التي ستظل تشرق بالتجدد.. تشيع في نفوسنا أملاً بأن في العمر ثمة بقية تكفينا لنرى العراق معافى وأهله مزهوين بحياة هانئة عزيزة.
السلام عليكم